أخبار لبنان

الوسيط الأمريكي الإسرائيلي للبنانيين: ما من شركة تنقيب في العالم ستعمل معكم قبل الاتفاق مع إسرائيل

22 تشرين الأول 2021 09:57

وصفت جريدة "الأخبار" مواقف المسؤولين اللبنانيين بالـ "تفاؤل الحذر" بعد لقاءاتهم مع الوسيط الأمريكي، حامل الجنسية الإسرائيلية، عاموس هوكستين، وأكدت أن الجميع ينتظر سفر الموفد الأمريكي إلى تل أبيب وما سيحمله من أجوبة أو مقترحات، علماً أنه شدّد على أن أمام لبنان وقتاً قصيراً وعليه اتخاذ القرار، متحدّثاً عن فرصة زمنية لا تتجاوز الأشهر الثلاثة.

ولفتت الصحيفة إلى أن زيارة مساعدة وزير الخارجية الأمريكي فيكتوريا نولاند لبيروت، الخميس الماضي، لم تلق اهتماماً مشابهاً للاهتمام الذي حظيت به جولة زيارة الوسيط الأمريكي في مفاوضات الترسيم عاموس هوكستين. وعلى الرغم من أن نولاند ناقشت، بالتفصيل، ملف النزاع الحدودي المائي مع المسؤولين في بيروت، سيأخذ النقاش بعداً أكثر وضوحاً بعد الجولة الأولى لهوكستين، وهذا يعود بحسب الصحيفة إلى أن الأمر يتعلق في جانب منه بهوية الموفَد الأمريكي (حامِل الجنسية الإسرائيلية والذي خدم في جيش العدوّ أثناء احتلاله لبنانَ)، إضافة إلى رؤيته "الخاصة" للحل. ويزداد الاهتمام لدى مقاربة توقيت إعادة ملف التفاوض إلى الخدمة في ظل استعصاء حلّ الأزمة اللبنانية والتهديد الغربي الدائم بالعقوبات. وجاءت هذه الردود معطوفة على مخاوف وتساؤلات مِن أن يدفَع هذا الاستعصاء الداخلي جهات محلية إلى الدخول في بازار يؤدي عملياً إلى التنازل عن بعض حقوق لبنان في ثرواته الوطنية، بحجة تفادي الغضب الأمريكي والسعي إلى فكّ الحصار عن أي مساعدات ينتظرها لبنان من مؤسسات دولية أو جهات مانحة.

وبدا أن أفق ملف الترسيم في نظر "الأخبار" ما زالَ محكوماً بقراءات مختلفة عند الجهات الرسمية المعنية بالقضية، بيد أنها أشارت إلى أن هناك توافقاً جدياً بين المسؤولين اللبنانيين على نقطتين جوهريتين: الأولى تتمثل بإلغاء فكرة تعديل المرسوم 6433 وبالتالي عدم التمسّك بالخط 29 كنقطة بدء للمفاوضات. والثانية التصرف مع مَهمة هوكستين على أنها "الفرصة الوحيدة المتاحة أمامنا" لأن الرجل يقدر وحده على هندسة الاتفاق حول المنطقة النفطية على نحو يضمن بيئة آمنة للتنقيب. ولكنْ هل هذا الأمر مُتاح؟

مواقف متباينة بين القيادات السياسية

ورأت "الأخبار" أن هوكستين حرص على إبلاغ كل من زارهم أن جولته الأولى استكشافية. وهو لذلك يرغب بالاجتماع بكل المعنيين بالملف، ليس على مستوى المسؤولين فقط، بل على صعيد الفريق التقني أيضاً. وهو طلب من قائد الجيش العماد جوزيف عون السماح له بالاجتماع برئيس الوفد اللبناني السابق العميد بسام ياسين بعيداً من الإعلام. وفي هذه الجلسة استفسر الوسيط الأمريكي عن "كل كبيرة وصغيرة" في ما يتعلق بمسار المفاوضات سابقاً، كما سأله عن سبب عدم التمديد التقني لياسين وتأثير ذلك على الجيش. خصوصاً، في ظل الكلام عن أنه "في حال توسيع الوفد وتعيين شخصية سياسية أو دبلوماسية تترأسه فإن الخبير نجيب مسيحي والعقيد مازن بصبوص سينسحبان منه".

وخلص هوكستين إلى وجود هوّة جدية في المواقف بين القيادات السياسية والوفد المفاوض. بين فريق مُلتزِم باتفاق الإطار الذي ينصّ على الوفد العسكري، وآخر أكثر مرونة لجهة قبول طرح الجولات المكوكية للوسيط الأمريكي وعقد لقاءات متعدّدة، على أمل أن تكلف الحكومة بعد توافق الرؤساء الثلاثة وزارة الخارجية بهذه المَهمة. كما أن الرجل لمس أيضاً شهية كل الأطراف للتوصل إلى اتفاق سريع يتيح إطلاق عملية التنقيب، وتحقيق ذلك من خلال تسهيل عملية التفاوض لتمكين لبنان من الاستفادة من عائدات النفط لمعالجة أزماته الاقتصادية. وهو ما جعل الوسيط الإسرائيلي - الأمريكي يُبلغ المسؤولين اللبنانيين بحزم: "لديكم مهلة شهرين إلى ثلاثة أشهر لإنجاز الاتفاق وليسَ أكثر". كما أكّد بوضوح لسائليه عن إمكان شروع لبنان بالتنقيب في نقاط غير متنازع عليها بأنه "ما من شركة في العالم ستوافق على العمل معكم قبل إنجاز الاتفاق مع إسرائيل".

الرضوخ للشروط الأمريكية

يبقى ما يريده الوسيط الأمريكي من دون أن يقدمه بشكل رسمي بعد، وهو فكرة تقاسم الثروات في المنطقة المتنازَع عليها، والتي بحسب ما هو ظاهر حتى الآن، تجعل نصيب لبنان محدداً وفق "خط هوف" أو أكثر بقليل. لم يطرح هوكستين فكرته بشكل صريح، لأن "القوى السياسية قالت إنها ستنتظِر أيضاً ما سيعود به من إسرائيل، فيضع قاعدة يُمكن الانطلاق منها"، علماً أن فكرته لجهة التطوير المشترك للآبار تحت البحر لا فيتو لبنانياً عليها بالمطلق، وقد طُرحت في لقاءات جانبية مع مسؤولين لبنانيين وأمريكيين سابقاً ولم يُبد الجانب اللبناني رفضاً مطلقاً لها. أما ترجمتها في العلن، فكانت تُقارب من خلال تقديم طروحات من قبيل الاستعانة بشركة أجنبية أو أمريكية تُلزَّم المنطقة المتنازع عليها وتديرها عبر حساب مشترك وتوزّع الأرباح بينَ لبنان والعدو الإسرائيلي بحسب المساحة المخصّصة لكل منهما.

ووصفت الصحيفة هذه الفكرة بأنها ليست سوى قبول بالشروط الأمريكية، مشيرة إلى أنها تستهدف تطبيعاً اقتصادياً مُقنّعاً مع العدو، وهذا ما يفرض الحذر على مواقف بعض الجهات اللبنانية، وتساءلت: هل يقبل لبنان الاستعانة بشركة ترسّم الحدود ويلتزِم بما تحدده له، أم يكتفي بمساعدة قانونية استشارية تُشرّع العمل الذي قامَ به لترسيم حدوده؟ ومن هي الجهة التي ستبادر إلى ذلك أو لها صلاحية التقرير؟

ونقلت عن مصادر وزارية أن هذا الأمر يدخل ضمن إطار الاتفاقات الدولية، والجهة المخوّلة القيام به هي رئيس الجمهورية بالاتفاق مع رئيس الحكومة كما ينصّ الدستور. وهو ما أكّده وزير الأشغال علي حمية الذي صرّح للصحيفة بأنه يدرس ملف الترسيم، وإن أحداً لم يتحدث إليه بالملف حتى الآن، "ولم يذكر أحد أمر الاستعانة بالشركة"، لافتاً إلى أنه يلتزم "بما تقرّره الحكومة".

جريدة الأخبار