وضع فريق من العلماء كلبين في جهاز التصوير بالرنين المغناطيسي، وراقبوا أدمغتهما أثناء مشاهدة أفلاماً عائلية. واستخدموا خلال العملية التعلم الآلي لتحليل عملية المعالجة المرئية التي تحدث داخل دماغي الكلبين. واكتشفوا فرقاً مثيراً بين الإدراك البصر عند الكلاب والإدراك البصري عند البشر، فالكلاب تتوافق بصرياً مع الأفعال بصورة أكبر، بدل التركيز على من قام بالفعل.
قد يمثل هذا جزءاً مهماً من تفسير الإدراك البصري لدى الكلاب، لأنه يكشف عن أولويات دماغ الكلب عندما يتعلق الأمر بحاسة البصر.
الاختلاف بين الرؤية لدى الإنسان والرؤية لدى الكلب
وقالت عالمة الأعصاب إيرين فيليبس، التي كانت تعمل وقتها في جامعة إيموري، وتعمل الآن في جامعة برينستون: "مع أن عملنا يستند إلى كلبين فقط، إلا أنه يقدم دليلاً على أن هذه الأساليب تؤتي ثماراً عند استعمالها على الكلاب".
وأضافت: "آمل أن تساعد هذه الورقة في تمهيد الطريق للباحثين الآخرين لتطبيق هذه الأساليب على الكلاب، وكذلك على الكائنات الأخرى، حتى نتمكن من جمع مزيد من البيانات وتكوين رؤى أكبر حول كيفية عمل أدمغة الحيوانات المختلفة".
وأشارت فيليبس إلى أن البحث أجري على الكلبين ديزي وبوبو، إذ صور الفريق ثلاثة مقاطع فيديو مدتها 30 دقيقة تعرض محتوى خاص بالكلاب. وشملت المقاطع كلاباً تتجول ويتفاعل معها البشر بمداعبتهم أو إعطائهم طعاماً. وتضمنت الأنشطة الأخرى مرور سيارات، وتفاعل بشر بعضهم مع بعض، وعبور غزلان للطريق، وقط في منزل.
عرضت هذه الأفلام على كل من ديزي وبوبو في ثلاث جلسات مدة كل منها 30 دقيقة، أي بمجموع 90 دقيقة، مع استرخائهما دون قيود داخل جهاز الرنين المغناطيسي. واستخدم العلماء لتحقيق هذا الإنجاز الرائع تقنيات التدريب التي صممها عالم النفس غريغوري بيرنز، الذي تمكن لأول مرة من إجراء تصوير بالرنين المغناطيسي لكلب مستيقظ وغير مقيد قبل عقد من الزمان.
لذلك تمكن الباحثون أيضاً من مسح دماغي ديزي وبوبو أثناء جلوسهما مستيقظين ومرتاحين داخل الجهاز، وهما يشاهدان الأفلام.
وقسمت بيانات مقاطع الفيديو حسب الطوابع الزمنية لوضع المحددات الأشياء (مثل الكلاب أو البشر أو السيارات أو الحيوانات الأخرى) أو الأفعال (مثل الشم أو الأكل أو اللعب). وأُدخلت هذه المعلومات، بالإضافة إلى بيانات نشاط دماغي الكلبين، في شبكة عصبية تسمى "Ivis" صممت لتعيين نشاط الدماغ لتلك المحددات.
كما عرضت مقاطع الفيديو على شخصين أثناء خضوعهما للتصوير بالرنين المغناطيسي، وأُدخلت هذه البيانات أيضاً إلى "Ivis".
الكلب يركز على الأفعال فيما يركز الإنسان على الأشياء
واستطاع "Ivis" تعيين بيانات الدماغ البشري تجاه المحددات بدقة 99%، لكنه لم ينجح على الإطلاق فيما يخص الأشياء، أما بالنسبة للأفعال، استطاع تعيين الصورة المرئية لنشاط الدماغ بنطاق دقة يتراوح بين 75% و88%.
وقال عالم النفس بيرنز: "نركز نحن البشر على الأشياء. وعدد الأسماء في اللغة الإنكليزية يفوق عدد الأفعال بعشرة أضعاف لأن لدينا هاجساً خاصاً بتسمية الأشياء. ويبدو أن الكلاب أقل اهتماماً بمن قام بالفعل وأكثر اهتماماً بالفعل بحد ذاته".
وأضاف إن الكلاب تختلف كثيراً عن البشر في طريقة رؤيتها للعالم. فهي لا ترى اللونين الأزرق والأصفر، لكن لديها كثافة أعلى من مستقبلات الرؤية الحساسة للحركة.
وقد يرجع سبب هذا إلى حاجة الكلاب إلى أن تكون أكثر وعياً بالتهديدات في بيئتها أكثر من البشر، أو قد يكون له علاقة بالاعتماد على الحواس الأخرى، أو ربما كلاهما. والبشر يعتمدون على حاسة البصر بشدة، أما الكلاب تعتمد على حاسة الشم، حيث تخصص نسبة أكبر بكثير من أدمغتهم لمعالجة المعلومات الشمية.
وقد يكون تخطيط نشاط الدماغ للمدخلات الشمية تجربة أصعب، ولكنها قد تكون مفيدة أيضاً. كما يمكن إجراء مزيد من الأبحاث التفصيلية حول الإدراك البصري لدى الكلاب، وربما الحيوانات الأخرى في المستقبل.
وقال بيرنز: "أظهرنا أن بإمكاننا مراقبة نشاط دماغ الكلب أثناء مشاهدته مقطع فيديو، وإعادة بناء ما ينظر إليه بدرجة محدودة على الأقل. وهذا أمر رائع".
Journal of Visualized Experiments