علماء يكتشفون سبب استهلاك الدماغ كمية كبيرة من الطاقة

حجم الطاقة التي يستهلكها الدماغ البشري

إن الدماغ البشري، الذي لا يشكل سوى 2% من وزن جسمنا، يستهلك بشكل مدهش حوالي 20% من إجمالي الطاقة التي نملكها أو نحصل عليها من الغذاء، لقد أثار هذا الاستخدام غير المتناسب للطاقة اهتمام العلماء لفترة طويلة، مما أثار السؤال التالي: ما الذي يجعل الدماغ متطلباً للطاقة إلى هذا الحد؟ وأرجعت النظريات الشائعة ذلك إلى الحجم الكبير للدماغ البشري.

ومع ذلك، فإن هذا التفسير لم يكن كافياً لأن الثدييات الأخرى لديها أدمغة أكبر أو عدد أكبر من الخلايا العصبية، ولذلك، أجرى الباحثون هذه الدراسة للتعمق أكثر في كيفية توزيع الطاقة في الدماغ، مع التركيز بشكل خاص على دور المعدلات العصبية، أي المواد الكيميائية مثل الدوبامين والسيروتونين التي تنظم نشاط الخلايا العصبية.

استقلاب الغلوكوز في الدماغ مؤشر رئيسي لاستهلاك الطاقة

شملت الدراسة 30 مشاركاً يتمتعون بصحة جيدة ويستخدمون اليد اليمنى دون أن يكون لديهم تاريخ من الأمراض النفسية السابقة، واستخدم الباحثون تقنيتين متقدمتين للتصوير العصبي: التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني PET والتصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي fMRI، حيث تعد فحوصات التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني ممتازة لقياس العمليات الأيضية في الجسم، مثل استقلاب الغلوكوز، وهو مؤشر رئيسي لاستخدام الطاقة، ومن ناحية أخرى، يتفوق التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي في اكتشاف تغيرات تدفق الدم المرتبطة بالنشاط العصبي، وبالتالي رسم خرائط للاتصالات الوظيفية في الدماغ.

خضع المشاركون لعمليات المسح وهم في حالة من الراحة، وأعينهم مفتوحة أو مغلقة، وقدمت عمليات المسح هذه ثروة من البيانات حول معدل استقلاب الغلوكوز في الدماغ، أي مقدار الطاقة التي يستخدمها الدماغ، ومستوى الاتصال الوظيفي وكيفية تواصل مناطق الدماغ المختلفة.

الوظائف المعرفية والتفكير سبب استهلاك الدماغ كمية كبيرة من الطاقة

كان أحد الاكتشافات الرئيسية هو العلاقة الطردية بين استقلاب الغلوكوز في الدماغ واتصاله الوظيفي، وهذا يعني أن مناطق الدماغ التي لديها المزيد من الاتصالات أو النشاط تستخدم أيضاً المزيد من الطاقة، وبشكل ملحوظ، وُجد أن الشبكات الأمامية الجدارية، التي تلعب دوراً محورياً في المهام المعرفية عالية المستوى مثل حل المشكلات واتخاذ القرار، تستخدم طاقة أكثر بنسبة تصل إلى 67% من المناطق المشاركة في الوظائف الحسية أو الحركية الأساسية، ولذلك أكد الباحثون أن استخدام الطاقة بهذا الشكل الكبير هو فاتورة ندفعها لأننا قادرين على التفكير.