على الرغم من الحكم المسبق الخاطئ بأن الحكومة الإيرانية تبذل جهداً كبيراً للتوصل إلى اتفاق مع الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن وبأي ثمن، فإن استراتيجية إيران تجاه هذه القضية محددة وواضحة وضوح الشمس.
حيث تؤمن إيران بمبدأ الالتزام مقابل الالتزام والعمل مقابل العمل والاحترام مقابل الاحترام ووقف التصعيد مقابل التهدئة.
والجدير بالذكر أن العودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة (اتفاق إيران النووي) كانت إحدى الشعارات الانتخابية لبايدن، وعندما تولى منصبه في شهر يناير المنصرم باعتباره الرئيس السادس والأربعين للولايات المتحدة الأمريكية، كان من المتوقع أن يصحح الأخطاء التي ارتكبها الرئيس السابق دونالد ترامب.
وفي غضون ذلك، يبدو أن بايدن لن يتخذ الخطوة الأولى لرفع العقوبات المفروضة على طهران من أجل العودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة التي انسحب منها ترامب بشكل أحادي الجانب في شهر مايو من عام 2018 على الرغم من الانتقادات العالمية التي لقيها قراره.
و في الآونة الأخيرة، قال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أن الرئيس بايدن يمكنه أن يعلن الآن نيته العودة إلى الصفقة ورفع العقوبات المفروضة على طهران، وبعد ذلك ستعلن إيران على مستوى رئاسي بشكل متبادل أن الالتزامات ستدرج على جدول الأعمال بمجرد عودتها إلى خطة العمل الشاملة المشتركة.
• مطالب إيران واضحة:
خلال الشهر الماضي أيضاً، قال المرشد الأعلى للثورة الإسلامية آية الله علي خامنئي أن طهران ليست في عجلة من أمرها لعودة الولايات المتحدة الأمريكية إلى الاتفاق النووي، مضيفاً أن المسألة غير متعلقة بـ"عودة أم عدم عودة" الولايات المتحدة إلى الصفقة، بل بمطلب إيران المنطقي، ألا وهو رفع العقوبات المفروضة عليها.
كما وأثار المرشد الأعلى مسألة التعويضات التي ستتبع عملية رفع العقوبات والعودة إلى الصفقة النووية.
وتجدر الإشارة إلى أن إيران قد بدأت إجراءات مع محكمة العدل الدولية التي يقع مقرها في لاهاي للمطالبة بتعويضات بقيمة 200 مليار دولار عن العقوبات الأمريكية غير القانونية المفروضة على إيران منذ عام 2018.
في حين رفضت الولايات المتحدة الامتثال لأمر محكمة العدل الدولية المؤقت بعدم إلحاق المزيد من الضرر بالاقتصاد الإيراني، ومضت قدماً في فرض المزيد من العقوبات الصارمة.
وفي تطور متصل، قال الرئيس الإيراني حسن روحاني أن سياسة بلاده واضحة، وأن الالتزام الدولي سيقابل بالالتزام الدولي، واحترام بالاحترام والعمل بالعمل، مشدداً على أنه إذا كان هناك تصميم على القيام بذلك، فسيتم حل المشكلة بسهولة.
الجدير بالذكر أن الولايات المتحدة قد انسحبت من الصفقة وظلت غير مخلصة لبنودها، بينما أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية من خلال 17 تقريرا امتثال إيران والطبيعة السلمية لبرنامجها النووي.
كما أن الفشل الذريع الذي حققته سياسة الضغط الأقصى التي انتهجتها إدارة ترامب ضد إيران، من المفرض أن يجعل الجانب الأوروبي والرئيس الأمريكي الجديد يتوصلون إلى نتيجة مفادها أنه يجب عليهم التحدث مع إيران باحترام.
وتجدر الإشارة إلى أن إيران تعلق أهمية كبيرة على رفع العقوبات، حيث أقر البرلمان الإيراني تشريعا يطالب الحكومة بإنتاج 120 كيلوجرام بنسبة 20٪ من اليورانيوم المخصب سنويا، والذي قال السيد ظريف أنه يتوجب على الحكومة الامتثال لقرار البرلمان وتنفيذه على الفور.
وقال ظريف أن عمليات التخصيب قد بدأت بالفعل، وأن إيران ستتوقف عن تنفيذ البروتوكول الإضافي للوكالة الدولية للطاقة الذرية اعتبارا من تاريخ 21 فبراير، مضيفاً: "من واجبنا أن نفعل ذلك وفقا للقانون الإيراني".
بالإضافة إلى ذلك، صرح إيمانويل ماكرون، الرئيس الفرنسي والعضو في خطة العمل المشتركة الشاملة مؤخرا أن المحادثات المستقبلية مع إيران ستكون "صارمة".
ورداً على هذه التصريحات، نصح المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده فرنسا بتجنب اتخاذ موقف غير حكيم تجاه إيران، مضيفاً أن خطة العمل الشاملة المشتركة هي اتفاقية متعددة الأطراف أكدها مجلس الأمن الدولي، وإعادة التفاوض بشأنها أمر مستحيل وغير ممكن.
في الحقيقة، ليس من الصعب أن نفهم أن محاولات إدراج مسائل غير ذات صلة بالصفقة ستحولها عن مسارها الرئيسي، وبالتالي ستصبح الأمور أكثر تعقيدا مما هي عليه الآن.
واستنادا إلى استراتيجيتها الواضحة، فإن طهران ليست مصممة على إضعاف قدرتها الصاروخية والرادعة، كما أنها لا تريد السماح للاعبين الإقليميين بالتواجد في أي محادثات جديدة.
المصدر: وكالة إيرنا