هل السفر أسرع من الضوء ممكن؟

علوم

عالم فيزياء فلكية يوضح أن السفر بسرعة تفوق سرعة الضوء قد ينجح من دون انتهاك فيزياء أينشتاين

10 تموز 2022 20:00

حلمنا لعقود بزيارة أنظمة نجمية أخرى، لكن واجهتنا مشكلة واحدة فقط، هي أنها بعيدة كل البعد، وستستغرق رحلات الفضاء التقليدية عشرات الآلاف من السنين للوصول حتى إلى أقرب نظام نجمي. لكن ليس من طبع الفيزيائيين الاستسلام بسهولة، فإن أعطيتهم حلماً مستحيلاً، سيعطونك طريقة افتراضية لا تصدق لجعله حقيقة واقعة.

لغز السفر بسرعة تفوق سرعة الضوء

وبحسب دراسة أجريت عام 2021 على يد الفيزيائي إريك لينتز من جامعة غوتنغن في ألمانيا، قد يكون لدينا حل لهذه المعضلة قابل للتطبيق، وهو حل قد يكون معقولاً أكثر مما يدعى محركات الاعوجاج الخيالية.

وهذا مجال يولد أفكاراً رائعة كثيرة، كل منها يقدم نهجاً مختلفاً لحل لغز السفر بسرعة تفوق سرعة الضوء: تحقيق وسيلة لإرسال شيء عبر الفضاء بسرعات فائقة. لكن هناك بعض المشاكل أمام هذه الفكرة. ففي الفيزياء التقليدية، ووفقاً لنظريتي النسبية لألبرت أينشتاين، لا توجد طريقة حقيقية للوصول إلى سرعة الضوء أو تجاوزها، وهو شيء نحتاجه لأي رحلة تُقاس بالسنوات الضوئية.

تسيير المادة بسرعة تفوق سرعة الضوء

لكن هذا لم يمنع الفيزيائيين من محاولة كسر الحد الأقصى للسرعة العالمية. وتسيير المادة بسرعة تفوق سرعة الضوء أمر غير مقبول لأن الزمكان نفسه لا يملك مثل هذه القاعدة، فواقع الحال أن المسافات البعيدة للكون تتمدد بالفعل بسرعة لا تضاهيها سرعة الضوء.

ونحتاج لثني فقاعة صغيرة من الفضاء بطريقة مماثلة لأغراض النقل إلى حل معادلات النسبية لخلق كثافة طاقة أقل من فراغ الفضاء، لكن هذا النوع من الطاقة السلبية يحدث على نطاق كمّي، لذا فإم التكوّم بدرجة كافية تشكل "كتلة سالبة" لا يزال أحد مجالات الفيزياء الشاذة.

تحقيق سفر أسرع من الضوء

وبالإضافة إلى إتاحة احتمالات مجردة أخرى، كالثقوب الدودية والسفر عبر الزمن، قد تساعد الطاقة السلبية في تشغيل ما يُعرف باسم محرك الاعوجاج Alcubierre.

يستفيد هذا المفهوم من مبادئ الطاقة السلبية لالتفاف الفضاء حول مركبة فضائية افتراضية، ما يمكّنها من السفر أسرع من الضوء دون تحدي القوانين الفيزيائية التقليدية، باستثناء الأسباب الموضحة أعلاه، لكن لا يمكننا أساساً أن نؤمن مصدر وقود خيالي كهذا.

الموجات السوليتونية فائقة السرعة

ولكن ماذا لو كان من الممكن بطريقة ما تحقيق سفر أسرع من الضوء يتماشى مع نسبية أينشتاين دون الحاجة إلى أي نوع من أنواع الفيزياء الشاذة التي لم يسبق للفيزيائيين رؤيتها؟

يقترح لينتز في الدراسة الأخيرة إحدى الطرق التي تمكننا من ذلك، بفضل ما يسميه فئة جديدة من الموجات السوليتونية فائقة السرعة – وهي نوع من الموجات التي تحافظ على شكلها وطاقتها أثناء التحرك بسرعة ثابتة (في هذه الحالة، سرعة تفوق سرعة الضوء).

ووفقاً لحسابات لينتز النظرية، قد يوجد هذه الحلول الفائقة السرعة ضمن النسبية العامة، وتنتج من كثافات الطاقة الإيجابية، ما يعني أنه لا حاجة للنظر في مصادر كثافة الطاقة السلبية الغريبة التي لم يتثبت منها بعد.

وبوجود الطاقة الكافية، قد تعمل تكوينات هذه السوليتونات كـ "فقاعات اعوجاجية"، قادرة على الحركة أسرع من الضوء، وتمكن من الناحية النظرية كائناً من المرور عبر الزمكان بينما يكون محمياً من قوى المدّيّة الشديدة.

الطاقة المطلوبة لرحلة بسرعة الضوء

وهذا إنجاز نظري مدهش، على الرغم من أن كمية الطاقة اللازمة تعني أن محرك الاعوجاج هذا ليس سوى احتمال افتراضي في الوقت الحالي.

قال لينتز في آذار (مارس) من العام الماضي: "الطاقة المطلوبة لهذه الرحلة بسرعة الضوء التي تشمل مركبة فضائية يبلغ نصف قطرها 100 متر هي في حدود كتلة تساوي ضعف كتلة كوكب المشتري بمئات المرات".

لا يزال هناك الكثير من الألغاز التي يتعين على الباحثين حلها، لكن التدفق الحر لهذه الأنواع من الأفكار يظل أفضل أمل لنا في الحصول على فرصة لزيارة تلك النجوم المتلألئة البعيدة.

قال لينتز: "لقد نقل هذا العمل مسألة السفر بسرعة تفوق سرعة الضوء خطوة إلى الأمام بعيداً عن البحث النظري في الفيزياء الأساسية وأقرب إلى الهندسة... وتتمثل الخطوة التالية في معرفة طريقة تقليل الكمية المهولة من الطاقة اللازمة ضمن نطاق تقنيات اليوم، مثل محطة الطاقة الانشطارية النووية الكبيرة الحديثة. بعد ذلك يمكننا التحدث عن بناء النماذج الأولية".

Classical and Quantum Gravity