علوم

قبر أتيلا الهوني... لغز قديم ينتظر الحل

6 تموز 2022 15:00

توفي أتيلا الهوني، الذي غزا ودمر نصفي الإمبراطورية الرومانية الغربي والشرقي خلال القرن الخامس بعد الميلاد، في ليلة زفافه عن عمر يناهز 58 عاماً. لكن الخلاف يكمن حول أسباب موت أتيلا إن كانت طبيعية أم أن زوجته الجديدة، إلديكو، قتلته. لكن على الرغم من نهايته الغامضة، هل يعرف أحد مكان دفنه؟

ولم يُعثر على قبر أتيلا الهوني (395-453 بعد الميلاد)، ومن غير الواضح أين يوجد بالضبط.

وشعب الهون هم شعب عاش في السهل المجري العظيم، واستولى بقيادة أتيلا في النهاية على مساحة كبيرة من أوروبا الوسطى. وكان يُشار إلى أتيلا أحياناً في اللاتينية باسم Flagellum Dei، والتي تعني غالباً "بلاء من الله"، وقد تعني أيضاً "سوط الله". وهدد روما والقسطنطينية، وأجبر الأباطرة على دفع مبالغ طائلة من الذهب له مقابل اتفاقيات سلام لم تدم طويلاً في أحيان كثيرة.

ومع أننا نعرف عن حروب أتيلا المثيرة، لا نعرف كثيراً عن دفنه. إذ قالت زوفيا ماسيك، وهي باحثة في علم الآثار في الأكاديمية المجرية للعلوم: "لا يوجد سوى مصدر واحد مكتوب حول جنازة أتيلا".

وهذا المصدر هو كتاب قديم يعود إلى القرن السادس لكاتب اسمه "يوردانس" [Jordanes]، إذ كتب في كتابه "Getica" أن أتيلا دُفن في تابوت ثلاثي الطبقات، فالطبقة الداخلية مصنوعة من الذهب والثانية من الفضة والخارجية من الحديد. وبحسب ما كتبه يوردانس، يرمز الذهب والفضة إلى الثروة التي جمعها أتيلا لشعب الهون، في حين أن الحديد يدل على قوة الهون العسكرية.

كما كتب يوردانس أن الخدم الذين ساعدوا في بناء المقبرة قتلوا في محاولة للحفاظ على سرية موقعها، وزعم أنه حصل على معلوماته من السجلات التي كتبها بريسكوس، وهو دبلوماسي روماني كان على اتصال مع أتيلا وآخرين من بلاطه، كما ذكر في كتابه أن أتيلا دُفن أيضاً مع جواهر وأسلحة وحلية غنمها من العدو، وقتل الخدم بهدف "الحفاظ على هذه" الثروات العظيمة "من فضول الإنسان".

أين قبره؟

لم يتأكد الباحثون من مكان القبر أو إن كان لا يزال سليماً. لكن قد يكون قبره موجوداً في مكان ما في سهل Puszta المجري (ويعرف أيضاً باسم السهل المجري العظيم)، كما قال لاسلو فسبريمي László Veszprémy، أستاذ التاريخ في جامعة Pázmány Péter الكاثوليكية في بودابست، المجر. وأضاف فسبريمي إن أتيلا بنى مركز القيادة في مكان ما على السهل ومن المحتمل ألا يكون قبره بعيداً عنه، مشيراً إلى أنه قد يكون "بجوار نهر أو حتى في مجرى النهر".

واهتم المؤرخون بالعثور على القبر لبعض الوقت، وأشار فسبريمي إلى أنهم "اهتموا بها على الأقل منذ القرن الثالث عشر فصاعداً، ولكن [القبر] في الغالب يقع بجوار الآثار الرومانية".

ويظن علماء آخرون أيضاً أن القبر يقع على الأرجح في مكان ما على هذا السهل. وقالت ماسيك: "أظن أن مثواه الأخير قد يكون في السهل المجري العظيم. ولا توجد شكوك جدية تدحض هذه الفرضية". وأضافت: "بالطبع، من الممكن أن يكون موجوداً في الأجزاء الصربية أو الرومانية من منطقة السهل"، التي عمل فيها الهون أيضاً.

وليس مؤكداً إن بقي أي أثر من قبر أتيلا أو إن أمكن العثور عليه في أي وقت. وقال مايكل ماس، أستاذ التاريخ في جامعة رايس في هيوستن، تكساس: "ربما يعثر أحدهم يوماً ما على قبره، لكنني لن أييأس وأتوقف عن البحث".

أما الباحث رالف ماتيسين، أستاذ التاريخ والكلاسيكيات ودراسات العصور الوسطى بجامعة إلينوي في أوربانا شامبين، كان أكثر تفاؤلاً، وقال: "لا شك في أن القبر سيُعثر عليه يوماً ما... وقد يُكتشف أنه تعرض للسرقة في العصور القديمة".

وقالت فاليريا كولكسار، الأستاذة المشاركة في علم الآثار في جامعة سيجد في المجر: هناك احتمال أن أحدهم عثر على القبر مسبقاً، ولكنه لم يُحدّد أنه قبر أتيلا. على سبيل المثال، عثر على كنز كبير من القطع الأثرية الذهبية في محمية Nagyszéksós في المجر، ويعود تاريخه إلى الوقت الذي ازدهر فيه شعب الهون تقريباً، ولكن ليس فيه أي بقايا بشرية وليس من الواضح من دفنه.

وأحد الأسئلة التي أثارها أحد الباحثين هو إن كان من المستحسن العثور على قبر أتيلا، وقال ماسيك "شخصياً، أفضل أن يبقى لغزاً بدل أن يمسي اكتشافاً أثرياً ينتظر التحليل".

ترجمة: علاء العطار

livescience