أخبار

دور الرئيس الفرنسي ماكرون بوفاة الرئيس التشادي ديبي

27 نيسان 2021 18:53

كتبت صحيفة ذا وييك، مقالاً تتساءل فيه عن علاقة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بوفاة الرئيس التشادي إدريس ديبي.


حيث قالت الصحيفة بأن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أشاد بالرئيس التشادي الراحل إدريس ديبي، بينما أكد التزام فرنسا المستمر تجاه الدولة الإفريقية الحليفة، وقد صرح خلال كلمة ألقاها في جنازة ديبي الرسمية في العاصمة السابقة للمستعمرة الفرنسية نجامينا يوم الجمعة: " فرنسا لن تسمح لأي شخص بالتشكيك أو بتهديد استقرار تشاد ونزاهته اليوم أو غدا ".

وتشير الصحيفة إلى أن ديبي قد قتل ساحة المعركة الأسبوع الماضي أثناء زيارته لقوات تقاتل "قوة متمردة مدربة ومدعومة بالسلاح من روسيا" وتحاول "الاستيلاء على نجامينا، وذلك بحسب ما ذكرته صحيفة التلغراف.

ولكن على الرغم من كلمات ماكرون الدافئة في جنازته ودور ديبي باعتباره "أحد رجال فرنسا الأفارقة الأقوياء الذين لا غنى عنهم"، يبدو أن وفاة الزعيم التشادي كانت نتيجة "خطأ فادح في السياسة الخارجية الفرنسية"، وذلك بحسب ما أشارت إليه الصحيفة نفسها.

وتلفت صحيفة ذا وييك إلى أن ماكرون وفي حديثه خلال جنازة ديبي على الرغم من تحذيرات المتمردين في تشاد بعدم حضورها، وصف الرئيس الراحل بأنه "صديق مخلص" و"زعيم مثالي"، وذلك بحسب ما قالته صحيفة التايمز البريطانية، لكن العلاقة بين باريس ونجامينا قد كانت محاطة بالكثير من الجدل.

فخلال حكم ديبي "القاسي" الذي دام 30 عام، كانت تشاد تمثل حجر الزاوية في استراتيجية فرنسا المناهضة للجهاديين في إفريقيا، حيث استضافت قوة مكافحة التمرد التي يبلغ قوامها 5000 فرد، وفي المقابل، استمر الفساد وانتهاكات الحقوق دون رادع.

وقد شهدت فترة حكم ديبي قيام وانتشار القوات المحورية التي تقاتل الجهاديين في شمال مالي، والتي ينظر إليها على نطاق واسع على أنها "أخطر مهمة حفظ سلام للأمم المتحدة في العالم".

وتضيف الصحيفة، بأنه سبق أن اتهمت جماعات حقوق الإنسان فرنسا وقوى غربية أخرى بغض الطرف عن القمع السياسي الذي مارسته حكومة ديبي بسبب تعاونه الأمني معها، وذلك بحسب ما نقلته وكالة رويترز للأنباء.

لكن المحللين يتكهنون الآن بأن فرنسا قد تكون مرتبطة بوفاة الزعيم التشادي، وأن مقتله كان عن غير قصد، حيث أن الرواية الرسمية التشادية لما جرى هي أن الرئيس الراحل قد أصيب برصاصة في صدره بعد أن صرخ في رجاله ليقودهم إلى خط المواجهة لمواجهة رتل من الإرهابيين، ومع ذلك، تضيف صحيفة التلغراف التي نقلت الرواية التشادية أنه ما زال هناك الكثير من "نظريات المؤامرة " التي تلفها الغموض حول وفاة رئيس تشاد.

كما وقالت مصادر لصحيفة التايمز البريطانية أن ديبي قتل على يد متمردين من مجموعة سياسية عسكرية تعرف باسم جبهة التغيير والوفاق في تشاد (FACT)، الذين تدربوا في ليبيا المجاورة من قبل منظمة فاغنر الروسية التي لها علاقات مع الكرملين والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وعلى الرغم من الارتباط الروسي المزعوم، فإن التورط المبلّغ عنه لمتمردي جبهة التغيير والوفاق في تشاد يسلط الضوء أولا وقبل كل شيء على السياسة الخارجية الفرنسية.

وأوضحت الصحيفة بأنه قد تم تشكيل جبهة التغيير والوفاق في تشاد في 2016 من قبل ضباط في الجيش التشادي عارضوا دكتاتورية ديبي واستخدام الأموال التي تنتجها صناعة النفط في البلاد، بعد ذلك، قاتل المتمردون لسنوات كمرتزقة في الحرب الأهلية الليبية تحت قيادة الجنرال خليفة حفتر، وذلك بعد أن لجأوا إلى جنوب البلد المجاور هربا من قوات ديبي.

وفي السنوات الأخيرة، دعمت فرنسا، إلى جانب كل من روسيا والإمارات العربية المتحدة، الزعيم الليبي حفتر إلى أقصى حد، حيث تتنافس جميع الأطراف على النفوذ في ليبيا الغنية بالنفط.

كما وقالت صحيفة التايمز البريطانية أن خطة المقاتلين التشاديين المدربين في ليبيا لمواجهة القوات الحكومية كانت مهمة بائسة، لكنها أدت في نهاية المطاف إلى موت ديبي.

وقد قال ناثانيال باول، مؤلف كتاب "حروب فرنسا في تشاد: التدخل العسكري وإنهاء الاستعمار في أفريقيا "، لصحيفة التلغراف أن قيام المتمردين الذين جهزهم حفتر بقتل ديبي هو "فشل كبير لفرنسا".

مضيفا: " لقد اعتمدت باريس في كل شيء على ديبي، ولم يكن لديهم خطة ثانية، ثم دعموا فصيلا في الحرب الأهلية الليبية، وقد انقلبوا عليهم وتخلصوا من حليفهم الرئيسي في إفريقيا ".

وتضيف صحيفة ذا وييك، بأن ولفرام لاتشر، الباحث في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية قال لصحيفة التلغراف، أن الحجة التي طرحتها فرنسا لدعم حفتر كانت أنه يستطيع تحقيق الاستقرار في المنطقة، ومع ذلك، قال لاتشر أن دعم قائد الجيش الوطني الليبي لمتمردي جبهة التغيير والوفاق في تشاد هو سبب رئيسي في مقتل الحليف الرئيسي لفرنسا في منطقة الساحل الإفريقي.

كما ويعتقد المحللون وفق الصحيفة، أن ماكرون قرر حضور جنازة ديبي على الرغم من المخاطر من أجل تقليل الضرر المحتمل للعلاقة بين باريس ونجامينا، وقد وعد ماكرون المشيعين بأن فرنسا ستكون هناك للحفاظ على الحياة ووعدت بجعل تشاد سلمية لأطفال تشاد وجميع مكونات المجتمع، وأن ديبي كان صديقا وجنديا شجاعا.

وعقب وفاته، تم تشكيل مجلس عسكري بقيادة نجل ديبي، محمد إدريس، الذي جلس إلى جانب ماكرون خلال مراسم الجنازة، وقد أيدت باريس الترتيب بشرط عودة الجيش إلى الحكم المدني في غضون 18 شهرا من الآن.

المصدر: صحيفة ذا وييك