تخطي وجبة الإفطار وتناول الطعام في الليل يزيد خطر الإصابة بالاضطرابات الأيضية ويؤدي إلى اكتساب وزن زائد

علوم

دراسة تبين لماذا يؤدي تناول الطعام في الليل إلى اكتساب قدر أكبر من الوزن

13 تشرين الأول 2022 09:56

نعلم أن من يسعى إلى إنقاص وزنه يتجنب تناول الوجبات الخفيفة في الليل، وهذه نصيحة شائعة، ولا عجب من ذلك، إذ أظهرت مجموعة من الأبحاث أن تناول الطعام في الليل يرتبط بزيادة وزن الجسم وزيادة خطر الإصابة بالبدانة.

ولكن حتى الآن، لم يُجر إلا قليل من الدراسات التي حققت د في سبب ارتباط تناول الطعام في الليل بزيادة وزن الجسم. وهذا ما شرعت دراسة أمريكية حديثة في الكشف عنه، ووجدت أن تناول الطعام بعد أربع ساعات من الموعد الطبيعي قد غير بالفعل العديد من الآليات الفسيولوجية والجزيئية التي تساهم في زيادة الوزن.

ويضاف هذا العمل إلى الأعمال الأخرى التي نُشرت مؤخراً ووجدت أن تناول الطعام في النهار أكثر فائدة من حيث الشهية والتحكم في وزن الجسم.

تناول الطعام في الليل

درس الباحثون في دراستهم 16 مشاركاً يتبعون جدولين مختلفين للوجبات، لمدة ستة أيام إجمالاً، إذ جعل البروتوكول الأول المشاركين يتناولون وجباتهم في النهار بحيث يتناولون وجبتهم الأخيرة قبل نحو ست ساعات و40 دقيقة من موعد النوم.

أما البروتوكول الثاني جعل المشاركين يأكلون جميع وجباتهم اليومية بعد أربع ساعات تقريباً، بمعنى أنهم تخطوا وجبة الإفطار وتناولوا الغداء والعشاء ووجبة بعد العشاء تناولوها قبل ساعتين ونصف الساعة من موعد النوم.

وأجريت الدراسة في مخبر مجهز بأجهزة مراقبة تضمن أن يتناول المشاركون في كل مجموعة نظاماً غذائياً متطابقاً، وأن جميع وجباتهم كانت متباعدة بشكل متساوٍ بنحو أربع ساعات.

ولفهم مدى تأثير تناول الطعام في الليل في الجسم، ركز الباحثون في ثلاثة مقاييس مختلفة مرتبطة بزيادة الوزن، هي: تأثير الشهية وأثر وقت الأكل في استهلاك الطاقة (حرق السعرات الحرارية) والتغيرات الجزيئية في الأنسجة الدهنية.

وقِيست الشهية بطريقتين، أولهما جعل المشاركين يقيّمون شعورهم بالجوع على مدار اليوم، والثانية جمع عينات الدم لفحص مستويات الهرمونات المنظمة للشهية في دم المشاركين - مثل اللبتين (الذي يشعرنا بالشبع) والغريلين (الذي يشعرنا بالجوع). وراقب الباحثون هذه الهرمونات كل ساعة على مدار 24 ساعة خلال اليوم الثالث والسادس من كل تجربة.

ولتقييم أثر توقيت الوجبة في استهلاك الطاقة اليومي، استخدم الباحثون تقنية تسمى "قياس السعرات الحرارية غير المباشر". تقيس هذه التقنية كلاً من كمية الأكسجين التي يستخدمها المرء إلى جانب كمية ثاني أكسيد الكربون التي ينتجها. يساعد هذا الباحثين في تقدير عدد السعرات الحرارية التي يستخدمها جسم المرء طوال يوم عادي.

أما لدراسة كيفية تأثير تناول الطعام في الليل من الليل في طريقة تخزين الجسم للدهون على المستوى الجزيئي، أخذ الباحثون خزعة من الأنسجة الدهنية في البطن، علماً أن نصف المشاركين فقط وافقوا على ذلك.

وجد الفريق أنه مقارنة بنمط الأكل المبكر، لا يزيد تناول الطعام في الليل من الشعور الشخصي بالجوع في اليوم التالي فحسب، بل يزيد أيضاً من نسبة هرمونات "الجوع" في الدم - على الرغم من تناول المشاركين نظاماً غذائياً متطابقاً في كلا البروتوكولين. كما تسبب تناول الطعام في الليل أيضاً في انخفاض عدد السعرات الحرارية التي حرقها الجسم في اليوم التالي. وتبين لدى المشاركين الذين أخذت منهم خزعة الأنسجة الدهنية أن تناول الطعام في الليل يتسبب في تغيرات جزيئية تعزز تخزين الدهون.

تشير هذه النتائج مجتمعة إلى أن تناول الطعام في الليل يؤدي إلى عدد من التغيرات الفسيولوجية والجزيئية التي قد تؤدي بمرور الوقت إلى زيادة الوزن.

إمكانية زيادة الوزن

مع أننا لا نفهم تماماً جميع الآليات الكامنة وراء زيادة تناول الطعام في الليل للوزن، لكن هذه الدراسة توضح لنا أنها ربما تكون نتيجة عوامل كثيرة تعمل معاً.

وقد تفسر إحدى النظريات تسبب تناول الطعام في الليل في زيادة الوزن بأنه ناجم عن الإيقاع الدوري اليومي لدينا، إذ يمتلك جسم الإنسان إيقاعاً دورياً يومياً بشكل فطري، ويتحكم فيه الدماغ للتأثير في المستوى الطبيعي للهرمونات. وهذا الإيقاع يتجاوب بشكل خاص مع ضوء النهار ومقدار الطعام.

ويرتبط وقت تناول الطعام ارتباطاً جوهرياً بهذا الإيقاع لدى البشر، حيث إننا ننام عادةً عندما يحل الليل، ونأكل في النهار. وعندما نأكل في وقت متأخر، قد يتحدى هذا الإيقاع الدوري اليومي الطبيعي، ما يتسبب في اضطرابات في إشارات الجوع في الجسم والطريقة التي يستخدم بها السعرات الحرارية ويخزن الدهون. مع ذلك، لم يظهر هذا الارتباط إلا في الدراسات التي أجريت على الحيوانات حتى الآن.

وعلى أن الدراسة الجديدة أجريت على عدد محدود من المشاركين وعلى مدى فترة زمنية قصيرة جداً، نحتاج إلى إجراء مزيد من البحث لفهم إن كانت هذه التغييرات مؤقتة فحسب، وما الأثر الذي يتركه تناول الطعام في الليل على مدى طويل على آليات اكتساب الوزن. لكننا نعلم من دراسات أخرى أن من يميل إلى تناول الطعام في الليل يزيد وزنه بسهولة أكبر.

ووجدت دراسات أخرى واسعة النطاق، بحثت في العلاقة بين اختلال توقيت الوجبة وتوازن الطاقة (مثل تخطي وجبة الإفطار وتناول الطعام في الليل والعمل بنظام المناوبة)، أن أنماط الأكل هذه مرتبطة بزيادة وزن الجسم وزيادة خطر الإصابة بالاضطرابات الأيضية (مثل ارتفاع ضغط الدم أو داء السكري من النوع 2).

وتضاف هذه الدراسة إلى مجموعة متزايدة من الأدلة التي توضح مدى أهمية توقيت الوجبة عندما يتعلق الأمر بوزن الجسم. وبناءً على ما أظهرته هذه الدراسة وغيرها، قد يرغب من يراقب وزنه في الانصراف عن تناول الوجبات الخفيفة في وقت متأخر ويؤثر تناول معظم وجباته في النهار.

صحيفة ذا كونفرزيشن