الخلايا النجمية هي أكثر أنواع الخلايا وفرة داخل الجهاز العصبي المركزي في جسم الإنسان، ولكنها تظل ضعيفة من حيث خصائصها مقارنة بباقي خلايا الجسم.
وافترض الباحثون منذ فترة طويلة أن الوظيفة الأساسية للخلايا النجمية هي توفير العناصر الغذائية ودعم الخلايا العصبية الأخرى التي يتم فحصها والتعامل معها عن كثب في الدماغ.
ومع ذلك، فقد أظهرت الأدلة المتزايدة على مر السنين أن الخلايا النجمية يمكنها أيضا تعزيز التنكس العصبي والالتهابات والأمراض العصبية.
والآن، أظهر فريق بقيادة باحثين من معهد ومستشفى بريجهام للنساء والولادة أن مجموعة فرعية معينة من الخلايا النجمية يمكنها القيام بالعكس.
وبدلاً من ذلك، تقوم بوظيفة وقائية ومضادة للالتهابات داخل الدماغ بناء على الإشارات التي تنظمها البكتيريا الموجودة في القناة الهضمية، ونشرت نتائج هذه الدراسة في مجلة Nature العلمية المرموقة.
خلايا دماغية فرعية
وبدوره قال المؤلف المشارك في الدراسة فرانسيسكو كوينتانا من مركز آن رومني للأمراض العصبية في معهد و مستشفى بريجهام: " على مر السنين، حددت العديد من المختبرات، بما في ذلك مختبري، أدواراً مهمة للخلايا النجمية في تعزيز الأمراض العصبية. ولكن هذه هي المرة الأولى التي نظهر فيها أن مجموعة فرعية على الأقل من هذه الخلايا يمكن أن تمنع الالتهاب. والسبب الذي لم نشهده من قبل هو أننا كنا ندرس هذه الخلايا كما لو كانت موحدة، أو كنوع واحد من الخلايا. ولكن قد أصبح لدينا الآن الدقة الكافية لرؤية الاختلافات بين هذه الخلايا".
بحسب ما ورد، فقد استخدم الباحثون أدوات تحليل الجينات والبروتينات المكررة لتحديد المجموعة الفرعية للخلايا النجمية الجديدة، والتي تتواجد بالقرب من منطقة السحايا، وهي الغشاء الذي يحيط بالدماغ، وتعبر عن بروتين يسمى LAMP1، جنباً إلى جنب مع بروتين يسمى TRAIL، والذي يمكن أن يؤدي إلى موت الخلايا الأخرى.
والجدير بالذكر أنه يمكن أن تساعد هذه الميزات الخلايا النجمية المعتمدة على بروتيني LAMP1 و TRAIL على الحد من التهاب الجهاز العصبي المركزي عن طريق تحفيز موت الخلايا على يد الخلايا التائية التي تعزز الالتهاب وتحارب العدوى.
ولتحديد آلية التفاعل بين الخلايا النجمية و بروتيني LAMP1 و TRAIL في الدماغ، أجرى الباحثون سلسلة من الاختبارات باستخدام أداة تحرير الجينات CRISPR-Cas9.
ووجد الباحثون أن جزيء إشارة معين، يسمى إنترفيرون جاما، ينظم تعبير بروتين TRAIL في الدماغ. وعلاوة على ذلك، وجد الباحثين أن ميكروبيوم الأمعاء يحث الدماغ على التعبير عن الإنترفيرون جاما في الخلايا التي تنتشر عبر الجسم، والتي تصل في نهاية المطاف إلى منطقة السحايا، حيث يمكنها تعزيز أنشطة الخلايا النجمية المضادة للالتهابات.
وقال كوينتانا: "إن العثور على مجموعات فرعية من الخلايا النجمية المضادة للالتهابات ويتم التحكم فيها من خلال الميكروبيوم هو تقدم مهم في فهمنا لالتهاب الجهاز العصبي المركزي و تنظيمه. فهذه آلية جديدة للغاية تتحكم بها الأمعاء في الالتهاب في الدماغ، وهي تعتبر منارة ضوء للتوصل إلى علاجات جديدة للأمراض العصبية، كما ونعتقد أن هذه الآلية يمكن أن تسهم في التسبب في أورام المخ للأسف".
وتجدر الإشارة إلى أن مختبر كوينتانا قد حدد المجموعة الفرعية الأخرى الوحيدة من الخلايا النجمية المعروفة بتنظيمها بواسطة ميكروبيوم الأمعاء في عام 2016، لكن الباحثين يعتقدون أن هناك على الأرجح مجموعات أخرى مشابهة لها.
وأضاف كوينتانا: "لقد أصبح من الواضح أن بكتيريا الأمعاء مهمة للغاية في العديد من الأمراض. إننا حقاً محظوظين لأننا نجحنا في تحديد مجموعات فرعية مختلفة من الخلايا النجمية والآليات التي تتحكم فيها. وأصبح لدينا الآن قائمة بمجموعات أخرى من الخلايا النجمية، ونحن ما زلنا نعمل على معرفة كيف يمكن لبكتيريا الأمعاء أن تتحكم فيها".