ظل مرض باركنسون لغزًا معقدًا للباحثين والمرضى على حد سواء ، ولكن بفضل التقنيات الحديثة في التعلم الآلي، تمكن العلماء في كلية ويل كورنيل للطب من تحقيق اختراق قد يغير فهمنا وعلاجنا لهذا المرض الصعب ، لقد ساعد الذكاء الاصطناعي في تحديد ثلاثة أنواع جديدة من باركنسون، مما قد يؤدي إلى علاجات جديدة تعتمد على أعراض المرض لدى المريض.
اكتشاف أنواع فرعية جديدة من باركنسون
في دراسة نُشرت في مجلة "npj Digital Medicine"، حدد الباحثون ثلاثة أنواع فرعية مميزة من مرض باركنسون بناءً على سرعة تقدم الأعراض.
يقول الدكتور فاي وانغ، أستاذ علوم الصحة السكانية والمدير المؤسس لمعهد الذكاء الاصطناعي للصحة الرقمية في كلية ويل كورنيل للطب: "مرض باركنسون متغاير للغاية، مما يعني أن الأشخاص المصابين بنفس المرض يمكن أن يكون لديهم أعراض مختلفة تمامًا" ويضيف: "هذا يشير إلى أنه من غير المرجح أن يكون هناك نهج واحد يناسب الجميع لعلاجه ، قد نحتاج إلى النظر في استراتيجيات علاج مخصصة بناءً على النوع الفرعي للمرض لدى المريض".
الذكاء الاصطناعي واكتشاف الأنواع الفرعية
استخدم الباحثون التعلم العميق، وهو نوع من الذكاء الاصطناعي يمكنه تحليل كميات هائلة من البيانات لاكتشاف الأنماط التي قد يغفلها البشر ، ومن خلال النظر في السجلات السريرية المجهولة من قاعدتين بيانات كبيرتين، تمكن الفريق من تحديد أنماط تقدم مميزة.
مما يثير الحماس حقًا في هذا الاكتشاف هو أن كل نوع فرعي يبدو أن له بصمته الوراثية والجزيئية الفريدة على سبيل المثال أظهر النوع الفرعي "التقدم السريع" زيادة في النشاط في المسارات المرتبطة بالالتهاب العصبي والإجهاد التأكسدي والتمثيل الغذائي.
التطبيقات العملية للاكتشافات
هذه المعرفة ليست فقط أكاديمية، بل يمكن أن يكون لها تأثيرات عملية في العلاج من خلال فهم العمليات البيولوجية المحددة التي تعمل في كل نوع فرعي، يمكن للباحثين البدء في التفكير في استهداف هذه المسارات بأدوية جديدة أو قائمة.
في الواقع، قام الفريق بالفعل ببعض الاكتشافات الواعدة في هذا المجال ، استخدموا نتائجهم لتحديد الأدوية المحتملة التي يمكن إعادة استخدامها لعلاج أنواع معينة من باركنسون أحد الأمثلة البارزة هو الميتفورمين، وهو دواء شائع لعلاج مرض السكري.
أهمية البيانات والذكاء الاصطناعي في البحث الطبي
يقول الدكتور تشانغ سو المؤلف الأول وأستاذ مساعد في علوم الصحة السكانية وعضو في معهد الذكاء الاصطناعي للصحة الرقمية في كلية ويل كورنيل للطب: "من خلال فحص هذه القواعد البيانية، وجدنا أن الأشخاص الذين يتناولون دواء السكري الميتفورمين ظهرت عليهم تحسنات في أعراض المرض، خاصة الأعراض المتعلقة بالإدراك والسقوط، مقارنة بأولئك الذين لم يتناولوا الميتفورمين"
ثلاثة أنواع فرعية من باركنسون
حدد الدراسة ثلاثة أنواع فرعية فريدة من باركنسون، تميزت بسرعات تقدمها:
1. النوع الفرعي "التقدم البطيء" (PD-I) مع تقدم الأعراض الطفيف.
2. النوع الفرعي "التقدم المعتدل" (PD-M) مع تقدم معتدل.
3. النوع الفرعي "التقدم السريع" (PD-R) مع تقدم أكثر عدوانية.
الذكاء الاصطناعي واكتشاف الأنواع الفرعية
تعتمد هذه الدراسة على طريقة متطورة لتحليل التقدم المتنوع لمرض باركنسون، من خلال دمج التعلم الآلي والتعلم العميق مع الطب الشبكي المتقدم والأساليب الإحصائية. يتم تحليل مجموعة كبيرة من البيانات، بما في ذلك السجلات السريرية والعينات البيولوجية والتصوير العصبي والمعلومات الوراثية.
بالرغم من التقدم المحرز، تعترف الدراسة بعدة قيود. يستند تحديد الأنواع الفرعية بشكل رئيسي إلى المرضى في المراحل المبكرة من باركنسون، مما قد لا يمثل الطيف الكامل للمرض. بالإضافة إلى ذلك، قد تحد التعقيدات المنهجية والحاجة إلى البيانات الواسعة من تطبيق هذه النتائج على الفور في البيئات الأقل تجهيزًا.
أهمية الطب الشخصي في علاج مرض باركنسون
تمثل هذه الدراسة خطوة كبيرة نحو الطب الشخصي في علاج مرض باركنسون من خلال الكشف عن أن باركنسون ليس كيانًا موحدًا بل طيفًا من الاضطرابات مع معدلات تقدم متغيرة. يفتح تحديد الأنواع الفرعية لباركنسون الطريق أمام علاجات أكثر دقة وفعالية موجهة لأنماط التقدم المحددة والملامح الجزيئية للمرضى.