اللواء قاسم سليماني ونظرية الأمن الإقليمي

أخبار

مدرسة فكرية.. نظرية "الأمن الإقليمي" من أهم وجهات نظر قاسم سليماني

2 كانون الثاني 2021 13:10

صرح المرشد الأعلى للثورة الإسلامية علي خامنئي في إشارة إلى مسيرة الشهيد البارز الجنرال قاسم سليماني: "لا ينبغي أن ننظر إلى الشهيد الحاج قاسم سليماني كفرد. بل يجب أن ننظر إليه على أنه مدرسة فكرية وطريقاً ومدرسة لتعليمنا".



ويسلط المقال التالي محلل الشؤون الدولية محسن باك عين في وكالة "آرنا"، الضوء على هذا الجانب من شخصية الجنرال قاسم سليماني.

وبحسب ما كتب محلل الشؤون الدولية محسن باك عين، تعتبر نظرية "الأمن الإقليمي" من أهم وجهات نظر قاسم سليماني، ويجب دراسة الأبعاد التنفيذية لتلك النظرية من قبل خبراء إيرانيين وإقليميين والتعلم منها.


بعد تفكك الاتحاد السوفيتي حسب محسن باك عين، وضعت الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة مسألة إعادة هندسة غرب آسيا على رأس جدول أعمالها من أجل ضمان سلامة النظام الصهيوني. وعلى أساس تلك المؤامرة، يجب أن تصبح الدول الإقليمية غير آمنة وأن يتم تقويضها وجعلها تفقد وحدتها.

ويضيف محسن باك عين، أن وجود نزاعات حدودية بين الدول الإقليمية، والتنافس المذهبي بين الحكومات والأمم الشيعية والسنية، والتحيز القبلي مثل الوحدة الكردية والقومية العربية، وفي ظل وجود لاعبين مثل الرجعيين الإقليميين وظهور الإرهاب كان من بين النقاط الضعيفة والحساسة التي سعى الغرب إلى استغلالها في تحقيق أهدافه المتمثلة في ضمان انعدام الأمن في المنطقة.

ومن أجل تقويض الأمن في غرب آسيا، تم تنفيذ هذا المشروع متعدد الجوانب لإنشاء مجموعات إرهابية وتكفيرية، مثل القاعدة وداعش، بهدف إعادة هندسة المنطقة، وتم متابعة والإشراف على المشروع بمساعدة السعودية والنظام الصهيوني.

بالإضافة إلى ذلك، كان أحد جوانب هذا المشروع إعادة تشكيل الحدود الجغرافية بتفكيك الدول الإسلامية، وللقيام بذلك حسب محسن باك عين، كان من الضروري تقويض السلطة الوطنية للدول وإضعاف سلامتها الإقليمية شيئاً فشيئاً.

ومن وجهة نظر المنظرين الغربيين، إن تفكك العراق وسوريا وتقسيمهما إلى أراضٍ أصغر كان من شأنه أن يخدم المصالح الإسرائيلية بالمقام الأول، وبالتالي كان عليهم اتخاذ إجراءات معينة في هذا الصدد.

ونظراً لكونه ذو بصيرة ثاقبة، طور اللواء قاسم سليماني نظرية الأمن الإقليمي نظراً لفهمه للسياسة الغربية وبهدف منع تحقيق مؤامرتهم.

وعلى أساس هذه النظرية، يؤثر أمن دول غرب آسيا الإسلامية ويرتبط ببعضها البعض. وبعبارة أخرى ترى الوكالة، إن انعدام الأمن في سوريا من شأنه أن يقوض أمن العراق وانعدام الأمن في العراق سيعرض الأمن الإيراني للخطر.

ومن أجل ضمان أمن غرب آسيا ومواجهة المؤامرات الغربية، طور اللواء قاسم سليماني نموذج المقاومة وقاد الحرب ضد التطرف والإرهاب على أساس تطوير استراتيجية المقاومة.

وفي الواقع حسب محسن باك عين، نجح قاسم سليماني باستباق خطط الغربيين الذين كانوا يحاولون إثارة الفتنة في المعسكر المعادي للصهيونية، لكنه وحد تلك الدول تحت ما أطلق عليه اسم "محور المقاومة"، حيث كانت معجزة قاسم سليماني أنه وضع سبع جنسيات مختلفة أيديولوجيا، السوريون واللبنانيون والإيرانيون والباكستانيون والأفغان والعراقيون والفلسطينيين تحت مظلة المقاومة.

كما وتجدر الإشارة إلى أن الحاج قاسم سليماني شكل محور المقاومة من خلال الاستفادة من الهوية والثقافة الوطنية الخاصة بكل بلد، وليس من خلال فرض الثقافة والنسخة الإيرانية عليهم.

ويضيف محسن باك عين أن حزب الله نبع من الهوية اللبنانية، والحشد الشعبي من الهوية العراقية، وقوات زينبيون وفاطميون وحيدريون من هوياتهم الوطنية والمحلية الخاصة بهم، وحققوا النمو بعد ذلك.

ولهذا السبب، اليوم حسب محسن باك عين، لا يمكن لأي عنصر القضاء على هذه القوى وستزداد قوة تأثيرها يومياً.

ومن خلال نظريته حول الأمن الإقليمي، جعل اللواء قاسم سليماني كل دولة حساسة بشأن ضمان أمنها القومي وأمن الدول المجاورة لها، حيث أحبط محور المقاومة المؤامرة الغربية لتغيير جغرافية المنطقة وضمان أمن إسرائيل.

وباعتباره شخصية بارزة في المقاومة ورمزاً لمحاربة الإرهاب يقول محسن باك عين، أنه بقي إلى جانب الفلسطينيين في حرب الـ 51 يوما وفي حرب الـ 33 يوماً، كما وهزم النظام الصهيوني إلى جانب قوات حزب الله في لبنان.

الرئيس بشار الأسد والجنرال قاسم سليماني

وبينما كانت سوريا في عمق الأزمة، سارع بنفسه لمساعدة الرئيس السوري بشار الأسد، وبينما كانت بغداد على شفا الانهيار، قام بسحق قوات داعش ووصل إلى بغداد وقاد عملية مكافحة الإرهاب حتى حقق النتائج المرجوة.

وبمساعدة قوى الإيثار والتضحية بالنفس التي تحلى بها، دافع اللواء قاسم سليماني عن السلطة الوطنية وسلامة أراضي دول المنطقة وأعاد الأمل في قلوب دول المنطقة من خلال إحكام قبضته على النظام الصهيوني وأنصاره الغربيين والعرب، ولهذا وصفه المرشد الأعلى للثورة الإسلامية بـ "بطل الأمة الإسلامية".

وفي يومنا هذا يقول محسن باك عين، ستساعد وحدة وتضامن الدول المعادية للصهيونية في غرب آسيا، التي شكلها قاسم سليماني، في الانتقال من محور المقاومة إلى قوى المقاومة المتحالفة في ضمان الأمن وزيادة قوة دول المنطقة.

وفي ذكرى الاغتيال الجبان للواء قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس وبمناسبة استشهادهم، يجب على الجميع التفكير في تشكيل تحالف إقليمي قوي ضد الولايات المتحدة والنظام الصهيوني وإرساء الأمن الجماعي لدول غرب آسيا.

حيث كان هدف اللواء قاسم سليماني النهائي هو طرد القوات الأمريكية من المنطقة، وسيتحقق هذا الهدف عاجلاً أم آجلاً. فـ"الانتقام القاسي" كما ورد في تصريحات المرشد الأعلى، يعني انسحاب القوات الأمريكية من المنطقة وتحرير القدس، وهذا ليس هدفا غير واقعياً، وبتحقيقه سيصبح طريق إنشاء الحضارة الإسلامية الجديدة سلسا وسهلاً.


وكالة إيرنا