أخبار لبنان

حسن عليق: ما حدث في خلدة كمين سياسي قبل أن يكون كميناً أمنياً

3 آب 2021 20:00

قال الصحافي اللبناني حسن عليق تعقيباً على أحداث خلدة عبر يوتيوب على "قناة المحطة" إن ما حصل في خلدة كمين سياسي قبل أن يكون كميناً أمنياً، وقد يقول بعضهم أن في هذا مبالغة، لكن لا يمكننا النظر إلى الحدث إلا من خلال سياق بدأ منذ صيف 2019، عندما قررت الولايات المتحدة تصعيد الضغوط على لبنان، مستهدفة "حزب الله" وحلفائه، فوضعت بنك الجمّال على لائحة العقوبات، ثم قرر مصرف لبنان تصفية هذا البنك، وكان هذا القرار هو الصاعق الذي أعلن بدء الانهيار الذي وصلنا إليه اليوم.

وتابع: من ثم قرر الأمريكيون استغلال ما يجري في البلاد لتحقيق مصالحهم وأهدافهم، وهنا نتذكر حدثاً أساسياً، هو قرار إقفال المصارف في 17 تشرين الأول 2019، حين كان حاكم مصرف لبنان وجمعية المصارف في واشنطن، تبعه زيادة تدريجية في حدة الانهيار على مدى العامين التاليين، فاستثمر الأمريكيون وحلفاؤهم في هذا الانهيار.

وأضاف عليق: هنا قرر أصحاب المصارف وحلفاؤهم وشركاؤهم من السياسيين إعاقة أي خطة إنقاذية، ولو كان هدفها التخفيف من حدة الانهيار، وخلال هذه الفترة، استثمر الأمريكيون الانهيار، وقرروا الوصول به إلى المدى الأقصى سياسياً، من خلال عدم تشكيل حكومة إلا بشروطهم، واقتصادياً، وبالتالي اجتماعياً، وحيدوا المؤسسات التي تعنيهم وتهمهم، وعلى رأسها الجيش اللبناني، وحموا الشخصيات التي تهمهم، وعلى رأسهم رياض سلامة.

وأكد الصحافي أن ما حصل بخلدة قد يكون "مؤشراً خطيراً جداً على أن الأمريكيين انتقلوا من الجوانب التي نعرفها للانهيار إلى الانهيار الأمني"، ولفت إلى أن الأجهزة الأمنية تعرف حق المعرفة أن "هدف المجموعات التي تقطع الطرقات في خلدة خلق توتر في بيئة حزب الله وحركة أمل"، وتعرف أن "هذه المجموعات مرتبطة بالسفارة السعودية، فالسعوديون والأمريكيون يشتركان بهدف واحد هو ضرب حزب الله، ولا يكترثون إن أدى الانهيار المفتعل إلى الإطاحة بالبلاد بشكل كامل، حتى إنهم يعملون بشكل حثيث على تعميق الانهيار، وإعاقة أي حل سياسي أو غير سياسي. وبهذا السياق تحديداً، أتى كمين خلدة".

وقال عليق: "عندما نتحدث عن التدخل الخارجي، يقال لنا دوماً أننا نبالغ، وأننا مؤمنون بنظرية المؤامرة، لكننا نتحدث عن بلد في عام 2017 خطفَ بلد آخر رئيس حكومته وأجبره على الاستقالة، وفي عام 2021، فتحت إحدى الدول علاقات مباشرة مع أجهزة أمنية بدون إقامة أي اعتبار للسلطة السياسية أو التنفيذية أو التشريعية".

وأضاف: إننا نشهد تدخلاً بالإعلام، فهناك وسائل الإعلام أبرمت عقوداً علنية مع سفارات للترويج سواء لقضايا تحت عنوان "مكافحة الفساد" أو "تدريب صحفيين أو "إعلانات".

وأشار إلى أن تلك السفارات تدفع ملايين الدولارات بشكل مباشر لبعض وسائل الإعلام، لذا فالتدخل في لبنان واضح لحد أن "الفرنسيين يحددون لنا وزير المالية المقبل، ولحد أن يمنع الأمريكيون أي محاسبة لحاكم مصرف لبنان المركزي، بالرغم من الشبهات شبه المؤكدة بشأن سرقته للأموال العامة".

وشدد عليق على أن التدخل الأجنبي في شؤون البلاد ليس بحاجة إلى أدلة، ولا بحاجة إلى استقصاء، وبالتالي هذا لا ينضوي تحت راية "نظرية المؤامرة"، فالشيخ "جاسم العسكر الذي تحدث باسم اتحاد العشائر العربية في لبنان في 1 آب 2021، وضع أحداث خلدة في سياق سياسي، ولم يضعه بسياق ثأري، والكل يعلم أن اتحاد العشائر هو أحد أذرع السفارة السعودية التنفيذية".

وحذر عليق: "نحن اليوم أمام مفترق طرق خطير للغاية، طريق يؤدي إلى تسوية سياسية وخطة إنقاذ تنشل البلاد من الانهيار، وطريق آخر يبدو أن الأمريكيين والسعوديين قرروا أن يسلكوه، وهو طريق تعميق الانهيار والانتقال فيه من الانهيار الاقتصادي والمالي والنقدي والاجتماعي إلى الفوضى الأمنية".

وقال: "هناك مساع داخلية وخارجية قد ترجح أحد الخيارين على الآخر، لكن حتى اللحظة، لا يبدو أن الأمور محسومة، وأقصد هنا بالمساعي الخارجية، المسعى القطري متمثلاً بمبادرة وزير الخارجية القطري بمباركة أمريكية، أو نيابة عن الأمريكيين، والمسعى الأردني المتمثل بزيارة ملك الأردن لواشنطن، فالأردنيون، كما القطريون، يرون أن الانهيار في لبنان سيؤدي إلى مزيد من التوتر واللااستقرار في الشرق الأوسط، لذا يحاول ملك الأردن أن يقول للأمريكيين أن الانهيار سيضر بمصالحكم في المنطقة، والفرنسيون كذلك عدّوا، على لسان وزير خارجيتهم في اجتماع وزراء الخارجية الأوروبيين في تموز الماضي، أن الانهيار الشامل في لبنان سيقوي حزب الله".

أما فيما يتعلق بالمسعى الإسرائيلي قال عليق إن الإسرائيليين يرون أن "المزيد من الانهيار سيصب في مصلحتهم من خلال الإضرار بحزب الله، لكن أحداثاً حصلت أدت ربما إلى تغيير التقييم الإسرائيلي، آخرها كان إطلاق صواريخ من منطقة القليلة باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة". وبين أنه بصرف النظر عمن أطلق الصواريخ، ربما فهم الإسرائيليون الأمر كرسالة من الداخل اللبناني أن الانهيار سيؤدي إلى زعزعة الوضع على الحدود اللبنانية الفلسطينية.

في النهاية تساءل عليق: هل سيغير الأمريكيون وأتباعهم السعوديون مسار عملهم في لبنان من تعميق الانهيار نحو التخفيف من سرعته؟ وقال: ما يزال الأمر غير محسوم، خاصة أن مسألة الانتخابات النيابية ما تزال على الطاولة.

وحذر من أنه إذا لم يعالج ما حصل بخلدة بشكل جدي، هناك خطر أن يتكرر بشكل أسوأ.

أتى كلام عليق تعقيباً على أحداث منطقة خلدة جنوبي بيروت، حيث تعرض موكب تشييع المواطن علي الشبلي لكمين مسلح راح ضحيته خمسة مواطنين على الأقل، وكان قد اغتيل علي الشبلي في اليوم السابق في حفل زفاف.

وفي السياق نفسه، حذر الصحافي رضوان مرتضى على منصة قناة "المحطة" أمس من أنه إذ استمرت العشائر "بقطع الطرقات وبإذكاء نار الفتنة، يجب قطع رأس هذه الفتنة، وإن لم تقم المؤسسات الأمنية بواجبها فستكون شريكاً بالجريمة، لأن الجريمة وقعت على مرأى من دوريات الجيش والأجهزة الأمنية، وكأن هناك من يريد تحقيق "نبوءة" وقوع أعمال أمنية قبل حلول ذكرى انفجار الرابع من آب"، قاصداً السعودية والولايات المتحدة".


النهضة نيوز - قناة المحطة