الاقتصاد اللبنانية: رفع الدعم الاستهلاكي يقود للدعم النقدي

أخبار لبنان

الاقتصاد اللبنانية: رفع الدعم الاستهلاكي يقود للدعم النقدي

11 كانون الأول 2020 09:54

ضمن تفنيد رفع الدعم الذي تلوح به وزارة الاقتصاد بوجه اللبنانيين وفي قراءة لرؤية وزيرها راوول نعمة، الذي اعتبر أن الأغنياء هم أكثر من استفادوا من الدعم الذي بدأ منذ تشرين الأول 2019. حجته في ذلك أن 80 في المئة من هؤلاء يمتلكون سيارات، مقابل 24 في المئة فقط من الفقراء. وبالتالي، يذهب إلى الإشارة إلى أن 6 في المئة من الدعم المخصّص للوقود الذي يُستعمل في النقل يذهب إلى الفقراء، مقابل 55 في المئة يستفيد منه الأغنياء، فضلاً عن الأجانب المتواجدين في لبنان واللاجئيين من سوريين ولبنانيين.

صحيفة الأخبار اللبنانية وفي مقال كتبه إيلي فرزلي أشار إلى أنه في هذا الخصوص قدمت الوزارة توصية من مرحلتين، في المرحلة الأولى تقترح تخفيضاً لبرامج الدعم التي يُنفّذها المصرف المركزي حالياً، وهو ما سيجري قريباً. وفي المرحلة الثانية، التي تقدّر الوزارة أن عملية الانتقال إليها تحتاج إلى ما بين شهرين وثلاثة أشهر، يتم التخلّي عن مبدأ دعم السلع، للبدء بالدعم النقدي للأسر عبر برنامج موسّع للأمن الاجتماعي بالتعاون مع البنك الدولي.

وأضافت الصحيفة أن الوزارة تسعى بالانتقال للمرحلة الثانية لتوفير كمية كافية من الدولارات التي يستعملها مصرف لبنان، وبالتالي فإن الأموال القابلة للاستعمال منا زعم وزير الاقتصاد لن تكفي لأكثر من أسبوع إضافي، الحسبة تلك تشير إلى أن المصرف يستهلك 400 مليون دولار في الشهر، ومع تخفيض 100 مليون دولار، فإن المبلغ سيكفي لـ 34 يوماً بدلاً من ثلاثين.

ويؤكد نعمة على تأمين المستوردين بالعملة الصعبة من السوق السوداء، وبالتالي الضغط على سعر الصرف وزيادة في التضخم وزيادة الضعف في القدرة الشرائية، ولذلك يقترح مواجهة هذا المنحى من خلال دفع المستوردين إلى استعمال أموالهم الخاصة الموجودة في المصارف الخارجية لاستيراد السلع، وكذلك دفعهم إلى تحويل العملات الأجنبية إلى لبنان، طالما أنهم يستفيدون من الدعم.

وكشفت الصحيفة أنه وبعد تحديد الوزارة لكل صنف مدعوم، يُتوقع أن يؤدي إلى توفير 97 مليون دولار شهرياً، بحيث سينخفض الدعم من 4.456 مليارات دولار سنوياً إلى 3.297 مليارات سنوياً. ولأن هذا التخفيض لن يكون كافياً للحدّ من صرف الاحتياطي الإلزامي، فإن الاقتصاد تعيد التأكيد على أولوية الإسراع في الانتقال إلى المرحلة الثانية.

ولمحت الصحيفة إلى اشارة وزيرالاقتصاد بأن أفضل الحلول أن يكون قد تم التوصل إلى برنامج مع صندوق النقد. لكن إن لم يحصل ذلك، فإنه لا بديل من استمرار مصرف لبنان في تأمين الدولارات الطازجة حتى خلال المرحلة الثانية. ولذلك، فإن الأولوية عندها تكون للانتقال بسرعة إلى سعر الصرف الموحّد. والتوقف عن دعم سعر الصرف لكي لا يتم استعمال الاحتياطي الإلزامي. وهذا سيقود إلى زيادة كبيرة في الطلب على الدولار الطازج من السوق، ما سيؤدي إلى تضخّم كبير وتخفيض كبير في سعر العملة، وعدم استقرار اجتماعي.

ولفتت الوزارة أنه في عملية الانتقال من دعم السلع إلى الدعم النقدي، فإن خطوات عديدة يفترض أن تجرى في الخطوة الأولى (شباط 2021)، يحق لكل لبناني مقيم في لبنان التقدم للانضمام إلى برنامج الدعم النقدي، لكن مع استثناء الأغنياء، فإن النسبة الفعلية لمن سيحصل على بطاقات الدعم، ستُقارب 80 في المئة من اللبنانيين (لا من السكان). الخطة تفترض أنه مع تحسّن الاقتصاد واستعادة القوة الشرائية، يمكن أن تنخفض التغطية إلى 30 في المئة من السكان خلال خمس سنوات، بما يؤدي إلى إعادة توجيه الدعم إلى الفئة المعتادة من المستهدفين ببرامج الدعم.

وبحسب التوقعات، فإن عدد المستفيدين من الدعم سينخفض من 6 ملايين شخص إلى 3 ملايين شخص، وستتمكن الأسر من شراء ما تحتاج إليه بالمبلغ المخصص لها، وبحرية تامة. وهذا سيؤدي إلى زيادة فعالية الاقتصاد، وتقليص معدّل الاستيراد، وتعزيز الاستهلاك المحلي.

عند إطلاق البطاقات، سيتم توقيف كل أشكال الدعم للسلع. وهو ما سيجعل الأسعار ترتفع بشكل ملحوظ لتعبّر عن الواقع الفعلي لسعر الدولار. وسينتج من ذلك تخفيض الطلب على البضائع المستوردة وسيزيد المنافسة ويخفف التهريب.

الخطوة الثانية التي تقترحها الخطة تبدأ بالرفع التدريجي لدعم الفيول الخاص بكهرباء لبنان، بالتوازي مع تعديل أسعار الكهرباء، على أن يتم تعديل المبلغ المخصص للدعم النقدي عند الحاجة.

وأشارت الصحيفة في مقالها إلى أن الاقتراح يشير إلى حصول الشخص الراشد على 50 دولاراً شهرياً في السنة الأولى، على أن ينخفض المبلغ إلى 40 دولاراً في السنتين الثانية والثالثة، وإلى 30 دولاراً في السنتين الرابعة والخامسة. أما مَن هم تحت سن الـ 23 سنة، فيحصلون على نصف المبلغ. ويغطي هذا البرنامج 85 في المئة من اللبنانيين في الأشهر الستة الأولى، و75 في المئة في الأشهر الستة التي تلي، وصولاً إلى 30 في المئة في السنة الرابعة.

وفق هذه الخطة، ترى وزارة الاقتصاد أن الكلفة الإجمالية للدعم ستنخفض من نحو 3.2 مليارات دولار إلى 1.5 مليار دولار في السنة الأولى. وفي السنة الثانية ستنخفض إلى 964 مليون دولار، بتوفير يتخطّى 2.4 مليار دولار، وصولاً في السنة الخامسة إلى 311 مليون دولار فقط.

واخلص المقال إلى أن البرنامج سيكلّف ما مجموعه 4.2 مليارات دولار، على مدى خمس سنوات، أي ما يعادل 838 مليون دولار سنوياً، وسيكون الوفر خلال السنوات الخمس للبرنامج 12.7 مليار دولار.

ولفتت الصحيفة إلى أن تلك الدراسة التي أعدتها وزارة الاقتصاد لا تزال خاضعة للنقاش، على أن يحسم الأمر الأسبوع المقبل. لكنّ مطّلعين على النقاشات بدأوا يشيرون إلى صعوبة السير باقتراح البطاقة التمويلية، مفضّلين الاكتفاء ببطاقات لدعم المحروقات. وزير الطاقة يميل إلى هذا الخيار. وقد تردد أنه اقترح تخفيض الدعم على البنزين 95 أوكتان من 90 إلى 60 في المئة، بما يجعل سعر الصفيحة يقارب الـ 40 ألف ليرة، مقابل وقف الدعم عن البنزين 98 أوكتان، وبالتالي وقف استيراده، ورفع سعر صفيحة المازوت من 16 ألفاً إلى 23 ألف ليرة.

مع انخفاض الطلب المتوقع نتيجة ارتفاع السعر، ونتيجة استحداث بطاقات الدعم التي ستعتمد على البيانات المتوفرة في مصلحة تسجيل السيارات (عدد السيارات التي يملكها الشخص الواحد وعدد الأحصنة في كل سيارة…) لتحديد حجم الدعم لكل شخص، فإن الوفر الإجمالي المتوقع في المحروقات سيصل إلى 250 مليون دولار.

المصدر: صحيفة الأخبار