زلزال قوي يهز هايتي وأجزاء من البحر الكاريبي

مبنى متضرر من الزلزال الذي ضرب مدينة ليس كايس في هايتي مبنى متضرر من الزلزال الذي ضرب مدينة ليس كايس في هايتي

ألحق الزلزال، الذي بلغت قوته 7.2 درجة، أضراراً بالغة بمدينتين على الأقل، وقتل العشرات ودفن أناساً تحت أنقاض المباني المنهارة. وكان على نفس خط صدع زلزال عام 2010 الذي أودى بحياة أكثر من 220 ألف شخص.

ضرب زلزال بقوة 7.2 درجة هايتي صباح اليوم السبت، في واقعة مدمرة لبلد فقير اغتيل رئيسه الشهر الماضي، ولا يزال يتعافى من زلزال مدمر ضرب البلاد منذ أكثر من 11 عاماً.

سحق الزلزال المستشفيات، وسوّى المباني بالأرض، وحاصر الناس تحت الأنقاض في مدينتين على الأقل في الجزء الغربي من البلاد. وقال مسؤول كبير للحماية المدنية إن عدد القتلى بلغ 178 شخصاً على الأقل.

أتت الكارثة في أسوأ وقت مر على البلاد التي يبلغ عدد سكانها 11 مليون نسمة، والتي عانت من مخاض أزمة سياسية منذ اغتيال الرئيس جوفينيل موس في 7 تموز/يوليو، إذ خلّف الاغتيال، وفراغ القيادة، والفقر المدقع وعنف العصابات الممنهج في أجزاء من هايتي، وراءه حكومة مختلة وظيفياً وغير مهيأة لمواجهة كارثة طبيعية - خاصة عندما تكون غير قادرة على ممارسة سلطاتها في البلاد.

ووردت معلومات أولية كثيرة حول الزلزال عبر منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي بسبب المخاطر الأمنية في السفر إلى المنطقة المتضررة، التي تبعد أربع ساعات على الأقل براً عن العاصمة "بورت أُو برنس".

وقالت هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية إن الزلزال وقع على بعد خمسة أميال من بلدة بيتيت ترو دي نيبس في الجزء الغربي من البلاد، على بعد حوالي 80 ميلاً غرب بورت أو برنس. وقال علماء الزلازل إنه كان على عمق سبعة أميال وشُعر به على بعد 200 ميل في جامايكا.

وأضافت الهيئة إن الزلزال كان بقوة 7.2 درجة، وهي قوة قادرة على إحداث أضرار جسيمة، وكان أقوى من الزلزال الذي ضرب هايتي في عام 2010 وأودى بحياة قرابة ربع مليون شخص، والذي بلغت قوته 7.0.

وبالرغم من أن الزلزال ضرب منطقة أقل كثافة سكانية في البلاد، استحال تقييم الحجم الكامل للضحايا. وقالت سفارة هايتي في الولايات المتحدة في بيان إن "الحكومة الهايتية تعتقد أن وقوع خسائر بشرية كبيرة أمر مرجح بالنظر إلى حجم الزلزال".

وقالت الهيئة إن ست هزات ارتدادية على الأقل هزت المنطقة، وكانت إحداها بقوة 5.1.

ووعدت إدارة بايدن والأمم المتحدة ووكالات الإغاثة الخاصة التي تعمل في هايتي بتقديم مساعدة عاجلة. وقالت ليلى بوراهلا، مديرة منظمة إنقاذ الطفولة في هايتي إن تقييم الأضرار سيستغرق أياماً، لكن "من الواضح أن هذه حالة طوارئ إنسانية ضخمة".

وقالت سامانثا باور، مديرة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، التي تعد المزود الرئيسي للمساعدات الخارجية الأمريكية، في منشور على تويتر "إننا نتحرك بشكل عاجل للرد".

وأظهرت صور ومقاطع فيديو نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مبان منهارة، وإصابة السكان بالذعر وهم يرتدون ملابس النوم وينادون على أحبائهم. ودفع تحذير من تسونامي آخرين بالفرار من الساحل قبل رفع حالة التأهب. وكانت العاصفة الاستوائية غريس في طريقها لضرب البلاد، حيث قال خبراء الأرصاد الجوية إن على الهايتيين الاستعداد لها يوم الاثنين أو الثلاثاء.

وسادت غمامة من الفوضى والارتباك عبر شبه الجزيرة الجنوبية للبلاد، وعزز ذلك روايات غير مؤكدة عن محاولة هروب من سجن في جاكميل، إحدى المدن الرئيسية هناك.


وأفادت تقارير أن مدينتين على الأقل تعرضتا لدمار كبير، هما: ليس كايس وجيريميا، وانقطعت خطوط الهاتف في منطقة بيتيت ترو دي نيبس، مركز الزلزال، ولم ترد أنباء على الفور من تلك المدينة، ما جعل المسؤولين في هايتي يخشون الأسوأ.

وأفاد أطباء أن المستشفيين الرئيسيين في ليس كايس والمستشفى الرئيسي في جيريميا قد اكتظا.

وقال ويدشل أوغستين، وهو مواطن عمره 35 عاماً من مدينة لي كايس: "انهارت العديد من المنازل. وحوصر أناس كثيرون تحت الأنقاض. يمكننا سماع صرخات أناس تحت الأنقاض. ويركض الناس ذهاباً وإياباً باتجاه المستشفى".

وظهرت مقاطع فيديو لأشخاص ما زالوا يرتدون بيجاماتهم أو مناشف الحمام، ويهرعون في الشارع باحثين عن ملاذ من منازلهم التي اهتزت بعنف، وسويت مبان مكونة من ثلاثة طوابق بالأرض، وأظهر مقطع فيديو آخر مجموعة من الرجال يقومون يبحثون بين الركام ويحاولون إزالة الأنقاض لاستخراج شخص عالق تحتها.

وأبلغت فانيا جوزيف، المديرة التنفيذية لتحالف إدارة المخاطر واستمرارية الأنشطة، وهو وكالة تنسيقية، عن وفاة 178 شخصاً على الأقل، بناءً على معلومات من مسعفين.

واستناداً إلى تقارير وردت من المستشفيات والعيادات في ليس كايس وحدها، قُتل ما لا يقل عن 80 شخصاً في الزلزال وجُرح 120.

وقال د. جيمس بيير، وهو جراح يعمل في المستشفى العام في ليس كايس، إن المستشفى بحاجة إلى أبسط المستلزمات، بما في ذلك القفازات الجراحية والإبر الوريدية. وأضاف إنه ربما يكون الجراح الوحيد الذي يعمل حالياً في ليس كايس، حيث عاد العديد من زملائه إلى عاصمة هايتي لقضاء عطلة نهاية الأسبوع أمس الجمعة.

وقال أيضاً إن مبنى يضم طلاب الطب ومتدربين في المستشفى وطبيبين قد انهار، ما أدى إلى محاصرة أولئك الذين "نحن في أمس الحاجة إلى مساعدتهم".

الزلزال وقع على طول خط الصدع نفسه الذي حدث في زلزال عام 2010

صورة قمر صناعي لناسا تُظهر منطقة صدع حديقة إنريكيو-بلانتين في هايتي في عام 2010.

وقع الزلزال الذي ضرب هايتي على نظام الصدوع نفسه الذي دمر العاصمة بورت أو برنس في كانون الثاني/يناير عام 2010. ومن شبه المؤكد أن الزلزال السابق زاد من احتمالية حدوث هذا الزلزال.

وضرب كلا الزلزالين خط صدع بين الشرق والغرب عند التقاء لوحين تكتونيين، وهما جزآن كبيران من قشرة الأرض تتحركان ببطء، ومرتبطتان بحركتهما. وعند خط الصدع هذا، المسمى منطقة صدع حديقة إنريكيو-بلانتين، تتحرك الصفيحة الكاريبية ولوحة أمريكا الشمالية بشكل جانبي، أو جنباً إلى جنب، بحركة مرتبطة بمعدل ربع بوصة تقريباً في السنة.

كان مركز زلزال عام 2010 على بعد حوالي 30 ميلاً إلى الغرب من بورت أو برنس. وكان الزلزال الذي وقع اليوم السبت على بعد نحو 50 ميلاً إلى الغرب.

وأكدت سوزان هوغ، عالمة الزلازل في هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية التي درست زلزال عام 2010، أن الزلزال الماضي وزلزال السبت مرتبطان.

وقالت: "لا شك أن مفهوم الدومينو ينطبق هنا"، حيث تعمل الطاقة المنبعثة من أحد الزلازل على تغيير أنماط الضغط في أماكن أخرى على طول خط الصدع، "لكن ليس لدينا كرة بلورية تخبرنا عن قطعة الدومينو التي ستسقط بعد ذلك".

وأضافت إن علماء الزلازل كانوا قلقين حيال منطقة من منطقة الصدع إلى الشرق، أقرب إلى موقع التمزق في عام 2010، وقد "رأينا الآن المقطع إلى الغرب يتمزق".

ولفتت إلى أن الصدع تمزق رأسياً وجانباً، إذ أشارت التحليلات الأولية إلى أن الصدع تمزق باتجاه الغرب، ما يعني أن معظم الطاقة جرى توجيهها بعيداً عن بورت أو برنس ونحو المنطقة الأقل كثافة سكانية على طول شبه جزيرة تيبورون. وإذا كان هذا هو الحال، فإن معظم الهزات الارتدادية التي تتبع حتما زلزال كبير ستحدث على الأرجح في الغرب أيضاً، مشيرة إلى أن "هذه مؤشرات جيدة".

تعتمد الأضرار والخسائر من الزلازل على العديد من العوامل إلى جانب الحجم. يمكن أن يلعب عمق التمزق وموقعه ووقت حدوثه وجودة البناء أدواراً هامة، ففي زلزال عام 2010، ألقي اللوم على التشييد الرديء في العديد من الوفيات والإصابات.

وتمتد منطقة الصدع غرباً إلى جامايكا، والتي هي أيضاً معرضة لخطر الزلازل الكبيرة، فإلى جانب زلزال عام 2010، كانت منطقة الصدع على الأرجح مصدر أربعة زلازل كبرى في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، بما في ذلك تلك التي دمرت بورت أو برنس عام 1751، ومرة أخرى في عام 1770.

المصدر: صحيفة نيويورك تايمز