أخبار لبنان

الصحفي حسن عليق يفند المزاعم بكون التهريب إلى سورية سبب الأزمة في لبنان

9 تموز 2021 23:13

أكد الصحفي اللبناني حسن عليق، بأن وسائل إعلام المنظومة، قد نجحت خلال الأشهر الماضية بإقناع اللبنانيين بأن أزمتهم الاقتصادية والمالية والنقدية سببها أمران اثنان لا ثالث لهما وهما الدعم والتهريب وتحديداً إلى سورية.

وبين عليق، في كلامه الذي جاء عبر منصة يوتيوب، بأنه بالنسبة لموضوع الدعم، فقد دخل لبنان بمرحلة رفع الدعم الكامل أو شبه الكامل، وبأنه خلال الأسابيع المقبلة سيتم شراء غالبية السلع بحسب سعر الدولار في السوق، لأن مصرف لبنان سيتوقف عن تأمين الدولارات للشركات المستوردة وفق سعر 1500 ليرة للدولار، مما سيسبب موجة تضخم كبيرة، وسيؤدي لتحليق أسعار كافة السلع، كما أن الدولار سيحلق ايضاً.

وأضاف عليق، بأنه وكنتيجة لذلك فسيتوقف التهريب من لبنان إلى سورية لعدم كونه مربحاً، وسيعود التهريب لوضعه الطبيعي كما كان منذ أكثر من ثلاثين سنة أي من سورية إلى لبنان، وعندها سيتوقف اللبنانيون عن انزعاجهم من التهريب، بل على العكس سيشجعونه.

وأوضح الصحفي اللبناني، بأن شيطنة الدعم هدفها تحقيق أمرين، الأول هو الحفاظ على ما تبقى من دولارات في مصرف لبنان، لاستخدامها في إعادة هيكلة القطاع المصرفي كبديل عن أموال أصحاب المصارف التي تم تهريبها للخارج، فبدل أن يأتوا بأموالهم من الخارج لتعويض الخسائر، سيستعملون الأموال المتبقية في مصرف لبنان، أما الهدف الثاني لشيطنة الدعم، فلأن التجار من المحتكرين الكبار لم يعد لديهم مصلحة في استمرار سياسة الدعم كما هي بسبب عدم إمكانيتهم استعادة مستوى الرباح التي كانوا يحققونها في السابق إلا في حالة رفع الدعم.

وأشار عليق، بأن بيت القصيد هو موضوع التهريب، حيث تم إقناع اللبنانيين أن انقطاع البنزين والدواء والسلع الأساسية وحليب الأطفال سببها الوحيد هو التهريب إلى سورية، معتبراً أن التهريب إلى سورية موجود، لكن المضحك هو الحديث عنه في السياسة، لأن المسؤول الأول الذي يعد بطل لبنان في التهريب بلا منازع وتحديداً بتهريب المحروقات هو نائب شمالي في تيار المستقبل، والأجهزة الأمنية تعلم هذا الأمر.

وبين الصحفي، بأن التهريب بين البلدين في الاتجاهين عمره من عمر الدولتين، ولا يوجد جدوى من إنكار التهريب، لكنه ليس السبب الأول للمأساة الحالية في لبنان، وكمثال على ذلك فإن تهريب البنزين والمازوت سيسبب مشكلة في المناطق الحدودية، لأن مصلحة أصحاب المحطات هناك أن يبيعوا المحروقات إلى سورية لأن ثمنها الغير مدعوم أعلى من لبنان، لكن هذا التهريب لا يخلق مشاكل في بيروت والضواحي وجبل لبنان، لأن غالبية محطات البنزين في هذه المناطق مملوكة من الشركات، فشركة توتال الفرنسية تستورد بنزين إلى لبنان ولديها شركة توزيع على المحطات ولديها محطات أيضاً لتزويد المستهلكين، لكن شركة توتال كانت أول من يغلق محطاته بسرعة عندما تحصل أزمة بنزين في لبنان.

ولفت عليق إلى وجود جوابين احتماليين لقيام شركة توتال بإغلاق محطاتها بسرعة عند بداية أي أزمة للبنزين، فالاحتمال الأول هو أن شركة توتال تقوم بتهريب البنزين إلى سورية، وهذا الأمر ليس صحيحاً لأن هذه الشركات وخاصة في هذا الوقت لا يمكن أن تفعل ذلك، أما الاحتمال الثاني هو أن تكون هذه المحطات لديها مشكلة في فتح الاعتمادات مع مصرف لبنان، فلكي تقوم باستيراد المحروقات تحتاج لدولارات من مصرف لبنان والمصرف لا يخفي نيته تخفيض الاستيراد بذريعة المحافظة على الدولارات المتواجدة لديه، فمصرف لبنان بكل بساطة لم يقم بفتح اعتمادات لشركات الاستيراد، مما سبب مشكلة عدم توفر البنزين في المحطات، وما ينطبق على شركة توتال ينطبق على باقي الشركات.

واعتبر الصحفي اللبناني أن الاحتمال الثاني يعرفه كل المتابعين للشأن الاقتصادي والسياسي في لبنان، وهو أن مصرف لبنان قرر أن يدخل بسياسة تخفيف الاستيراد وبأنه لن يقوم بفتح اعتمادات للشركات عندما تريد أن تستورد، مشيراً إلى أن من الأهمية التذكير بأن أول أزمة محروقات حصلت في لبنان قبل 17 تشرين، فقبل هذا التاريخ حصل حدثين أساسيين وحدث ثانوي، وكان أول حدث هو حرائق الشوف، والحدث الثاني كان انقطاع البنزين، والحدث الثانوي هو أزمة الأفران والخبز، وكان لهذه الأحداث دور أساسي في دفع الناس للخروج إلى الشارع في 17 تشرين، فيومها لم يكن هناك تهريب إلى سورية، لكن كان هناك أزمة بنزين.

وجدد عليق التأكيد على أن التهريب موجود وبكميات كبيرة، لكنه ليس السبب الأول لمشكلة لبنان المتمثلة بانقطاع البنزين والمحروقات وتحديداً في بيروت والضواحي وجبل لبنان التي تمثل الكتلة السكانية الأكبر، فالمسؤول الأول عن الأزمة هو مصرف لبنان الذي لم يقم بفتح اعتمادات والمسؤول الثاني هو التخزين وتحديداً في مادة المازوت، وإذا تمت مراجعة أرقام الجمارك للاستيراد بسنة 2020 سيلاحظ أن كمية البنزين التي تم استيرادها سنة 2020هي أقل من كمية البنزين التي تم استيرادها سنة 2019، وهذا بحد ذاته دليل على أن التهريب إلى سورية تحديدا سنة 2020 لم يكن بالقدر الذي حاولوا تصويره بإعلام المنظومة ابداً، فلو كان كذلك لكانت الشركات استوردت أكثر لتستطيع تلبية حاجة السوق السورية إلى جانب السوق اللبنانية، إضافة إلى أن كمية المازوت التي تم استيرادها في 2020 هي أقل ب 20% من كمية المازوت المستوردة في 2019، علماً أن المنطق يقول بأن الاستيراد يجب أن يزداد كل سنة بسبب زيادة الطلب.

واستنتج الصحفي حسن عليق من هذه الأرقام، عدم وجود تهريب إلى سورية بالقدر الذي يجري الحديث عنه من جهة أثره الاقتصادي، فالتهريب موجود وسيبقى وسيصبح معاكساً مستقبلاً، لكنه ليس السبب في الأزمة.

ولفت عليق، إلى أن المشكلة لا تقتصر على مصرف لبنان، إنما في سلوك الشركات أيضاً، فباللحظة التي صدر فيها قرار بأن المصرف سيؤمن الدولارات بسعر 3900، أصبحت جميع المحطات فجأة لا تحتوي البنزين، وقاموا بإغلاق محطاتهم، لأن مخزونهم المتوفر والذين قاموا بشرائه بالسعر القديم، يريدون بيعه بالسعر الجديد، فهذا السلوك الطبيعي الذي هدفه تحقيق الأرباح وخلق سوق سوداء، لمصلحة المحطات التي تريد أن تبيع داخل لبنان بالسوق السوداء، أو تقوم بالتهريب إلى سورية، هو موجود وسبب من الأسباب لكن يبقى السبب الأساسي هو مصرف لبنان.

وأكد عليق بأنه عندما تم شيطنة الدعم وشيطنة التهريب كان هناك هدف سياسي واقتصادي يجري تحقيقه، يرتبط برغبة مصرف لبنان وأصحاب المصارف والتجار والمحتكرين، بأن يتم رفع الدعم لأنه لم يعد من مصلحتهم، وما فعلته وسائل إعلام المنظومة كان عملية غش وتضليل للناس ليتم اقناعهم بأن رفع الدعم هو لمصلحتهم، بينما سيؤدي رفع الدعم لمزيد من الخراب والضرر على عموم سكان لبنان.

ولفت الصحفي، إلى أن لبنان دخل بمرحلة رفع الدعم الذي سيحدث خلال أسابيع قليلة، وبأن أزمة البنزين لن تحل، بسبب وجود شركات يصعب عليها تأمين دولارات لأن الدولارات ليست متوفرة في السوق دائماً، مما سيسبب زيادة أيضاً في سعر الدولار، وإذا لم تتوفر حلول جذرية كالاستيراد من إيران أو من أي دولة أخرى سواء بأسعار مخفضة، او بالليرة اللبنانية، فالاحتمال الأكبر هو استمرار الأزمة واستمرار انقطاع البنزين من السوق، رغم أن الطلب سينخفض كثيراً لأن أسعاره بعد رفع الدعم الكامل ستصل لأرقام خيالية.

وفي ختام حديثه، دعا الصحفي حسن عليق هذه المنظومة، بأنها كما استطاعت إقناع الناس في عام 2020 بأن السبب الأساسي لأزمة الدولار في لبنان بأن الدولارات يتم سحبها وإرسالها إلى سورية، والتي صدقها مع الأسف كثير من اللبنانيين، وكما اقنعت اللبنانيين لأجل التغطية على هدفها الحقيقي بأن سبب أزماتهم هو الدعم والتهريب، دعاها منذ الآن إلى التفتيش عن طريقة لإقناع الناس والكذب عليهم عندما يسجل سعر البنزين والمازوت رقماً خيالياً مستقبلاً، ورغم ذلك لا يتواجد البنزين والمازوت أحياناً في السوق، مشيراً إلى أنهم سيجدون طريقة للكذب على اللبنانيين عندها ومع الأسف سيصدقهم جزء كبير من الناس أيضاً كما في كل مرة.