ملف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بين التسوية السياسية ورفع الغطاء الدولي

تقارير وحوارات

قضية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة سبيل لهيكلة مصرف لبنان وتحقيق المشروع الغربي "لبنان الجديد"

25 كانون الثاني 2021 09:31

لن يقفل ملف الاشتباه بالاختلاس وغسل الأموال الذي فتح بحق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بسهولة، إلا أن احتمالات إغلاق الملف بتسوية سياسية أمر وارد، لكنه لا يلغي أن النار أشعلت تحت سلامة وبات يشعر بالخطر دون أي غطاء سياسي دولي يحميه.

رفْض رياض سلامة إجراء التدقيق الجنائي في حسابات المركزي، والدور الذي لعبه لإفشال خطة حسان دياب للإصلاح المالي، عوامل أساسية في فتح النار ضد سلامة، الأمر الذي قد يطال مسؤولين سياسين آخرين.

وعلمت جريدة الأخبار أنه تم تجميد حسابات مصرفية خارجية لأفراد وشركات لبنانية تحت شعار مكافحة الفساد، واستعداداً لرفع دعوى قضائية ضدهم.

إلا أن سوء العلاقة الفرنسية برياض سلامة وقرارها فتح النار ضده، لم تكن بسبب ما ارتكبه في لبنان، بل يأتي في سياق السعي الغربي لإعادة هيكلة مصرف لبنان على طريق المشروع الكبير "لبنان الجديد".

فبالرغم من الضغوطات الفرنسية والبريطانية التي يواجهها سلامة، إلا أن المنتظر هو الموقف الذي ستتخذه أميركا التي تعتبره أحد رجالاتها في الداخل، إلا أن مقربون من سلامة يعتقدون أنها تخلت عنه، وهذا واضح في تصريحات السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا التي لم تعد تخفي في الفترة الأخيرة انتقاداتها الحادة له.

التحقيق في سويسرا تمّ بتخطيط فرنسي، ولكنه يحظى بغطاء أميركي، ولا سيّما أنّ التنسيق بين سويسرا والولايات المتحدة أعمق بكثير من العلاقات السويسرية – الأوروبية، إلا أن هذا لايعني أن أميركا رفعت الغطاء عن سلامة نهائياً.

التقة التي تحدث فيها رياض سلامة أمام النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات، وقبوله بأن يُقدّم إفادته أمام الادعاء العام السويسري أثارت الاستغراب، حيث يقول الخبير القانوني - الدولي في الشؤون الاقتصادية، المحامي علي زبيب، إنّ سلامة «يعرف أنّ من الأسهل التحقيق معه في لبنان، حيث يملك حماية سياسية وطائفية، فهل من المعقول أن يُخاطر ويذهب إلى سويسرا حيث يُتَّهم بتبييض أموال واختلاس، أم أنّه يُعِدُّ لتسوية؟ ليس ضرورة أن تُعتبر السلطات السويسرية متواطئة، بل ربّما يكون سلامة «مُحترفاً» إلى درجة أنّه أجرى التحويلات بطريقة توحي بأنّه لم يُخالف القانون، عندها تسقط عن القضية صفة اختلاس مال عام، وتنحصر في «الاستغلال الوظيفي».

يعتبر علي زبيب أنّ «القضاء السويسري أكثر ثقة من نظيره اللبناني، ولكن علينا أن لا ننسى أنّ المصارف السويسرية تتعرّض كلّ سنة لعقوبات بمليارات الدولارات، ثم تعود وتُشارك في عمليات تبييض أموال، لأنّ المدخول من هذه العمليات المصرفية أعلى من الغرامات، ولأنّ المحاسبة القضائية ليست قاسية. يعني ذلك احتمال وجود تسويات «من تحت الطاولة» تحصل في القضاء السويسري».

يقول النائب السويسري فابيان مولينا إنّ التحقيق قد يكون أسير «ضغوط سياسية وغياب الأدلة، فمن الصعب استمرار التحقيقات من دون مساعدة وتعاون السلطات اللبنانية، المدعي العام السويسري بحاجة إلى الأدلة، علماً بأنّ مُجرّد إرساله الطلب إلى لبنان يعني امتلاكه معلومات تؤدّي إلى الاشتباه في حاكم المصرف المركزي».

فهل انتهى رياض سلامة؟ عملياً انتهى، ولكن لن يُغادر قبل حصوله على براءته. وليس وحده من وَقع، بل المصرف المركزي كمؤسّسة، الذي سيواجه تحدّي استمرار التعامل معه من قبل مصارف المراسلة والبنوك المركزية الأخرى، فليس بالأمر العابر أن يُشتبه في حاكمه بضلوعه في قضايا اختلاس وفساد.

تواصلت الأخبار مع الهيئة الرقابية الفدرالية على كلّ القطاع المالي السويسري«FINMA»، وعند سؤال المتحدث الإعلامي باسم الهيئة عن كيفية التعامل بقضية حاكم مصرف لبنان، أجاب: بأنّه تواصلنا مع المصارف السويسرية المعنية، ومع السلطات المحلية والدولية، ولكن لا يُمكننا التعليق حول مسار الأمور لدى المدعي العام.

إلا أن النائب السويسري فابيان مورينا علق على دور «FINMA»، مُعتقداً أنّها «لم تقم بمراقبة المصارف كما يجب، ولم تضمن حُسن سير العمل فيها، وقد شهدنا سابقاً العديد من الحالات حيث المصارف لا تبحث جيّداً في هوية زبائنها لأنّها تستفيد من توظيفاتهم».


الأخبار