عالم الحيوان

علماء حللوا الحمض النووي للبطريق فاكتشفوا أمراً مذهلاً

22 تموز 2022 12:35

عانت طيور البطريق مرات عديدة في التاريخ من تغير المناخ، كما أن أجسامها عالية التخصص في بعض الظروف الأكثر قسوة على الأرض. لكن يشعر العلماء بالقلق من أن مسار تطور البطريق قد يتوقف لأنهم رصدوا ما يبدو أنه أدنى معدلات تطور اكتشفت لدى الطيور.


تاريخ حياة طيور البطريق

ونشر فريق من الباحثين الدوليين إحدى أكثر الدراسات شمولاً عن تطور البطريق حتى الآن، وهي أول دراسة التي تدمج البيانات المجمعة من أنواع البطريق الحية والأحفورية.

يكشف البحث عن تاريخ حياة طيور البطريق المضطرب بشكل عام، مع انقراض ثلاثة أرباع أنواع البطريق المعروفة – التي تمثلها الأحفوريات فقط.

وكتب المؤلفون: "على مدى 60 مليون عام، تطورت هذه الطيور المميزة لتصبح مفترسات بحرية عالية التخصص، وهي الآن تتكيف جيداً مع أكثر البيئات قسوة على وجه الأرض".

وأضافوا: "لكن يكشف تاريخها التطوري عن ضعف الحيوانات المتكيفة مع البرودة في عالم يزداد احتراراً بسرعة".

معدلات التغير الناشئ عن التطور لدى البطريق

وقد تبدو طيور البطريق مضحكة بعض الشيء عندما تشير على اليابسة متمايلة يمنةً ويسرى بأجنحة متأرجحة تبدو عديمة الفائدة. لكن تتحول أجسامها تحت الماء إلى طوربيدات هيدروديناميكية تجعل أي سمكة هاربة تتمنى لو أنها تستطيع الطيران.

ويرجح أن طيور البطريق فقدت قدرتها على الطيران منذ 60 مليون عام، قبل تكوّن الصفائح الجليدية القطبية لكي تتمكن من الغوص باستخدام أجنحتها.

وتشير الأحفوريات والبيانات الجينومية إلى السمات الفريدة التي تمكّن طيور البطريق من التكيف مع أنماط الحياة المائية التي ظهرت في وقت مبكر من وجودها كمجموعة، حيث تتجه معدلات التغير الناشئ عن التطور عموماً إلى الانخفاض بمرور الوقت.

ويرى العلماء أن طيور البطريق نشأت في قارة صغيرة تدعى زيلانديا، والتي بات معظمها الآن مغموراً تحت المحيط.

وتشير الورقة البحثية إلى أن أسلاف طيور البطريق الحديثة - طيور البطريق التاجية - ظهرت منذ نحو 14 مليون سنة.

تكيف البطريق مع التغييرات المناخية

تتزامن هذه الفترة بالذات مع فترة تَبَرُّد عالمي سميت بالتحول المناخي في العصر الميوسيني الأوسط. مع ذلك، انقسمت طيور البطريق الحية إلى مجموعات وراثية منفصلة خلال الثلاثة ملايين سنة الماضية.

وانتشرت طيور البطريق في جميع أنحاء زيلانديا قبل أن تنتشر في أمريكا الجنوبية والقارة القطبية الجنوبية عدة مرات، مع احتمال سفر مجموعات لاحقة باستخدام التيار القطبي الجنوبي.

ووجد العلماء أن كل أنواع البطريق تقريباً شهدت فترة من العزلة الجسدية خلال العصر الجليدي الأخير، إذ كان اتصالهم مع أنواع البطريق الأخرى محدوداً خلال هذا الوقت، حيث أُجبرت المجموعات على العيش في موائل أكثر تجزئة إلى الشمال، حيث لا يزال بإمكانهم العثور على الطعام والمأوى.

ونتيجة لذلك، أصبح تجمع الحمض النووي لكل مجموعة أضيق، ما أدى إلى تباعد الأنواع وراثياً.

وفي فترة الاحترار التي أعقبت ذلك، عادت هذه الطيور إلى القطبين، وبعض المجموعات، التي أصبحت أكثر تمايزاً وراثياً، عبرت المسارات مرة أخرى.

وتقدم الطريقة التي واجهت بها مجموعات معينة من البطريق هذه الأحداث المناخية الهامة نظرةً ثاقبة حول طريقة تعاملها مع تغير المناخ الذي يسببه الإنسان.

وتشترك المجموعات التي تزايدت أعدادها عند حدوث الاحترار ببعض الميزات، إذ كانت مهاجرة وتجمع الطعام من الشاطئ. ويرى الباحثون أن هذه الميزات سمحت لها بالاستجابة بشكل أفضل للمناخات المتغيرة، وخاصة القدرة على النظر بعيداً بحثاً عن فريسة والانتقال إلى خطوط العرض المنخفضة.

من ناحية أخرى، عاشت المجموعات التي انخفض عددها في مكان واحد، وكانت تبحث عن الطعام بالقرب من الشاطئ، وهو أسلوب حياة لا يتكيف بشكل جيد مع تغير الظروف "في الوطن" بشكل جذري.

طيور البطريق لديها أقل معدلات تطور

لكن قد تكون قدرة طيور البطريق على التغيير يحدها أكثر من مجرد أسلوب حياة - ويبدو أنه جزء لا يتجزأ من جيناتها.

واتضح أن طيور البطريق لديها أقل معدلات تطور اكتشفت لدى أنواع الطيور حتى الآن، إلى جانب شقيقتها النوثيات، وهي طيور بحرية تضم أنواعاً مثل طيور النورس والمازور والنوء والقطرس.

وقارن الباحثون 17 رتبة مختلفة من رتب الطيور باستخدام العديد من البصمات الجينية المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بمعدلات التغير الناشئ عن التطور.

ولاحظوا أن الطيور المائية بشكل عام لديها معدلات تطور أبطأ من أقاربها الأرضية، لذلك رأوا أن تبني نمط حياة مائي قد يتماشى مع معدلات تطور منخفضة. كما رأوا أن معدلات التطور في الطيور تكون أقل في المناخات الباردة.

وكانت رتبة البجعيات، التي تشمل الطيور البحرية مثل البجع وطيور الغاق، قريبة من الترتيب الثالث لأدنى معدل تطوري، وكان للطيور المائية (رتبة الوزيّات) معدلات أقل بكثير من الطيور الموجودة على الأرض مثل الديوك الرومية والدجاج والسمان (رتبة الدجاجيّات).

ولاحظ الباحثون أن طيور البطريق التاجية تطورت بمعدل أسرع من طيور البطريق الحية حالياً، ولكن هذا التطور كان بطيئاً مقارنة بالطيور الأخرى.

ونصف أنواع طيور البطريق الحية مهددة، ويقول العلماء إن معدلات تطورها البطيئة وأنماط حياتها المتخصصة قد تؤدي بها نحو طريق مسدود.

وكتبوا: "يرجح أن تتجاوز الوتيرة الحالية للاحترار مقترنة بالملاذ المحدود في المحيط الجنوبي القدرة على التكيف لطيور البطريق بدرجة كبيرة".

وأضافوا: "مخاطر الانهيارات المستقبلية موجودة باستمرار، حيث تواجه مجموعات البطريق في جميع أنحاء نصف الكرة الجنوبي تغيراً مناخياً سريعاً من صنع الإنسان".

sciencealert