تأثير ارتفاع درجات الحرارة على حياة الإنسان

منوعات

الإنسان غير قادر على التكيف مع ارتفاع درجات الحرارة بالسرعة التي يتغير فيها المناخ

7 تموز 2023 13:55

في آخر مرة كانت فيها الأرض أكثر سخونة مما هي عليه اليوم منذ 125000 عام على الأقل، قبل وقت طويل من ظهور أي شيء يشبه الحضارة الإنسانية، وفي عام 197، ارتفعت درجة حرارة الأرض بشكل أسرع من أي فترة خلال الأربعين عاماً التي تم تسجيلها، وكانت السنوات الثماني بين 2015 و 2022 هي الأكثر حرارة على الإطلاق، وفي عام 2022، كان يعيش 850 مليون شخص في مناطق شهدت درجات حرارة عالية جداً، وعلى الصعيد العالمي أصبحت موجات الحرارة القاتلة أطول وأكثر سخونة وتكراراً. 

التوقعات حول موجات الحر القادمة

وجدت إحدى الدراسات أن احتمالية حدوث موجة حر مثل تلك التي حدثت شمال غرب المحيط الهادئ في عام 2021 هي 150 ضعف أكثر احتمالية اليوم مما كانت عليه قبل أن نبدأ بطرح غاز ثاني أكسيد الكربون إلى الغلاف الجوي في بداية العصر الصناعي.

ما عليك سوى إلقاء نظرة على أحداث هذا العام: حوَّل دخان حرائق الغابات من كندا سماء الساحل الشرقي إلى اللون البرتقالي المروع، سجل الجليد البحري في القارة القطبية الجنوبية مستوى قياسياً منخفضاً، تم تحطيم سجلات درجات الحرارة المسجلة في بورتوريكو وسيبيريا وجنوب شرق آسيا والمكسيك وتكساس، وفي شمال المحيط الأطلسي، كانت درجات حرارة سطح البحر في أواخر شهر حزيران هي الأعلى على الإطلاق.

تأثير ارتفاع درجات الحرارة على حياة الإنسان

الحقيقة هي أن الحرارة الشديدة تعيد تشكيل كوكبنا إلى كوكب قد تصبح فيه مساحات شاسعة غير صالحة لحياة الإنسان، حيث توقعت إحدى الدراسات الحديثة أنه خلال الخمسين عاماً القادمة، سيعيش ما بين مليار وثلاثة مليارات شخص خارج الظروف المناخية التي أدت إلى نشوء الحضارة على مدى الستة آلاف عام الماضية، وحتى لو انتقلنا بسرعة إلى الطاقة النظيفة، فإن نصف سكان العالم سيتعرضون لمجموعة عوامل تهدد الحياة من الحرارة والرطوبة بحلول عام 2100.

يمكن أن ترتفع درجات الحرارة في أجزاء من العالم لدرجة أن مجرد الخروج لبضع ساعات قد يعرضك للموت، وحذرت دراسة أخرى: "سوف يؤدي الخروج إلى الموت حتى للناس الذين يتمتعون بكامل صحتهم".

تأثير ارتفاع درجات الحرارة على الكائنات الحية

تشبه الحياة على الأرض آلة تمت معايرتها بدقة، وهي آلة تم بناؤها بالتطور لتعمل بشكل جيد للغاية ضمن معايير تصميمها، ولكن الحرارة العالية تكسر هذه الآلة بطريقة أساسية، وتعطل كيفية عمل الخلايا، وكيف تتكشف البروتينات، وكيف تتحرك الجزيئات. نعم، يمكن لبعض الكائنات الحية أن تعيش في درجات حرارة أعلى من غيرها، حيث يمكن للنمل الصحراوي الفضي الركض عبر رمال الصحراء الساخنة التي تقتل الحشرات الأخرى على الفور، وتعيش الميكروبات في ينابيع حارة جداً في حديقة يلوستون الوطنية، ويمكن للرياضي البالغ من العمر ثلاثين عاماً أن يتعامل مع درجة حرارة تبلغ 44 درجة بشكل أفضل من رجل يبلغ من العمر سبعين عاماً ومصاباً بمرض في القلب، ونعم، نحن البشر مخلوقات رائعة ولدينا قدرة هائلة على التكيف مع عالم سريع التغير.

كيف نشأت الحياة وتكيفت مع الحرارة المرتفعة في الماضي

لكن لفهم مخاطر الحرارة الشديدة اليوم، من المفيد أن نفهم كيف كنا نعيش مع الحرارة في الماضي، ومن بين أمور أخرى، قمنا بتطوير طرق ذكية لإدارة تدفئة وتبريد أجسامنا والتي منحت أسلافنا ميزة تطورية على المنافسين، لأخبركم عن ذلك، وعلى الرغم من ذلك، يجب أن أعود إلى الوراء، لأنه لا يمكنك فصل الحرارة عن بداية الأشياء.

منذ أربعة عشر مليار سنة، كان الكون مضغوطاً إلى كتلة صلبة شديدة الحرارة وكثيفة بشكل لا يصدق، ثم توسعت بسرعة، وبردت هذه الكتلة الصلبة عندما تضخمت، حيث أبطأت جسيماتها تدريجياً حركتها السريعة وتجمعت في كتل، والتي بمرور الوقت شكلت النجوم والكواكب ونحن، كيفية نشأة الحياة بالضبط من الفوضى الساخنة للكون هي أمر لا يُفهم إلا بشكل خافت، لكن النظرية الأكثر قبولاً هي أن الحياة بدأت حول البراكين التي ارتفعت فوق المحيط بعد فترة وجيزة من تشكل الأرض، وربما خلال المائة مليون سنة الأولى، وكانت البراكين محاطة بأحواض تغذيها الينابيع الحارة، والتي كانت محملة بمركبات عضوية من الكويكبات والنيازك التي قصفت الكوكب، وعملت البراكين كمفاعلات كيميائية، وخلقت حساء بركاني ساخن، وبطريقة ما، نمت جزيئات الحمض النووي الريبي، ونمت في النهاية إلى شكل أكثر تعقيداً وتنطوي إلى بروتينات حقيقية ودنا مزدوج الشريطة، لقد شكلوا ميكروبات تطفو في حصائر سميكة على البرك البركانية، الوعندما جفت البرك، التقطت الرياح الجراثيم ونشرتها لعدة كيلومترات، وأدت الأمطار في النهاية إلى غسل الميكروبات ودفعها إلى المحيط، وبمجرد وصولهم إلى البحر، انتقل الكوكب كله إلى الحياة.

كيف تكيف البشر مع موجات الحرارة المرتفعة في الماضي

وبعد ذلك، أصبح البشر صيادين ممتازين في الطقس الحار، حيث يمكنهم الخروج في حرارة النهار عندما لا تستطيع الحيوانات الأخرى أن تخرج، مما يمنحهم ميزة مفترسة، وبحلول الوقت الذي ظهر فيه الإنسان المنتصب منذ حوالي مليوني عام، كان أسلافنا في طريقهم ليصبحوا رياضيين تحمّل، بأرجل طويلة وأقدام رشيقة وعضلات قوية في الفخذ والساق، وبفضل أنظمة إدارة الحرارة الفائقة الخاصة بهم، يمكنهم حرفياً الجري وراء الحيوان حتى يصاب بضربة شمس، وتستمر هذه الممارسة حتى اليوم، ففي صحراء كالاهاري في جنوب إفريقيا، يستطيع الصيادون الحديثون قتل الكودو، وهو نوع من الظباء أسرع بكثير من البشر على مسافات قصيرة، من خلال مطاردته لساعات في منتصف النهار الحار، حتى ينهار حرفياً بسبب الحرارة.

لكن استراتيجيات إدارة الحرارة للبشر، مثل جميع الكائنات الحية، قد تم تحسينها لمنطقة كنا نعيش فيها منذ 10000 عام أو نحو ذلك، أما الآن، ومع خروجنا من تلك المنطقة، تصبح مهمة إدارة الحرارة أكثر تعقيداً وأكثر خطورة بكثير. 

المصدر: موقع Time