في الوقت الذي لا يزال فيه فيروس كورونا التاجي المستجد تهديدا عالميا مسترا لا يمكن رؤيته بالعين المجردة، يقول باحثون في فنلندا أن التهديد الصحي العالمي غير المرئي التالي قد يكون موجودا بالفعل، وأنه كامن في الأدوات المنزلية اليومية.
ووجدت الدراسة الجديدة أن منتجات مثل مستحضرات التجميل والملابس وحتى الطعام قد تحتوي على مواد نانوية يمكن أن تؤدي إلى أمراض الرئة والتهاب الدماغ والسرطان.
كما يقول الباحثون أن استخدام المواد النانوية يصعب تنظيمه بسبب صغر حجمها، وأن هذا أمر مقلق لأنه من الصعب قياسها ويمكن أن تدخل السلسلة الغذائية بسهولة.
الجسيمات القاتلة غير المرئية المختبئة في المنتجات الاستهلاكية اليومية
ومما يزيد الطين بلة هو أن هذه المواد النانوية يمكن أن تخترق الخلايا وتتراكم في الأعضاء الداخلية في الجسم، مما يؤدي إلى الإصابة بالمرض.
وتجدر الإشارة إلى أن خطر تكنولوجيا النانو يعكس فضيحة التلوث لشركة دوبونت عام 1998، حيث تم اكتشاف أن مادة مستخدمة لتصنيع مادة التفلون للأحواض غير اللاصقة وغيرها من المنتجات البلاستيكية قد تسببت في الإصابة بالسرطان والعيوب الخلقية لعقود.
والآن، تلقي هذه الدراسة الجديدة الضوء على ما إذا كانت المواد النانوية ضارة وما قد يحدث لها عند دخولها إلى جسم الكائن الحي، وقد طور فريق دولي من الباحثين طريقة لإيجاد وتتبع تلك المواد النانوية في الدم والأنسجة الحيوية.
• تتبع الجسيمات غير المرئية في طعامنا:
نجح الباحثين خلال الدراسة في تتبع المواد النانوية عبر سلسلة غذائية مائية، بداية من الكائنات الحية الدقيقة ووصولاً إلى الأسماك، والتي تعد مصدراً غذائياً في العديد من البلدان حول العالم.
ويأمل مؤلفو الدراسة أن يفتح هذا الاكتشاف إمكانيات جديدة لاحتياطات السلامة ضد هذه التهديدات المرضية مستقبلاً.
كما ويقول المؤلف الرئيسي للدراسة، الدكتور فاضل مونيخ من جامعة شرق فنلندا: "لقد وجدنا أن المواد النانوية ترتبط بالكائنات الحية الدقيقة بقوة، والتي تعد مصدرا للغذاء للكائنات الأخرى، وهذه هي الطريقة التي يمكن أن تدخل بها إلى سلسلتنا الغذائية وبالتالي إلى أجسادنا وأعضاءنا الداخلية".
وأضاف: "بمجرد دخول جسم الكائن الحي، يمكن للمواد النانوية أن تغير شكلها وحجمها وتتحول إلى مادة أكثر خطورة يمكنها اختراق الخلايا بسهولة والانتشار إلى الأعضاء الأخرى. وعند النظر إلى أعضاء مختلفة من جسم كائن حي، وجدنا أن المواد النانوية تميل إلى التراكم في الدماغ بشكل خاص".
• الجسيمات النانوية موجودة في كل مكان وقد يكون هذا أمراً سيئاً:
يؤكد الباحثون أن الاعتماد المتزايد على المواد النانوية يمكن أن يؤدي إلى وضعها في المنتجات الاستهلاكية بكثرة، مما قد يجعلها مشكلة بالنسبة لصحة الإنسان.
يقول الدكتور فاضل مونيخ: "ربما كنت تستخدم بالفعل مواد نانوية في طعامك وملابسك ومستحضرات التجميل وما إلى ذلك، لكنك ما زلت لا ترى بالضرورة أي ذكر لها في قائمة المكونات. لماذا؟ الجواب ببساطة هو بسبب صعوبة تنظيمها لأنها صغيرة جداً، ولأننا ببساطة لا نستطيع قياسها باستخدام الطرق القياسية بمجرد ظهورها في منتجاتك. كما أنه من حق الناس معرفة ما يستخدمونه وما يشترونه لعائلاتهم، وهذه مشكلة عالمية تحتاج إلى حل عالمي. بالإضافة إلى ذلك، لا تزال هناك أسئلة كثيرة حول المواد النانوية وهي بحاجة إلى إجابة. هل هي آمنة لنا وللبيئة؟ أين سينتهي بهم المطاف بعد أن ننتهي من استخدامها؟ وكيف يمكننا تقييم مخاطرها المحتملة".
وفقاً للباحثين، لا يمكن قياس كمية المواد النانوية في أنسجة الكائن الحي باستخدام كتلتها فحسب، وهي الطريقة القياسية الوحيدة لقياس المواد الكيميائية الأخرى للوائح الصحية في المنتجات.
كما وتؤكد نتائج الدراسة على أهمية تقييم مخاطر المواد النانوية قبل وضعها في المنتجات الاستهلاكية بكميات أكبر.
المصدر: موقع Study Finds