بعد مرور ما يقرب من أربعين عاماً على وقوع كارثة تشيرنوبيل النووية في عام 1986، نجحت بعض أنواع الكائنات في التطور للتغلب على المستويات القاتلة من الإشعاع، حيث كشفت دراسة جديدة أجراها باحثون في جامعة نيويورك أن الديدان المجهرية في منطقة تشيرنوبيل الملوثة بالإشعاع النووي تمكنت من الاستمرار في الحياة، على الرغم من معدلات الإشعاع العالية.
اكتشاف ديدان في موقع تشيرنوبل لم تتأثر بالإشعاع النووي
وجدت الدراسة الجديدة أن جينومات الديدان لم تتأثر بالإشعاع المزمن الذي يؤثر على المنطقة بعد 38 عاماً، ولا تتحدى هذه النتيجة فهمنا لتأثير الإشعاع على الحياة فحسب، بل تشير أيضاً إلى تحقيق جديد حول قدرة الحمض النووي البشري على إصلاح نفسه.
بعد كارثة مفاعل تشيرنوبيل، وهي واحدة من أخطر الكوارث وأكثرها تدميراً، أصبحت المنطقة المحيطة بالمفاعل غير صالحة لحياة البشر، ولكنها مع ذلك ليست خالية من الحياة تماماً، والمثير للدهشة أن العديد من النباتات والحيوانات استمرت في العيش في المنطقة، وتكيفت مع ظروف الإشعاع القاسية، وقد أثارت هذه الظاهرة اهتمام العلماء، وأثارت عدة تساؤلات حول التأثيرات البيولوجية للتعرض للإشعاع على المدى الطويل.
وقالت "صوفيا تينتوري" باحثة ما بعد الدكتوراه في قسم علم الأحياء بجامعة نيويورك: "كانت تشيرنوبيل مأساة ذات نطاق غير مفهوم، لكننا مازلنا لا نمتلك فهماً دقيقاً لآثار الكارثة على أنواع الحياة المحلية، هل أدى التحول البيئي المفاجئ إلى اختيار أنواع محددة لمتابعة الحياة، أو حتى أفراد ضمن نوع ما، لأنها أكثر مقاومة للإشعاعات النووية بشكل طبيعي؟".
الديدان الخيطية لم تتأثر بالإشعاع المزمن لكارثة تشيرنوبل
ركز البحث على الديدان الخيطية، وهي ديدان صغيرة ذات هياكل وراثية واضحة وقدرة على التكاثر بسرعة، مما يجعلها مادة مثالية لدراسة العمليات البيولوجية الأساسية، وهذه الديدان، وفقاً لـ "ماثيو روكمان" أستاذ علم الأحياء بجامعة نيويورك والمؤلف الرئيسي للدراسة، تمر بعشرات الأجيال خلال عمر الفقاريات النموذجية، مما يوفر منظوراً مميزاً حول قدرات التكيف مع البيئات القاسية.
غامر الباحثون الشجعان بالدخول إلى منطقة تشيرنوبيل المحظورة، وهي منطقة محظورة حول موقع الكارثة، وجمعوا عينات من الديدان الخيطية من عدة مواقع ذات مستويات إشعاع مختلفة، ثم قاموا بتحليل العينات في مختبرهم لتحديد تأثير الإشعاع على جينوماتهم.
وقالت تينتوري: "لقد رأيت الكثير من الصور للمنطقة المحظورة وفوجئت بمدى خصبها، فأنا لم أكن أظن حتى أنها تعج بالحياة، إذا كنت أرغب في العثور على ديدان تتحمل بشكل خاص التعرض للإشعاع، فهذا هو المكان الأفضل للبحث على الإطلاق".
المصدر: جامعة نيويورك