أخبار لبنان

عودة عاموس هوكشتاين.. هل تنتهي أزمة ترسيم الحدود؟

8 حزيران 2022 08:55

في الوقت الذي يواصل فيه الكيان الصهيوني أعمال التنقيب والاستخراج على مقربة من المياه الإقليمية، منتظراً الفرصة لانتهاك الثروات اللبنانية، تتكثف المساعي الدبلوماسية اللبنانية لاستئناف المفاوضات وعودة الوسيط الأمريكي في ملف ترسيم الحدود عاموس هوكشتاين، وقد أعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري أمس أن هوكشتاين سيزور بيروت الأحد أو الإثنين. والسؤال هل تكفي هذه الجهود الدبلوماسية لمنع الكيان الغاصب من سرقة النفط والغاز اللبنانيين؟ وهل سيكون لزيارة هوكشتاين صدى إيجابي أو رادع للعدو الإسرائيلي أم سيكون الرادع الوحيد هو سلاح المقاومة؟

وفي هذا السياق، قالت جريدة "الأخبار": واصل لبنان الرسمي أمس في محاولات احتواء الموقف من خلال تحريك "دبلوماسيته" على أكثر من خطّ، بدءاً بنائب رئيس مجلس النواب إلياس بوصعب الذي استكمل جولة اتصالاته محلياً ودولياً وتواصل مع هوكشتاين من أجل ترتيب زيارة له لبيروت استناداً إلى توافق الرئيسين ميشال عون ونجيب ميقاتي على دعوة الوسيط للحضور إلى لبنان للبحث في استكمال المفاوضات لترسيم الحدود البحرية الجنوبية والعمل على إنهائها بأسرع وقت، إضافة إلى التواصل مع الأمم المتحدة ومع سفراء الدول لشرح موقف لبنان. ومع أن المعلومات والإحداثيات تؤكد أن السفينة لم تدخل موقعاً جغرافياً متنازعاً عليه حتى الآن، انقسم لبنان بين طرف يتمسّك بالخط 29 انضم إليه النواب "التغييريون" وآخر يتمسّك بالخط 23 ويرفض تعديل المرسوم رقم 6433 الصادر عام 2011. فيما برزَ أمس معطى جديد تمثل في إعلان تعيين حزب الله النائب السابق نواف الموسوي مسؤولاً عن الملف بشكل رسمي في إشارة إلى إيلاء الحزب هذا الملف أهمية عالية بعدما اختار الصمت لفترة طويلة، وفي الموقف الذي سيعلنه الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله في كلمة أُعلن أمس أنه سيلقيها غداً.

وأشارت الصحيفة نقلاُ عن مصادر إلى أن لبنان "لم يتبلغ رسمياً موعد الزيارة بعد، لكن لا شيء يمنع ذلك في حال استجد أي أمر"، مع التأكيد أن محادثات تجري على مستوى مسؤولين لبنانيين وأمريكيين لإعادة استئناف "المسار الديبلوماسي لحل الخلاف البحري الحدودي بين بيروت وتل أبيب".

وقالت مصادر مطلعة لـ "الأخبار" إن "الخوف ليس من المكان الذي رست فيه السفينة لكن مما يمكن أن تستخرجه ومن أي آبار"، لافتة إلى أن سفينة التنقيب Stena IceMax التي تعمل لمصلحة شركة "هاليبرتون" الأمريكية، باشرت منذ أيام عملية حفر بئر رابع في الجزء الجنوبي من حقل "كاريش"، بمحاذاة الخط 29، تحت اسم KM-04 بعدما بيّنت مسوحاتها احتمال وجود "نفط سائل" أسفل البئر KN-01 الموجود في الجزء الشمالي من "كاريش"، أي ضمن حيّز الخط 29. ورجحت المصادر أن Stena IceMax ستنتقل بعد أسابيع إلى شمال "كاريش" ليصار بعدها إلى تحويل بئر التنقيب KN-01 إلى بئر إنتاج وربطها مع الآبار التي ستباشر منصة الإنتاج التابعة لـ "أنرجيان" عملية الاستخراج منها، "وهذا ما يجب أن نخشاه".

ونقلت "الأخبار" عن المصادر دهشتها من تعامل القوى السياسية مع الملف، إشارة إلى عدم عقد جلسة تشريعية للنقاش في اقتراح القانون الذي تقدم به منذ يومين النائب حسن مراد، القاضي بتعديل المادة 17 من القانون 163/2011 وتضمينه خريطة وإحداثيات المياه الإقليمية والمنطقة الاقتصادية الخالصة جنوباً لتشمل النقطة رقم 29.

وقال مراد للصحيفة: إن صفة العجلة لم تسقط عن الاقتراح الذي سيعرض في أول جلسة تشريعية لمجلس النواب. وحول عدم اتخاذ رئيس المجلس قراراً بتحويل جلسة انتخاب اللجان إلى جلسة تشريعية، مضيفاً: إن "برّي برّر ذلك قانوناً، وأنا كنت على بينة من عدم عرض الاقتراح على المناقشة خلال جلسة اليوم لكوننا في جلسة انتخاب لجان". وأكد أنه إلى جانب هدفه في "إصلاح العلة في القانون، كان المطلوب وقف المزايدات في مسألة الحدود ووضع الأمور في نصابها من خلال نقل النقاش إلى المؤسسات الدستورية".

كما تقدمت النائبة بولا يعقوبيان أمس باقتراح قانون معجل مكرر لتعديل المادة 6 من القانون رقم 163 /2011 لاعتماد الخط 29 بما يتلاقى مع اقتراح مراد، وطلبت بفتح جلسة تشريعية "نظراً لخطورة الأمر وكما فعل المجلس مرات عدة سابقاً مستندة للمادة 109 من النظام الداخلي".

أما صحيفة "الجمهورية" فقد لفتت إلى أن جلسة انتخاب أعضاء اللجان النيابية ورؤسائها والمقررين أمس لم تحجب الاهتمام بملف ترسيم الحدود الذي اشتعل بنتيجة توجّه باخرة الحفر والتنقيب عن النفط والغاز اليونانية "انرجيان باور" إلى حقل كاريش البحري المتنازَع عليه بين لبنان والكيان، في وقت أعلن لبنان أنّ هوكشتاين لبّى دعوته وسيزور بيروت الأحد أو الإثنين المقبلين ليستأنف رعاية مفاوضات الناقورة لترسيم الحدود البحرية. ويُنتظر أن يواكب وصول هوكشتاين انطلاق الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف الشخصية التي ستؤلف الحكومة الجديدة وتترأسها.

وقالت مصادر مطلعة لـ "الجمهورية": إنّ الباخرة لم تدخل المنطقة المتنازع عليها وهي لا تزال على بعد ثلاثة أميال جنوب الخط 29 إلى الجانب "الإسرائيلي" من المنطقة الاقتصادية، في خطوة وُصِفت بأنها تعبّر عن تريّث الكيان في القيام بأي عمل استفزازي انتظاراً لوصول هوكشتاين إلى المنطقة نهاية الأسبوع الجاري، ومنعاً لخلق أجواء من التوتر لا تريدها حكومة الاحتلال بفِعل الضغوط الأمريكية التي دخلت على الخط في انتظار الجديد اللبناني على رغم مخاوف "تل أبيب" من قدرة الجانب اللبناني على وقف العملية.

كما علمت الصحيفة أنّ الاتصال الذي أجراه نائب رئيس مجلس النواب إلياس بوصعب مع هوكشتاين أمس الأول انتهى بإبلاغه أنه سيكون في بيروت خلال نهاية الأسبوع الجاري أو بداية الأسبوع المقبل، أي ما بين الأحد أو الإثنين، وهو ما سيؤكده في وقت لاحق قبل هذا الموعد، مؤكداً أن الزيارة ستكون بناء على طلب الجانب اللبناني للبحث في استكمال المفاوضات لترسيم الحدود البحرية والعمل على إنهائها في أسرع وقت ممكن.

ولم تشأ وزارة الخارجية الأمريكية نفي أو تأكيد ما أعلنه بري، من أنّ هوكشتاين سيزور بيروت الأحد أو الاثنين المقبلين للبحث في مسألة ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل.

من جهته، تَتبّعَ رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي نتائج الاتصالات الدبلوماسية الجارية في شأن ملف ترسيم الحدود البحرية، وما هو متوقع على صعيد مهمة الوسيط الأمريكي، وكرّر التأكيد "أنّ الدولة اللبنانية تتابع معطيات هذا الملف السيادي بامتياز وتجري معالجته بالطرق الديبلوماسية للخروج بنتائج إيجابية، وتحرّك المفاوضات غير المباشرة مجدداً". وشدد على "أهمية إبعاد هذا الملف عن السجالات الداخلية والحسابات السياسية، كونه يخصّ جميع اللبنانيين، ويحفظ حقوق لبنان في مياهه وثرواته الطبيعية واستقراره".

وكتبت صحيفة "الأنباء": تتفاعل قضية الحدود اللبنانية الجنوبية، والمساحة البحرية، مع بدء إسرائيل اتّخاذ خطوات جدية للتنقيب عن الغاز في مناطق متنازعٍ عليها، دون أن يتحرّك لبنان رسمياً باتّجاه توقيع المرسوم 6433 من قِبل رئيس الجمهورية، وإرساله إلى الأمم المتحدة. وفي السياق، يحطّ الموفد الأمريكي، عاموس هوكشتاين، في لبنان الأحد، ليلتقي بالمسؤولين الرسميين، ويبحث معهم الملف.

وعليه فإنّ لبنان أمام سباق مع الوقت، ودفع المفاوضات قدماً، كي يتمكّن من الاستفادة من ثرواته بأسرع وقت ممكن بعيداً عن المزايدات والشعبوية.

أما صحيفة "اللواء" فكتبت: في وقت ارتفعت فيه لهجة تهديد إسرائيلي، من تدمير البلد على أهله، حجراً إثر حجر، في معرض الكلام عن احتمالات الحرب أو المواجهة جنوباً، وهو الموضوع الذي سيتطرق إليه الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله في إطلالة له غداً الخميس.

وبعدها، ثلاثة أيام فاصلة ويصل الوسيط الأمريكي الذي استعجله لبنان، لترسيم الحدود البحرية بين لبنان والكيان الصهيوني، عاموس هوكشتاين، إلى بيروت لاستئناف وساطته، مسبوقاً ربما بعودة عاجلة للسفيرة الأمريكية دورثي شيا من الولايات المتحدة.

وكشفت مصادر سياسية أن وصول باخرة استخراج الغاز إلى قرب المناطق البحرية المتنازع عليها بين لبنان وإسرائيل، كان معلوماً ومعلن عنه من قبل في المواقف ووسائل الإعلام الدولية، ولم يكن مفاجئاً، كما يحاول بعض المسؤولين الفاشلين الترويج له، لتبرير تقاعسهم عن التعاطي باهتمام وجدية ومسؤولية في هذا الملف الوطني المهم والحساس، الذي يعني ويعود بالفائدة على كل اللبنانيين من دون استثناء، وقالت، ليس الإعلان عن عودة هوكشتاين إلى لبنان بعد أيام وقبل مباشرة السفينة المذكورة مهماتها من دون التوصل إلى اتفاق نهائي لترسيم الحدود البحرية بين لبنان والكيان، هو المهم فقط لتلافي تطور الوضع نحو الأسوأ، بل المهم هو كيفية صياغة موقف لبناني موحد بين كل المسؤولين والمعنيين، لتسليمه للوسيط الأرمريكي، لمواجهة الاحتلال وفرض واقع جديد، لا يمكن لأي دولة أو طرف تجاهله أو القفز فوقه.

واعتبرت المصادر أن عوامل ضعف وهشاشة الموقف اللبناني الذي تحاول أن تستغله "إسرائيل" حالياً، هو تعدد المواقف واختلاف أساليب التعاطي الرسمي مع هذا الملف الشديد الأهمية، لغياب القرار الرسمي الموحد، ووجود اكثر من ستة مراجع رسمية، أو أصحاب نفوذ سياسي أو امني أو حزبي، ثلاثة منها في القصر الجمهوري وحده، ومروراً بالرئيس نبيه بري وانتهاء بحزب الله علناً أو بالواسطة، ولكل جهة أو مرجعية منها، وجهة نظره وحساباته ومصالحه، يسعى لتحقيقها، ما أضعف الموقف اللبناني، وشتت الاهتمام الأمريكي والدولي، وشجع "إسرائيل" لمباشرة استخراج النفط والغاز، بمعزل عن أي اتفاق لترسيم الحدود البحرية مع لبنان، كما يجري مع باقي الدول الأخرى.

وكشف وزير العمل في حكومة تصريف الأعمال مصطفى بيرم أنه تم تعيين مسؤول رفيع المستوى في حزب الله متخصص بملف ترسيم الحدود ومعه فريق يعملون 24/24 "من تحت لتحت"، بعيداً عن الإعلام وبتريث من أجل الحفاظ على الإجماع الوطني حول الملف.

وعلمت "اللواء" أن المسؤول المعني هو النائب السابق نواف الموسوي، وانه يتابع ملف الترسيم من وقت طويل وليس مستجد. وذكرت المصادر المتابعة أن الموسوي يعمل على تكوين المعطيات الكاملة حول الموضوع، لتقرر قيادة الحزب في ضوئها وفي ضوء موقف الدولة كيفية التصرف. وان هذه اللجنة ليست بديلاً عن عمل الدولة وقرارها.

في الأثناء، استمر السجال بين داعٍ إلى تعديل المرسوم 6433 لتعديل حدود لبنان في المنطقة الاقتصادية الخالصة من الخط 23 إلى الخط 29، ومتريث في هذا الأمر لحين وصول هوكشتاين والاطلاع على ما يحمله من أفكار يَخشى البعض أن تحمل مزيداً من المماطلة بما يُفيد عمليات العدو الإسرائيلي في تكريس الأمر الواقع وفرضه على لبنان وبما يؤدي إلى توتر كبير سياسي وربما أمني.

وردّ الرئيس بري على ما جاء على لسان النائبة بولا يعقوبيان بشأن موضوع عقد جلسة تشريعية لمناقشة اقتراح قانون تقدم به تكتل "النواب التغييريون" لتعديل المرسوم 6433، وقولها "إن الرئيس بري لم يقبل بعقد جلسة تشريعية"، وقال بري: "وين كانت بولا يوم كنت من 12 سنة عم خابط في موضوع الثروة النفطية. كانت بعدا ما تزوجت. ما بدنا نحكي مش كرمالها كرمال زوجها، زوجها صاحبنا". وأضاف: ألف باء التشريع تقول لا تشريع خلال جلسة الانتخاب. لكن يبدو في "ناس جايي عالمجلس حتى تتشاوف فقط".

بدورها، ردت يعقوبيان: كلامه مرفوض ومعيب وهو سبق أن أنهى أكثر من مرّة جلسة الانتخاب وبدأ بجلسة تشريعية "بس يكون في تمريقة بدن يمرقوها". نحن نعمل وفق النظام واليوم موضوع ترسيم الحدود لا يحتمل التأجيل لأنه يجب حماية حقوقنا وليس القيام باتفاق مع هوكشتاين.

وعلى خطٍ موازٍ، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي مساء "رصد نشطاء لحزب الله في منطقة السياج الحدودي". وقال: سندمر البنية التحتية في القرى التي يستخدمونها ولن يبقى حجر على حجر.

وهدّد قائد المنطقة الشمالية في جيش الاحتلال الإسرائيلي، أمير برعام، بتدمير البنى التحتية في جنوب لبنان، قائلاً "لن يبقى حجر على حجر". وأضاف في سلسلة مواقف نشرها له المتحدث باسم جيش الاحتلال، أفيخاي أدرعي، عبر تويتر: "الاستقرار الأمني على الجبهة الشمالية الذي نتج عن هذه الحرب لهو خير تأكيد على قوة الردع التي خلقتها".

وعن تموضع "حزب الله في القرى جنوب لبنان، قال برعام: "في الحرب سنقوم بتدمير كل البنى التحتية على خط التماس العسكري هذا، ولن يبقى حجر على حجر! هذا ما سيكون عليه مصير كل منشاة في القرى أو المدن التي يستخدمها هذا الجيش الإرهابي".

ورأى أنّ "دولة لبنان ستبقى على ما يبدو داخل مزبلة حزب الله – إيران الفاشلة ونحن في جيش الدفاع سنستمر في العمل في سوريا ولبنان سواء عبر تأمين الأمن اليومي أو من خلال المعركة الخفية بين الحروب من أجل تقويض كل جهود الإرهاب، وتموضعه وتعاظمه".

النهضة نيوز - صحف محلية