توظيف تقنيات التأمل في مساعدة الأطفال على التحكم بالتوتر والتخلص من آثار الصدمات

علوم

التأمل يساهم في علاج الأطفال من الاكتئاب والاضطرابات العقلية

8 أيلول 2022 17:27

وجد فريق من الباحثين في أول دراسة اعتمدت على تصوير الدماغ للشباب دون سن 18 عاماً أن نشاط أجزاء الدماغ المسؤولة عن اجترار الأفكار وشرود الذهن والاكتئاب يقل لدى الأطفال الذين يمارسون التأمل بنشاط. ويظن الباحثون أن النشاط المفرط في مناطق الدماغ هذه يساهم في توليد الأفكار الهدّامة الموجهة نحو الذات - كفكرة "أنا فاشل للغاية" - والتي تظهر في الاضطرابات العقلية، مثل الاكتئاب.

تقنيات التأمل تساعد الأطفال في التعامل مع التجارب المرهقة للأعصاب

وقارن الباحثون في الدراسة شكلاً بسيطاً من أشكال الإلهاء - العد التنازلي من 10 - مع شكلين بسيطين نسبياً من التأمل يتمثلان في تركيز الانتباه على التنفس واستحسان الذات اليقظ. ووجب من الأطفال الموضوعين في جهاز التصوير بالرنين المغناطيسي استخدام هذه التقنيات أثناء مشاهدة مقاطع فيديو تحث على الشعور بالانزعاج، مثل طفل يتلقى حقنة.

ووجدوا أن فعالية تقنيات التأمل في إخماد النشاط في تلك المناطق كانت أكبر من الإلهاء، ما يعزز هذا البحث وأبحاثاً أخرى تُظهر أن تقنيات التأمل وبرامج التأمل القائمة على فنون الدفاع عن النفس فعالة في تقليل الألم والتوتر لدى الأطفال المصابين بالسرطان أو بأمراض مزمنة أخرى - ولدى إخوتهم -–وكذلك لدى أطفال المدارس خلال جائحة كوفيد 19.

وتكمن أهمية هذه الدراسة، التي قادها طالب الطب أنيش هير، في أن تقنيات التأمل كالتركيز على التنفس أو استحسان الذات اليقظ تحظى بشعبية في البيئات المدرسية، وتستخدم بشكل متزايد لمساعدة الأطفال على التعامل مع التجارب المرهقة للأعصاب. وقد يشمل ذلك التعرض للصدمات أو العلاجات الطبية أو حتى الضغوطات المرتبطة بجائحة كوفيد 19.


التأمل يساعد الطفل في التحكم بالتوتر

والحقيقة أن الباحثين يعلمون الكثير مما يحدث في دماغ البالغين وأجسادهم أثناء التأمل، لكن ينقصهم بيانات الأطفال القابلة للمقارنة، لذا من المهم فهم ما يحدث في أدمغة الأطفال عندما يتأملون لأن روابط الدماغ في طور النمو مختلفة عن روابط أدمغة البالغين.

وتكمن أهمية هذه النتائج أيضاً في أن مقدمي الرعاية الصحية يستخدمون في أحيان كثيرة أساليب الإلهاء مثل أجهزة iPad أو الألعاب لمساعدة الأطفال على التعامل مع الألم والضيق، لكن قد تعتمد هذه التقنيات إلى حد كبير على قشرة الفص الجبهي، والتي لا تكون مكتملة النمو لدى اليافعين.

هذا يعني أن تقنيات تنظيم التوتر والعاطفة التي تعتمد على قشرة الفص الجبهي قد تنفع البالغين جيداً، ولكن من المحتمل ألا تنجح لدى الأطفال. وقد لا تعتمد تقنيات التأمل على قشرة الفص الجبهي، وبالتالي قد تكون أكثر سهولة وفعالية في مساعدة الأطفال على التحكم في التوتر والتعامل معه.

ولا يزال أمامنا كثيرٌ لنتعلمه حول طريقة تأثير التأمل في نمو الدماغ عند الأطفال. يتضمن ذلك أنواع تقنيات التأمل الأكثر فاعلية، وعدد التكرار والمدة المثاليين، وكيف تؤثر في الأطفال بصورة مختلفة.

وركزت الدراسة على عينة صغيرة نسبياً مؤلفة من 12 طفلاً مصاباً بالسرطان، بالإضافة إلى أطفال تعافوا من السرطان لكن قد عانوا من توتر كبيرة بسبب التشخيص والعلاج وعدم اليقين بشأن المستقبل. وستساعد الدراسات المستقبلية بأحجام عينات أكبر - بما في ذلك الأطفال الذين لديهم مجموعة متنوعة من التشخيصات والتعرض للمحن أو الصدمات المبكرة - الباحثين على اكتساب فهم أفضل لطريقة تأثير التأمل في الدماغ والجسم عند الأطفال.

وتؤكد النتائج على الحاجة إلى الفهم الدقيق لطريقة عمل تقنيات التأمل، وقد بدأت الدراسات الحديثة المثيرة بمعاينة كيف يمكن للمشاركة في برامج اليقظة والتأمل أن تصوغ أداء الدماغ لدى الأطفال.

ويعد فهم طريقة عمل هذه التقنيات ضرورياً أيضاً لتحسين عملية تطبيقها في أماكن الرعاية الصحية، مثل التعامل مع العمليات المتعلقة باستخدام الإبرة أو لمساعدة الأطفال على إدارة الآثار الهدّامة للتوتر والصدمات.

صحيفة ذا كونفرزيشن