رغم نفيها الدائم.. سوريون يعترفون بتجنيد تركيا لهم في صراع قره باغ

أخبار

رغم نفيها الدائم.. سوريون يعترفون بتجنيد تركيا لهم في صراع قره باغ

11 كانون الأول 2020 11:11

رغم استمرار تركيا وأذربيجان نيفها باستخدام مرتزقة سوريين في الهجوم الأخير على ناغورنو كاراباخ، ورغم التقارير الصحفية التي جاءت لتدحض ماتزعمه الدولتان بعدم زج مرتزقتهما من السوريين في هذا الصراع جاءت اليوم "BBC" بتقرير ليظهر بعضاً من زيف ادعائتها حيث بدأت الشائعات تنتشر في مناطق سيطرة المعارضة في شمال سوريا في آب/ أغسطس من هذا العام، تفيد بأن ثمة وظائف متوفرة خارج سوريا مقابل أجور مجزية.

وهو ماسارع إليه كثير من المسلحين المحجوزين أصلاً في المخيمات التركية على الحدود المتاخمة لسوريا بعد ضياع أمل عودتهم لبلادهم لتورطهم بجرائم القتل والذبح والاغتصاب ولأن تركيا المسؤول الأول عن تجنيدهم وتقديم الدعم لهم بدأت تبحث عن مخرج لهم كي لايبقوا حجر عاثر أمامها في حال دخلت بعملية تفاوض ما أو للتهرب من بقائهم ضمن الأراضي التركية وكأنها أشبه بساقطة تتخلص من ولدها غير الشرعي.

يقول أحد المرتزقة ممن جندته القوات التركية في صراع قره باغ كما نقلته "BBC": "أخبرني صديق أن هناك وظيفة جيدة للغاية يمكنني العمل فيها، وهو الوقوف عند نقاط التفتيش العسكرية في أذربيجان، أخبرونا أن مهمتنا ستكون الحراسة على الحدود كقوات حفظ سلام. وعرضوا ألفي دولار كراتب شهري، هذا المبلغ ثروة بالنسبة إلينا، في مكان يكسب فيه قليلون أكثر من دولار واحد في اليوم، بدا الراتب الموعود هبة من السماء".

وتشير التقديرات إلى أن ما بين 1500 و 2000 رجل بادروا بتسجيل أسمائهم ومن ثم سافروا إلى أذربيجان عبر تركيا، على متن طائرات نقل عسكرية تركية.

لكن العمل لم يكن كما كانوا يتخيلون، ليكتشفوا بعد ذهابهم إلى هناك، أنهم نقلوا إلى الخطوط الأمامية وصدرت إليهم الأوامر بالقتال.

ورغم أن كلاً من أذربيجان وحليفتها تركيا تنفيان استخدام المرتزقة السوريين، فقد جمع الباحثون قدراً كبيراً من الأدلة المصورة، المستمدة من مقاطع الفيديو والصور التي نشرها المقاتلون على الإنترنت، والتي تظهر رواية مختلفة تماماً.

ويبدو أنه تم نشر السوريين على الجبهة الجنوبية خلال تقدم القوات الآذرية، حيث كانت الخسائر لدى الجانبين كبيرة جداً.

يقول أحد المرتزقة للقناة: "بدأت معركتي الأولى بعد يوم واحد من وصولي إلى هناك، تم إرسالي مع حوالي 30 مقاتل إلى خط الجبهة. مشينا مسافة 50 متراً تقريباً عندما سقط صاروخ بالقرب منا فجأة، ألقيت بنفسي على الأرض، واستمر القصف لمدة 30 دقيقة بشكل متواصل دون توقف".

وقال جميع الرجال إنهم حصلوا على القليل من معدات الحماية أو الدعم الطبي، فضلاً عن رؤوية أصدقائهم يتهاون أرضاً.

تختلف التقديرات الدقيقة حول عدد القتلى بين السوريين. فالأرقام المبلغ عنها تقدر بأكثر من 2400 على الجانب الأرمني، وحوالي 3000 من الجانب الأذربيجاني، علماً أن أذربيجان لا تعترف بوجود سوريين بينهم.

إلا أن المرصد السوري لحقوق الإنسان، قدرت عدد القتلى السوريين بأكثر من 500 قتيل.

يبقى السؤال لماذا يتم تجنيد المقاتلين السوريين في صراع قره باغ؟

يقول المحلل العسكري مايكل كوفمان، رئيس برنامج روسيا في مركز الأبحاث العسكرية CNA في واشنطن إن الهدف حسب ما يبدو كان للحد من الخسائر البشرية في صفوف القوات الأذربيجانية.

ويضيف: "سقط العديد منهم في وقت مبكر من الحرب وخاصة على الجبهة الجنوبية الشرقية، واستخدم هؤلاء المرتزقة أساساً كقوات اقتحام كي تواجه الموت في الموجة الأولى من الهجوم".

"استعد الآذريون للمعركة وهم واضعين في حسابهم إمكانية فشل الهجوم الأولي وفي هذه الحالة يسقط هؤلاء المرتزقة في العملية وليس الجنود الآذريون، فلا أحد يهتم بالمرتزقة".

توافق إليزابيث تسوركوف، العضوة في مركز السياسة العالمية في واشنطن، والتي تحدثت إلى عشرات السوريين الذين شاركوا في النزاع، على أن السوريين فعلاً "استخدموا كوقود للحرب".

وتشرح "إنهم بلا قيمة، وبالإمكان نقلهم بسرعة إلى الخطوط الأمامية مع القليل من الإعداد، كما هو الحال في أذربيجان وخاصة أولئك الذين يمكنك وضع بندقية كلاشينكوف على ظهورهم والطلب منهم "اذهبوا وسيطروا على تلك التلة أو انطلقوا واستولوا على تلك الغابة ليقوموا بذلك فعلاً".

وتوضح أن هؤلاء يعيشون في فقر مدقع، "لذلك، فهم على أهبة الاستعداد للسفر والمخاطرة بحياتهم".

ولكن، في غضون أيام قليلة من اندلاع القتال في ناغورنو كاراباخ، في أواخر سبتمبر/ أيلول، ألقى المئات منهم السلاح ورفضوا القتال، اثنان ممن تحدثت إليهم كانا من بينهم، وأرسل آخر مقطع فيديو لي للمضربين خارج الثكنات التي تمركزوا فيها.

حيث قال أحدهم: "بدأ القادة بتهديدنا بالسجن في أذربيجان لمدة تسعة أشهر. ثم أخبرونا أنه عندما نعود إلى سوريا، سيعتقلوننا أيضاً".

ويتابع : "ولكن كنا 500 مضربٍ عن القتال في ذلك الوقت وبدأنا في التأثير عليهم. لذلك سجلوا قائمة بأسمائنا، وبعد خمسة أو ستة أيام جاؤوا إلينا وطلبوا منا الاستعداد للمغادرة".

يقول إنه لم يحصل أي من هؤلاء الرجال على فلس واحد من ألفي دولار الموعودة، ولم يستطع كثيرون منهم حتى استرداد ممتلكاتهم الشخصية التي وصلوا بها إلى أذربيجان.



اعتقال المقاتلين السوريين في قره ياغ

وناغورنو كاراباخ ليست المنطقة أو المعركة الأولى التي تم تجنيد مقاتلين سوريين للقتال فيها. يُزعم أنه من خلال شركات الأمن المدعومة من روسيا وتركيا، كان السوريون من مناطق المعارضة والحكومة منخرطين في القتال في الحرب الأهلية في ليبيا على مدار العام الماضي أو أكثر وعلى جبهات مختلفة، واعترفت تركيا بوجود مقاتلين سوريين في ليبيا، لكنها لم تعترف بتجنيدهم.

وقال لي أوميت يالشين، سفير تركيا في لندن "نحن لا نرسل مقاتلين إلى ليبيا. لدينا علاقات قرابة تاريخية عميقة مع ليبيا ونريد أن نرى حلا سياسيا وفي ليبيا الآن هناك فرصة للسلام والحوار".

عندما ذكرت له ما أخبرني به المقاتلون السوريون عن دور تركيا في تجنيدهم للقتال في ناغورنو كاراباخ ، ردد رواية النفي الرسمية لأذربيجان وقال: "بالطبع لا أساس لهذه الادعاءات ولن تساهم في تحقيق العدالة والسلام والاستقرار، يجب أن نركز على تحقيق السلام والعدالة في المنطقة".

كما زعم أن ميليشيات كردية كانت تقاتل إلى جانب أرمينيا، وهو إدعاء تنفيه الأخيرة.

ودعا خبراء في مجال حقوق الإنسان، التابعون للأمم المتحدة في 11 نوفمبر/ تشرين الثاني إلى سحب المرتزقة من منطقة النزاع، قائلين إن ثمة تقارير عدة تشير إلى أن تركيا شاركت في تجنيد ونقل سوريين إلى أذربيجان على نطاق واسع، وقال الخبراء إنهم يدرسون تقارير تفيد بأن أرمينيا شاركت في نشر رعايا أجانب للقتال في الصراع.


تورط تركيا في صراع قره باغ

المصدر: BBC