اكتشاف مهم لنوع فريد كلياً من الفطريات في المرتفعات الأسكتلندية

وإذا أردت دليلاً على هذا القول المأثور، فانظر إلى جبال كيرنغورم [Cairngorms] في قلب المرتفعات الأسكتلندية، حيث عُثر على نوعين من الفطريات التي لم يسمع بها قط - بالإضافة إلى نوع آخر لم يكن معروفاً للعلم من قبل.

طريقة جمع العينات الفطرية

قال كيليد إيوان [Keilidh Ewan]، مدير المشروع في جمعية بلانت لايف Plantlife الخيرية للمحافظة على البيئة، في بيان: "كشف اجتماع باحثين ودعاة الحفاظ على البيئة والمجتمع المحلي عن بعض الأنواع البرية الرائعة".

قاد المشروع جمعية بلانت لايف الخيرية للمحافظة على البيئة ومعهد جيمس هوتون، وهو مؤسسة بحثية مقرها في مدينة أبردين الأسكتلندية.

وأوكلت المنظمتان العشرات من المتطوعين بمهمة جمع عينات من التربة على ارتفاعات مختلفة عبر منتزه كيرنغورم الوطني الصيف الماضي.

واستخرج العلماء في معهد جيمس هوتون الحمض النووي من التربة، ووضعوا أكثر من 17000 سجل لـ 2748 نوعاً من الفطريات - وبوجود أرقام كهذه، من المثير للدهشة أنهم توصلوا إلى ثلاث نتائج مفاجئة فقط.

ما المذهل في اكتشاف هذه الفطريات

وقالت أندريا بريتون، عالمة البيئة النباتية في معهد جيمس هوتون: "الفطريات مهمة للغاية لعمل النظم البيئية في جبال الألب، ولكن نظراً لأنها تختبئ تحت الأرض في أحيان كثيرة، ولأن النظم البيئية في جبال الألب بعيدة ويصعب الوصول إليها، لا نعرف سوى القليل جداً عن توزع الفطريات وتنوعها في هذا الموطن المميز".

وأضافت: "ستضيف البيانات الواردة من هذا الاستطلاع معلومات كثيرة إلى معرفتنا بهذه المجموعة الحيوية ويمكن استخدامها لبدء تحديد الموائل والمواقع ذات الأهمية الخاصة للحفاظ على التنوع الفطري".

وما يجعل هذا الاكتشاف غير عادي هو أن النوعين الفطريين المعروفين كان يعتقد في السابق أنهما يعيشان بعيداً جداً عن بعضهما بعضاً. أولهما فطر من نوع أمانيتا المحب للبرودة واسمه العلمي Amanita groenlandica، وهو نوع من أنواع الفطر الذي يعيش في القطب الشمالي، وجد في الأصل في غرينلاند وينمو فقط في الدول الإسكندنافية. والآخر هو Acrodontium Antarcticum، الذي سجل وجوده لأول مرة في القارة القطبية الجنوبية - حرفياً على جانب الكوكب المعاكس لمكان وجود النوع الأول.

ووجود النوعين في جبال كيرنغورم دليل على المناخ المحلي الفريد للمنتزه، فبفضل ارتفاعه وبُعده عن البحر، جوه بارد ومثلج بشكل استثنائي - حتى بالنسبة لأسكتلندا - ما يجعله مثالياً لنباتات وفطريات جبال الألب الموجودة في القطب الشمالي.

أهمية الفطريات للنظم البيئية

ومن بين مئات الاكتشافات الأخرى كان هناك نوع معروف باسم فطر المرجان البنفسجي - أحد أندر فطريات الأراضي العشبية في المملكة المتحدة - والذي عثر عليه على جبلين في المتنزه. وبالطبع، الأنواع غير المعروفة سابقاً تنتمي إلى عائلة الفطريات سكوامانيتا، وهي جنس غامض ونادر تسبب في إثارة ضجة في دوائر الفطريات عندما اكتشف أنه يتطفل على الأنواع الفطرية الأخرى من أجل بقائه.

وعلى الرغم من نطاق الاكتشافات الفطرية وتأثيرها، يحذر الخبراء من أن تغير المناخ قد قلل من امتداد موائل كائنات القطب الشمالي في المنطقة. ومع ارتفاع حرارة الكوكب، وتنامي الظروف المعيشية القاسية التي تمنع تنقل هذه الكائنات الحية، ستكون هذه الكائنات أكثر عرضة لخطر الانقراض - وكأساس للسلسلة الغذائية، تعد الحياة الفطرية ضرورية لتوفير العناصر الغذائية اللازمة لبقاء هذه الكائنات على قيد الحياة.

هذا يجعل اكتشاف ثلاث فطريات جديدة أمراً مثيراً بشكل لا يصدق، إذ أوضح إيوان: "يوجد عدد أكبر من الكائنات الحية في ملعقة صغيرة من التربة أكثر من عدد الأشخاص على هذا الكوكب، ويلعب التنوع البيولوجي للتربة دوراً مهماً للغاية في عمل النظم البيئية".

وأضاف: "لقد أوجدت [هذه الدراسة] أسساً قائمة على الأدلة يمكن بموجبها مراقبة تأثيرات تغير المناخ والبيئة في المستقبل. وهذا يساعدنا على فهم التهديدات التي يواجهها هذا الموطن الهش. وكلما فهمنا أكثر، أمكننا حماية هذه الأماكن المحبوبة كثيراً في المستقبل بصورة أفضل".