تعتبر النقطة الأهم في فهم الاستراتيجية الدولية لأستراليا، هي تقييم العلاقة المستقبلية بين الولايات المتحدة والصين، مع التركيز على التهديدات والفرص المحتملة.
استراتيجية أستراليا الدولية
كانت فكرة جيدة تلك التي طرحتها وزيرة الخارجية الأسترالية بيني وونغ، في خطاب ألقته في شهر نيسان 2023، فبينما تؤكد وونغ أن الولايات المتحدة ستظل "لا غنى عنها"، فإنها تدرك أنها لن تكون القوة المهيمنة في آسيا بعد الآن.
وبدلاً من ذلك، قالت وونغ إن المصلحة الوطنية لأستراليا تتمثل في بناء منطقة تستفيد فيها جميع البلدان من توازن استراتيجي حيث لا يهيمن أي بلد على أي بلد، حيث أن تفوق الاقتصاد الصيني على الاقتصاد الأمريكي في عام 2016 على أساس تعادل القوة الشرائية واستمراره في النمو بشكل أسرع منذ ذلك الحين، يجعل فكرة استمرار هيمنة الولايات المتحدة ليست أساساً سليماً لاستراتيجية أستراليا الدولية.
استراتيجية الولايات المتحدة الدولية
ومع ذلك، لا يبدو أن الولايات المتحدة تدرك التغيير في وضعها في آسيا، حيث تقول الولايات المتحدة، إنها، وبدعم من أستراليا، تريد الحفاظ على ما يسمى "النظام القائم على القواعد"، لكن هذا النظام ليس هو النظام المنصوص عليه في ميثاق الأمم المتحدة، ولكن تم تأسيسه من قبل الولايات المتحدة وكان الهدف منه خدمة المصالح الأمريكية.
موقف الصين من استراتيجية الولايات المتحدة الدولية
من المفهوم أن الصين قد ترغب في إجراء تغييرات على النظام القائم على القواعد الأمريكية، وهي تغييرات يمكن بسهولة استيعابها من قبل الدول الأخرى في المحيطين الهندي والهادي، وكما يقول سفير أستراليا السابق في الصين جيف رابي: "سيكون إطار العمل الشامل لتغيير قواعد وعادات التشاور التي تشمل الصين والتي تعد أفضل وسيلة لتقييد السلوك السيئ".
هل تلتزم الولايات المتحدة بالنظام الحالي القائم على القواعد؟
ولكن هناك أيضاً مشكلة عدم التزام الولايات المتحدة دائماً بالنظام الحالي القائم على القواعد، وبدلاً من ذلك، يسعدها تجاهل القواعد أو خرقها عندما لا تناسبها، فعلى سبيل المثال، لم يتم السماح بالعقوبات التجارية الأمريكية على الصين من قبل منظمة التجارة العالمية، لكن عندما فرضت الصين عقوبات تجارية على أستراليا، قفزت الولايات المتحدة بسرعة لتحل محل سوق الاستيراد.
أستراليا تحتاج لتقييم العلاقات المستقبلية بين الولايات المتحدة والصين
يوفر النظام متعدد الأقطاب للنظام الدولي السبيل المستدام الوحيد للتقدم، ويجب أن تعمل أستراليا على تشجيع الولايات المتحدة على قبول هذا الواقع الجديد حيث تحتاج إلى تقاسم السلطة مع الصين.
المشكلة هي أن كلاً من السياسات الخارجية والدفاعية لأستراليا تستندان إلى تناقض واضح، حيث تدرك أستراليا حقيقة أنها تعيش في منطقة متعددة الأقطاب، لكنها تربط نفسها بشريك في التحالف لا يدرك ذلك.
لا تريد بقية المنطقة أن تُجبر على الانحياز، ومثل أستراليا، يعتمد الأعضاء الإقليميون الآخرون على كلا البلدين الرئيسيين ويشتركون في مصلحة مشتركة في إنشاء مجموعة من الترتيبات التي تلبي المطالب المعقولة لجميع الدول الأعضاء.
موقف أستراليا من صراع النفوذ بين الولايات المتحدة والصين
وبالنسبة لأستراليا، قد يمثل هذا عودة إلى الموقف السابق حيث كانت أستراليا واضحة أنها لا ترغب في الانحياز إلى أي طرف في الصراع على النفوذ بين الولايات المتحدة والصين، لكن في عهد رئيس الوزراء السابق سكوت موريسون، كان يُنظر إلى أستراليا على أنها ناطق بلسان الولايات المتحدة في كثير من الأحيان لدرجة أنها أضعفت مصداقيتها الإقليمية.
وكما قال الدبلوماسي السنغافوري السابق كيشور محبوباني، تريد الدول الآسيوية أن تكون لها علاقات جيدة مع كل من الولايات المتحدة والصين، وأن السياسة الأكثر حكمة بالنسبة لأستراليا هي الانضمام إلى موقف هذه الدول إن أمكن، وبهذه الطريقة، يمكن أن تلعب دوراً هاماً في عملية التقريب بين بكين وواشنطن، وبالإضافة إلى ذلك، يمكن لأستراليا أن تعزز مكانتها مع الدول الأخرى في المنطقة إذا لعبت دوراً رائداً في إقناع الولايات المتحدة بقبول واقع منطقة متعددة الأقطاب.
لماذا تخضع أستراليا للولايات المتحدة ؟
كان مفتاح خضوع أستراليا للولايات المتحدة، ومشاركتها في العديد من الحروب الأمريكية، هو تصورها بأنها تعتمد على الولايات المتحدة في الدفاع، لكن أستراليا بحاجة إلى تحديد مصالحها الخاصة بوضوح ويجب تحديد جميع الإجراءات وفقاً لتلك المصالح.
أما في الوقت الحالي، سيكون التهديد الأكثر إلحاحاً لسيادة أستراليا هو الصراع بين الولايات المتحدة والصين على تايوان، فإذا لم تنضم أستراليا إلى الولايات المتحدة في الدفاع عن تايوان، فقد تؤثر القضية على اتفاقية أوكوس AUKUS وشراء أستراليا للغواصات النووية.
المصدر: East Asia Forum