إيقاف بث ثلاثة قنوات موالية لروسيا يثير قضايا معقدة في أوكرانيا

إيقاف بث ثلاثة قنوات موالية لروسيا يثير قضايا معقدة في أوكرانيا إيقاف بث ثلاثة قنوات موالية لروسيا يثير قضايا معقدة في أوكرانيا

دائما ما يتم تحدي الحكومات بشكل روتيني في أوقات النزاع المسلح بشأن القيود المفروضة على حقوق الإنسان التي تراها ضرورية والمعايير التي ستحافظ عليها، ويمكن أن تكون مكافحة المعلومات المضللة أحد هذه التحديات الصعبة.

وتم تسليط الضوء على هذا الأمر الأسبوع الماضي في أوكرانيا، التي تخوض حرباً مع روسيا منذ ما يقرب من سبع سنوات، عندما أصدر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مرسوماً رئاسياً نتج عنه إيقاف بث ثلاث قنوات تلفزيونية موالية لروسيا ذات نسبة مشاهدة كبيرة في أوكرانيا.

حيث فرض مرسوم زيلينسكي الصادر بتاريخ 2 فبراير، بموجب قرار صادر عن مجلس الأمن القومي والدفاع الأوكراني، عقوبات ضد النائب الأوكراني تاراس كوزاك وثماني شركات بموجب قانون صادر عام 2014، والذي يمنح الحكومة سلطة معاقبة الأفراد والكيانات الأجنبية الذين يشتبه في مشاركتهم بأنشطة يمكن أن تهدد المصالح الوطنية لأوكرانيا وأمنها القومي وسيادتها وسلامة أراضيها.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي

كما ويسمح القانون أيضاً بفرض عقوبات على الأشخاص والكيانات الأخرى (بما في ذلك على الأرجح مواطنون وشركات أوكرانية)، بزعم تورطهم في أنشطة إرهابية، دون المثول أمام محكمة.

وكانت القنوات الثلاث - 112 و ZIK و NewsOne، هي من بين ثماني شركات خضعت لعقوبات الحكومة الأوكرانية ويعتقد على نطاق واسع أنها جزء من الإمبراطورية الإعلامية لفيكتور ميدفيدشوك، رجل الأعمال الأوكراني ذو العلاقات الوثيقة مع روسيا.

وتجدر الإشارة إلى أن حكومة أوكرانيا تتمتع بكل الحق في معالجة المعلومات المضللة والدعاية من خلال اتخاذ إجراءات جادة.

ومع ذلك، ليس هناك من ينكر أنه عند إغلاق البث، فإن العقوبات تقلل من التعددية الإعلامية ويجب أن تخضع للتدقيق الدقيق.

وتشمل العقوبات السارية لمدة خمس سنوات إلغاء تراخيص البث الخاصة بالشركات، مما أدى إلى إيقاف بث القنوات بتاريخ 3 فبراير.

وفي الوقت الذي استمرت فيه القنوات في البث على موقع يوتيوب، قال وزير الثقافة الأوكراني أن الوزارة ستطلب من موقع يوتيوب إزالتها أيضاً.

والجدير بالذكر أن السلطات الأوكرانية لم تقدم بعد أي معلومات عن الأنشطة الإرهابية المزعومة، وأفادت العديد من وسائل الإعلام الأوركرانية الرسمية أن تاراس كوزاك، المالك المعلن للقنوات التلفزيونية المحظورة، يزعم أنه قد شارك في تجارة الفحم غير المشروعة مع مناطق شرق أوكرانيا، التي تسيطر عليها الجماعات المسلحة المدعومة من روسيا، وأن ذلك يساعد في تمويل عملياتها العسكرية.

كما وأثار فرض العقوبات نقاشا محتدما بين المجتمع المدني الأوكراني ونشطاء حقوق الإنسان والصحفيين، فكثيرون يؤيدون هذه الإجراءات، بحجة أن فرض العقوبات هو حق الحكومة، خاصة أثناء الحرب المستمرة وهي ضرورية ومبررة أيضاً.

بينما يشير آخرون إلى أنه سيتعين على الحكومة تقديم أدلة واضحة على الأنشطة الإرهابية المزعومة، خاصة في حالة استئناف المرسوم أمام المحاكم.

وانتقد رئيس الاتحاد الوطني للصحفيين في أوكرانيا طبيعة هذه الخطوة خارج نطاق القضاء بشدة، كما وأشار المدير التنفيذي لمعهد الإعلام في كييف، والذي يدعم العقوبات بشكل عام، إلى أنهم سيرحبون بمزيد من المعلومات والأدلة من السلطات.

وتجدر الإشارة إلى أن الرئيس زيلينكسي قال في تغريدة له على تويتر: "إن فرض العقوبات كان قراراً صعباً ولكنه جزء ضروري من حرب المعلومات من أجل الحقيقة".

كما ودافع زيلينسكي لاحقاً عن هذه الخطوة في اجتماع مع رؤساء محطات التلفزيون الأوكرانية الرائدة، مشيراً إلى أن العقوبات كانت أداة مستخدمة في المعركة العالمية ضد المعلومات المضللة، وأن ما كانت تفعله تلك المحطات التي أوثق بثها على الأراضي الأوكرانية لا علاقة له بحرية التعبير.

بالإضافة إلى ذلك، تباينت استجابة نظراء أوكرانيا الدوليين، حيث أعرب ممثل منظمة الأمن والتعاون في أوروبا عن حرية الإعلام عن قلقه وطلب المزيد من المعلومات من السلطات الأوكرانية، بينما أيدت السفارة الأمريكية في كييف هذه الخطوة.

وقال المتحدث باسم منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل: "في حين أن جهود أوكرانيا لحماية وحدة أراضيها وأمنها القومي، وكذلك للدفاع عن نفسها من التلاعب المعلوماتي، هي جهود مشروعة، إلا أن هذا ينبغي أن لا يأتي على حساب حرية التعبير والإعلام".

وتجدر الإشارة إلى أن حرية التعبير والحق في نشر المعلومات مكفولة من خلال وسائل الإعلام الحرة والمستقلة والمتنوعة، ولكن هذه الحقوق ليست مطلقة، مما يعني أنه يمكن تقييدها، ولكن إذا تم تحديد القيود بوضوح في القانون فقط، بحيث يمكن توقع كيفية فرضها والمصادقة على ذلك إذا كانت ضرورية ومتناسبة لغرض مشروع.

المصدر: موقع هيومن رايتس ووتش