استثمرت تركيا 10 ملايين دولار في بناء منطقة صناعية بجوار مدينة جنين بالضفة الغربية المحتلة، وهي خطوة تعتبر نادرة بالنسبة لأنقرة التي تستثمر عادة في مشاريع تقع في قطاع غزة والقدس الشرقية.
وذكرت تقارير إعلامية أن هذه المنطقة الصناعية ستشغل 272 فدانًا من الأرض وتضم عددا من مصانع المواد الغذائية والمنسوجات بالإضافة إلى العديد من ورش إصلاح السيارات، ومن المتوقع أن يوفر ذلك للفلسطينيين ما يصل إلى 15000 وظيفة.
وتقدم الفلسطينيون بالشكر للحكومة التركية على المشروع حيث بدأ المشروع عام 1999 لكن البناء توقف منذ ذلك الحين.
مشروع تركي في الضفة الغربية لفلسطين المحتلة
• لا يوجد هناك داعي للقلق
من ناحية أخرى فإن إسرائيل التي أصبحت حساسة تجاه أنشطة تركيا في المنطقة، عادة ما تنظر إلى مثل هذه المشاريع بعين الريبة والقلق.
وقد بدأت العلاقات بين البلدين بالتوتر التدريجي بعد حادثة سفينة مرمرة سيئة السمعة عام 2010، عندما حاول نشطاء أتراك كسر الحصار البحري الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة، و هي خطوة اعتبرتها إسرائيل انتهاكا لأمنها القومي .
بالإضافة إلى ذلك، دائما ما كان يبدو أن تل أبيب غير راضية عن المساعدة التي تقدمها أنقرة لحماس، وهي تنظيم فلسطيني إسلامي تعتبره إسرائيل منظمة إرهابية، وكذلك من العمليات التركية المستمرة في القدس الشرقية، حيث تمول أيضا عددا من مشاريع البناء.
مشروع تركي بالضفة الغربية في فلسطين المحتلة
الدكتور هاي إيتان كوهين ياناروجاك ، الخبير في الشؤون التركية من معهد القدس للاستراتيجية و الأمن (JISS)، ومركز موشيه دايان في جامعة تل أبيب، يقول إنه لا داعي لأن تشعر إسرائيل هذه المرة بأي قلق تجاه الخطوة التركية.
حيث قال ياناروجاك: "منذ اندلاع الحرب الأهلية في سوريا عام 2011، تستخدم تركيا ميناء حيفا الإسرائيلي كقناة رئيسية لاستيراد و تصدير البضائع إلى الشرق الأوسط. لذا فهم بحاجة إلى إنشاء مثل هذه المنطقة الصناعية للحصول على سعر رخيص وقاعدة تجارية لمنتجاتهم".
ومع ذلك، يعتقد الخبير الإسرائيلي أنه لا يزال هناك سبب آخر للقرار التركي بضخ ملايين الدولارات في مناطق السلطة الفلسطينية ألا وهو "القوة الناعمة لتركيا".
ووفقا لياناروجاك تبذل أنقرة الكثير من الجهود لتعزيز مواقعها في المنطقة حيث تقوم بذلك جزئيا باستخدام الهلال الأحمر التركي، الذي ربما يكون أكبر منظمة إنسانية في البلاد، وإلى حد ما من خلال مختلف المنظمات غير الحكومية و المؤسسات والوكالات الرسمية مثل TIKA (وكالة التعاون والتنسيق التركية) أو TOBB (الغرفة الرسمية لـ التجارة التركية ) التي تقدم المساعدات الإنسانية، وتجري الإصلاحات وتوفر الصيانة للأماكن الإسلامية المقدسة .
وقال ياناروجاك: "تميل إسرائيل إلى فصل الهيئات التركية الشرعية مثل وكالة التعاون والتنسيق التركية عن الدعم المالي الذي تقدمه لحماس وفي حين أن المشروع الحالي لا يشكل تهديدا لإسرائيل وبالتالي فمن المحتمل أن يتم منح هذه الوكالة الضوء الأخضر من المسؤولين في تل أبيب للعمل في الضفة الغربية، ما دامت أنقرة متمسكة بـ الإطار القانوني الحالي".
هذه الخطوة جيدة لإسرائيل:
كما و أوضح ياناروجاك أن إسرائيل ستعطي الضوء الأخضر لمثل هذه المشاريع و المؤسسات التركية بالعمل بحرية في الأراضي المحتلة لسبب آخر وهو المصالح الخاصة للدولة اليهودية، حيث أن عرقلة أو تخريب مثل هذا المشروع أو منع تدفق الأموال التركية إلى الضفة الغربية قد يثير انتقادات شديدة من المجتمع الدولي .
بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يعيق ذلك أيضا التقارب الذي طال انتظاره بين المسؤولين الإسرائيليين والأتراك والذي يزعم أنه بدأ يتشكل بعد وصول الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة الرئيس الأمريكي جو بايدن .
وأضاف ياناروجاك : "إن افتتاح المنطقة الصناعية التركية في جنين سيزيد من الترابط بين إسرائيل وتركيا، وستزيد منطقة جنين الصناعية من الأهمية الاستراتيجية لميناء حيفا بالنسبة لتركيا ، ولهذا السبب يعد هذا الأمر بشرى سارة لإسرائيل".
المصدر: وكالة سبوتنيك