تحدث كل من إيلي أردن وجاكوب أربيد من صحيفة فارسيتي الطلابية المستقلة في جامعة كامبريدج، إلى الكاتب والمفكر العالمي نعوم تشومسكي حول الوباء العالمي ونشاط الطلبة في جامعة كامبريدج وتدمير الحياة على كوكب الأرض، حيث قال نعوم تشومسكي خلال المقابلة أنه يجب علينا أن نقرر ما إذا كانت الأنواع والحياة ستستمر على كوكب الأرض، وتمت المقابلة من خلال الفيديو عبر برنامج الزوم.
على الرغم من أن نعوم تشومسكي، المؤلف والمفكر السياسي الشهير والناقد الدائم للرأسمالية والليبرالية الجديدة، قد أصبح أقل شهرة منذ نهاية الحرب الباردة، إلا أنه دائماً ما حرص على التأكيد على أن حدوث الحرب النووية العالمية تظل إمكانية حقيقية ومدمرة بشكل لا يمكن تصوره.
نعوم تشومسكي
وبالإشارة إلى عدد لا يحصى من حالات الوفاة الوشيكة في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، قال تشومسكي: "إن أي شخص اطلع على السجلات التاريخية بجدية بالكاد يمكنه أن يتخيل أننا نجونا من ذلك بأعجوبة أو معجزو ما، والآن يمكننا أن نرى أن الأمور قد بدأت تزداد سوءا بسبب الأعمال الإجرامية للمصابين بجنون العظمة في البيت الأبيض وسلبية أوروبا"، وذلك في إشارة إلى رفض ترامب تجديد معاهدة ستارت لخفض انتشار الأسلحة النووية، والتي المقرر أن تنتهي في عام 2021 الجاري على الرغم مما وصفه بأنه "استجداء" من روسيا، الدولة الأخرى التي لديها مخزون من الأسلحة النووية يمكنه تدمير كوكب الأرض بالكامل، لتجديد المعاهدة.
ومع مواجهة الإنسانية للعديد من التهديدات الوجودية، سيكون من السهل على شخص من عيار نعوم تشومسكي أن يصبح ناقداً ومحللاً مخضرماً بشكل أساسي. ومع ذلك، فهو مصمم في اقتناعه بأن وراء التهديدات العالمية المتمثلة في تغير المناخ والحرب النووية والأوبئة والانهيار الاقتصادي، تكمن المشكلة الأساسية التي يمكن التصدي لها بالفعل، والتي يقول بشكل مباشر أنها "طاعون الليبرالية الجديدة"، حيث يؤكد نعوم تشومسكي أنه يمكن التعامل معها في الوقت الحالي، ولكن ليس في ظل النظام الاجتماعي والاقتصادي الحالي للأسف.
وفي وقت سابق من هذه المقابلة، أشار نعوم تشومسكي إلى أن هناك القليل من الدوافع لشركات الأدوية لتكريس الموارد للوقاية من الأوبئة، تماماً كما تفعل شركات الوقود الأحفوري، بصفتها جهات فاعلة خاصة، فهي ليس لديها حافز حقيقي للالتزام بالتحول البيئي المطلوب لتجنب تغير المناخ.
كما وقال نعوم تشومسكي: "تكمن وراء هذه التهديدات الوجودية للإنسانية مشاكل جادة في العمل الجماعي، وهي مشاكل لا أعتقد أنه يمكن حلها من خلال مجتمعنا الفردي الحالي في ظل وجود الرأسمالية. وعلى سبيل المثال، تشارك جامعة كامبريدج في دعم صناعة الوقود الأحفوري، وهذا يعني أن هذه المؤسسة التي تعملون بها تعمل من أجل تدمير الجنس البشري".
• إذن ما الذي يمكن عمله؟
نظراً لإلحاح المشكلات المطروحة والنهضة في نشاط طلاب جامعة كامبريدج على مدار العقد الماضي، فإن هذا سؤال يحتل الصدارة بشكل دائم.
وأوضح تشومسكي: "من أهم الأشياء التي يجب القيام بها، أينما كنت، هو التعامل مع المؤسسات التي أنت جزء منها. إنه لأمر رائع أن تشارك في محاولة إنقاذ معاهدات الحد من التسلح، وهذا مهم، لكن الأهم هو إلقاء نظرة على مكانك الصحيح ومعرفة ما يمكنك القيام به".
نعوم تشومسكي
وأضاف نعوم تشومسكي: "على سبيل المثال، تشارك جامعة كامبريدج في دعم صناعة الوقود الأحفوري، وهذا يعني أنها تحصل على دعم مالي من هذه الصناعة، مما يعني أن المؤسسة التي تعمل بها تعمل على تدمير الجنس البشري. لنقتبس من غريتا ثونبرج شعار (خيانة مستقبلك)، ولكن في الحقيقة يمكنكم فعل شيء حيال ذلك".
بحسب نعوم تشومسكي، فهو يعتقد أن سحب الاستثمارات من صناعة الوقود الأحفوري على أنه إجراء ملموس، وأنه يمكن أن يضر بالنتيجة النهائية للتلوث الأحفوري، ولكنه سيكون في نطاق التحرك الرمزي أيضاً. ويضيف: "لا نريد أن نساهم في تدمير المجتمع البشري المنظم، ولا يجب عليكم ذلك".
بصرف النظر عن تغير المناخ، فإن نعوم تشومسكي يشير في خطاباته إلى أهمية النضال على مستوى المجتمع، يقول: " هل يتعين على بريطانيا أن تواصل مشروع المحافظين وحزب العمال الجديد لتدمير أفضل نظام صحي في العالم وتحويله إلى أسوأ نظام صحي في العالم بسبب هجوم ليبرالي من خلال محاولة تحويله إلى النظام الأمريكي الذي يعتبر الأسوأ في العالم".
كما وقال نعوم تشومسكي مندهشاً من النظام الصحي في الولايات المتحدة الأمريكية: "إن النظام الصحي الأمريكي يعتبر أكثر أشكال الرعاية الصحية الشاملة قسوة وتكلفة ووحشية، وإنني لا أنصح المملكة المتحدة بالسير في هذا الاتجاه، فهي ليست مضطرة لفعل ذلك.
بالإضافة إلى ذلك، قال نعوم تشومسكي: "إنني أعتقد أنه يقع على عاتقنا ومسؤوليتنا بصفتنا أصحاب امتياز، اتخاذ موقف في هذه الفترة التاريخية ليس كفرصة فحسب، بل لكون هذا الموقف ضرورة للتغيير الاجتماعي. وفي كثير من البلدان، يكون الاختيار صعباً لأنك تلقى في السجن وتتعرض للتعذيب وما إلى ذلك، وهو أمر صعب وتجربة مؤلمة بلا شك. ولكن في دول مثل بلدنا، فالأمر سهل بلا شك، قد تتعب من الهتاف أو تتعرض لشيء من هذا القبيل، ولكنك لن تتلقى الكثير من العقاب بلا شك".
المصدر: صحيفة فارسيتي الطلابية المستقلة