أخبار لبنان

في جريمة الطيونة.. عون يطلب من جعجع "وقف ألاعيبه" واستقالة ميقاتي واردة تنصلاً من المسؤولية

15 تشرين الأول 2021 11:44

بعد المجزرة الدموية التي حدثت أمس بحق محتجين على إدارة ملف التحقيقات في تفجير المرفأ وتسييسه، خاصة وأن التعامل مع الجريمة لم يرق، بحسب جريدة "الأخبار"، إلى مستوى حقيقي بالمسؤولية، مع امتناع معظم المدافعين عن "حرية التعبير عن إدانة "المجرم القاتل" وتحميل القتيل المسؤولية بسبب رغبته في التعبير عن رأيه بحرية.. في وجه كل ذلك، يلوح في الأفق سؤال طرحته "الأخبار": "هل يستنقذ الرئيسان ميشال عون ونجيب ميقاتي الحكومة وما بقي من دولة وعهد؟"

تجاوز البحث، بحسب متابعات الصحيفة، الحديث عن جريمة المرفأ إلى "معالجة الموقف المتفجر بعد جريمة الطيونة". وبعد بيان حزب الله وحركة أمل الذي اتهما فيه "القوات اللبنانية مباشرة بالوقوف خلف الجريمة، أبلغ الثنائي عون وميقاتي وبقية القوى السياسية بأنه بات أكثر تمسّكاً بموقفه من ملف التحقيق في المرفأ ومنع استمرار عملية التسييس"، وطالب بتحقيق "واسع وشامل في جريمة الطيونة" يستهدف المجرمين ومن قرر وخطط ونفّذ، إلى جانب "معاقبة المهملين من مسؤولين عسكريين وأمنيين لم يبادروا إلى منع الجريمة قبل حصولها بساعات طويلة" على الرغم من "توافر معلومات عما كانت تحضر له القوات في المنطقة".

ضغوط على ميقاتي

وبحسب مصادر "الأخبار"، لن يتساهل الثنائي الشيعي، ومعه تيار المردة والنائب طلال أرسلان، في هذه المسألة، ما قد يؤدي إلى "عدم انعقاد أي جلسة للحكومة ما لم يكن الاجتماع محصوراً ببحث هذين البندين".

وكشف مقربون من الرئيس ميقاتي أنه "تلقى اتصالات خارجية تحثه على عدم التجاوب مع أي خطوة تضرّ بعمل القاضي طارق البيطار"، وأعرب عن خشيته من "تدهور الأمور"، ويبدو كمن يفكر "بخطوة استباقية على شكل استقالة مبررة بأنه لا يريد التدخل في عمل القضاء ولا يريد تحمّل مسؤولية المواجهات التي تحولت إلى أعمال عسكرية سالت فيها دماء"، وما هذه الخطوة في نظر الصحيفة إلا محاولة تنصّل من المسؤولية في لحظة حاسمة.

ودان رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط "استخدام القناصات ضد المتظاهرين"، ودعا المحقق العدلي إلى التحقيق "بكل هدوء ومع الجميع من دون استثناء"، مشيراً إلى أن "الغرب يريد تحميل لبنان وحده مسؤولية المحكمة في انفجار بيروت، فلتتفضل الدول الغربية الصديقة نظرياً بتقديم معلومات حول كيف أتت النيترات إلى لبنان".

أما التيار الوطني الحر الذي يواجه "تعبئة شعبية ضده في الشارع المسيحي"، أصدر بياناً أعرب فيه عن رفضه لطلبات "الثنائي الشيعي" بخصوص البيطار، لكنه ندد "باستخدام السلاح ضد المتظاهرين في الطيونة"، فيما دعا الرئيس عون إلى "عدم الانجرار إلى الفتنة".

عون يتصل بجعجع

وأفادت مصادر في القصر الجمهوري لجريدة "الأخبار" بأن عون أجرى اتصالاً بجعجع أمس الخميس، عبّر فيه عن انزعاجه مما يجري، وحذرّه بالقول: "أوقف ألاعيبك"، فرد جعجع بأنه "غير مسؤول عما حدث وأن أفراداً غير منظمين من المدنيين ولو ارتدوا لباساً عسكرياً ليسوا بالضرورة من القوات". عندها أعاد عون الطلب من جعجع "وقف ألاعيبه وأنهى المكالمة"، الأمر الذي "دفع رئيس حزب القوات إلى إصدار بيان استنكر فيه ما حصل واتهام القوات، وطالب الجهات المختصة بتحديد المسؤوليات"، على الرغم من أن "النائبين عماد واكيم وفادي سعد كانا واضحين في تبنيهما الأعمال المسلحة. فيما عمل عدد من مسؤولي القوات على تصوير ما حصل بأنه رد على اعتداء تعرض له السكان في مناطق عين الرمانة، ولمحوا إلى أن المسلحين غرباء"، وأشارت الوزيرة السابقة مي شدياق إلى اعتقال أحد السوريين.

بروفة لحرب أهلية

اعتبرت الصحيفة أن ما حصل كان "أقرب إلى بروفة لحرب أهلية وانفلات أمني". وجرى الحديث عن روايات عدة في اجتماع مجلس الأمن المركزي في وزارة الداخلية، بحضور "قادة الأجهزة الأمنية الذين أجمعوا على أنّ عناصر من القوات اللبنانية بدأوا بإطلاق النار". وذكر أحد الضباط معلومات عن "انتشار قنّاصين على أسطح بعض المباني أطلقوا النار على المتظاهرين أثناء مرورهم من دوّار الطيونة".

وروى مرجع أمني للصحيفة أنّ "مسلحين من القوات انتشروا في الشوارع الداخلية لعين الرمانة تأهباً منذ ساعات الصباح الأولى. وأثناء مرور المتظاهرين على طريق صيدا القديمة حصلت استفزازات، فيما عمد تجمّع لعناصر من القوات في زاروب مدرسة الفرير إلى افتعال خلاف مع المتظاهرين ليبدأ رمي الحجارة، قبل أن يقوم مسلّحون من القوات بإطلاق النار على المتظاهرين".

وأكد المرجع أنّ "عناصر القوات كانوا حاضرين بأسلحتهم ومستعدين للمواجهة، ما يُفسّر العدد الكبير من الضحايا في صفوف المتظاهرين في بداية الخلاف، قبل أن يستقدم موالون لحزب الله وحركة أمل السلاح ليتطور الأمر إلى اشتباكات مسلحة".

تهديدات أمريكية

وتوقفت "الأخبار" عند "تناقض مواقف الجهات الرسمية". إذ أصدرت قيادة الجيش، صباح أمس، بياناً قبل زيارة نائبة وزير الخارجية الأمريكية للشؤون السياسية فيكتوريا نولاند، قالت فيه إنّ "المحتجين أثناء توجههم إلى منطقة العدلية تعرضوا لرشقات نارية في منطقة الطيونة –بدارو". وأشار وزير الداخلية بسام مولوي في تصريح إلى "تعرض متظاهرين سلميين لإطلاق نار من مسلحين"، وتبعه بيان ثانٍ لقيادة الجيش، بتدخل مباشر من مكتب قائد الجيش، "ساوت فيه بين القاتل والضحية"، وذكرت فيه أنّه خلال توجه المحتجين إلى منطقة العدلية للاعتصام "حصل إشكال وتبادل لإطلاق النار، ما أدى إلى مقتل عدد من المواطنين وإصابة آخرين بجروح"، وهذا يشير إلى أن التهديد الأمريكي نجح في دفع الجيش إلى "تحويل المتظاهرين من ضحايا أُطلقت عليهم النار إلى مُثيري شغب سقطوا أثناء تبادل لإطلاق النار".

تفلت أمني واضح

وسلطت الصحيفة الضوء على "حجم التفلّت الأمني مع أنّ عناصر الجيش واستخباراته وبقية الأجهزة الأمنية كانوا على دراية بأنّ التوتر بلغ أشدّه. حتى إنهم أغلقوا مداخل عين الرمانة في الليلة السابقة للاعتصام، وعمدوا إلى نشر العناصر الأمنية على طول طريق صيدا القديمة. وكانت لدى هذه الأجهزة معلومات عن وجود مجموعات تتحضر لافتعال إشكالات مع المتظاهرين. كما أنّ هناك من كتب تهديدات في وسائل التواصل الاجتماعي طالباً من متابعيه الترقب للدرس الذي سيُلقّنه للمتظاهرين".

تزامن هذا التطور الأمني اللافت، وفقاً للصحيفة، مع تصعيد قضائي مستغرب، إذ سارع رئيس محكمة التمييز القاضي ناجي عيد إلى إصدار "قرار بعدم صلاحيته النظر في طلب الرد المقدم من النواب المدعى عليهم". وكان عيد يستعد لإصدار القرار أول من أمس، إلا أنّ "تغيّب عضو من الهيئة عن العدلية اضطرّه إلى إرجائها. ويوم أمس، لم يكتمل نصاب الهيئة أيضاً لتنحي القاضية نفسها"، ما دفع عيد إلى "تعيين مستشار آخر فوراً ليُصدر قراره، بعدما كان قد سرّب فحواه قبل يومين". ولم يُفهم سبب "استعجال عيد لإصدار القرار في وقت كان الشحن في الشارع في أعلى درجاته. علماً أنّ همساً يدور في العدلية عن سابقة في تعيين الهيئات ارتكبها رئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبود. فقد عمد إلى تعيين جميع أعضاء الهيئة في محكمة الاستئناف التي أصدرت قراراً بعدم الصلاحية من طائفة واحدة، بينما درج العرف أن تتألف الهيئة من قضاة ينتمون إلى طوائف مختلفة".

جريدة الأخبار