حقيقة الجسر البري من الأردن إلى إسرائيل ودوره في فك الحصار اليمني عن الموانئ الإسرائيلية

ندى درغام

حقيقة الجسر البري من الأردن إلى إسرائيل ودوره في فك الحصار اليمني عنها

أثارت التقارير التي تتحدث عن وجود جسر بري لنقل البضائع والسلع من الأردن إلى إسرائيل جدلا كبيرا، وحالة من السخط الشعبي الشديد، نظرا لما يشكله من صدمة للمشاعر وسط ما ترتكبه إسرائيل من مجازر وتجويع بحق الفلسطينيين، ولكونه يجعل من كل ما يقوم به اليمن من حصار بحري على إسرائيل بلا جدوى.

الجسر البري الأردني إلى إسرائيل يكسر الحصار اليمني

فمع إعلان العديد من القوى منذ بدء الحرب على غزة فتح جبهات إسناد لها، كان لافتا دخول حركة أنصار الله في اليمن إلى واجهة المساندين بكل قوة رغم بعد المسافة، والتأثير الكبير لعملياتها من جهة الضغط على العدو الإسرائيلي وإيلامه، وعزله عن البحر الأحمر، عبر استهداف سفنه في البداية ثم السفن المتجهة إلى موانئه من أي جهة كانت، الأمر الذي لاقى الصدى الإيجابي الواسع في قلوب الشعوب المناصرة لفلسطين.

وفي المقابل خرجت العديد من التقارير التي تحدثت عن دور عربي في كسر الحصار اليمني وجعله بلا تأثير، من خلال الجسر البري الأردني إلى إسرائيل، في الوقت الذي كان من المفترض فيه أن تشكل عمليات اليمن ضربة كبيرة لإسرائيل، نظرا لتأثيراتها الاقتصادية الجمة التي تحرم هذا الكيان من أنواع كثيرة من السلع التي تمر معظمها من البحر الأحمر، أو تؤخر وصولها وترفع أثمانها لاضطرار السفن لسلك طرق أطول بكثير للوصول إلى هذا الكيان.

حيث انتشرت العديد من مقاطع الفيديو التي أظهرت عددا كبيرا من الشاحنات المحملة بكل أنواع السلع والبضائع قال عنها ناشطون بأنها متجهة من الأردن إلى إسرائيل، والتي رد عليها ناشطون آخرون بأنها متجهة من الأردن إلى التجار الفلسطينيين في الضفة.

لكن الإعلام العبري كان الأسبق في تأكيد وجود الجسر البري، حيث بينت صحيفة "يديعوت أحرونوت" في وقت سابق من العام الحالي عبر مقال بعنوان: "السعودية والأردن تساعدان إسرائيل في التحايل على تهديدات الحوثيين، كيفية قيام شركات إسرائيلية بتفريغ البضائع في موانئ البحرين ودبي وتحميلها على شاحنات سعودية وأردنية، لتتجه عبر البر إلى إسرائيل.

وفي السياق ذاته نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريرا تتطرق من خلاله إلى ما أكدته وسائل الإعلام الإسرائيلية في منتصف كانون الأول/ ديسمبر الماضي، عن وصول الدفعة الأولى من الشحنات التجارية من المنتجات الطازجة إلى إسرائيل من الإمارات عبر مسار بديل جديد يمر عبر السعودية والأردن ويستغرق يومين.

ورغم أن التقرير لفت إلى أن الحكومة الأردنية حاولت مرارا وتكرارا منذ ذلك الحين، تبديد هذه التقارير باعتبارها معلومات مضللة، إلا أنه سلط الضوء على تقرير بثته قناة إسرائيلية في 31 كانون الثاني/ يناير الماضي، أجرت القناة خلاله مقابلات مع سائقي شاحنات قادمين من الإمارات يحملون بضائع لإسرائيل، ولقطات من الطائرات بدون طيار تظهر عشرات الشاحنات التجارية المتوقفة عند المعبر الحدودي الذي يربط الأردن بإسرائيل في منطقة وادي الأردن.

الشارع الأردني يحتج على الجسر البري إلى إسرائيل

وقد أثارت هذه التقارير والمشاهدات غضب الشارع الأردني الذي عبر عنه باحتجاجات واسعة، لما لهذا الجسر البري من تأثير سلبي على كل ما يقوم به اليمن من هجمات على السفن المتجهة إلى الموانئ الإسرائيلية.

وبحسب تقرير "ميدل إيست آي" فقد طالب مئات الأردنيين المحتجين بإنهاء ما أطلقوا عليه "الجسر البري الصهيوني"، ودعا المتظاهرون في احتجاجات وسط العاصمة عمان ومدن أخرى مثل إربد، العقبة، الكرك، والزرقاء، الحكومة الأردنية إلى قطع العلاقات مع إسرائيل، وإلغاء اتفاقيات الغاز، ومنع مرور أي شاحنة قادمة من دول الخليج إلى إسرائيل، وشكل الطلاب في احتجاج قرب الجامعة الأردنية، سلسلة بشرية ورفعوا لافتات تندد بالشاحنات التي تحمل البضائع "في زمن المجازر"، وصمت الدول العربية عن كسر الحصار على غزة، حيث يواجه السكان الجوع الكارثي.

وأيضا أطلق الأردنيون حملة عبر الإنترنت تحت وسم "الجسر البري الأردني إلى غزة"، مطالبين الحكومة بإرسال مساعدات إنسانية إلى القطاع المحاصر.

ونقل الموقع عن حمزة خضر، عضو حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS) في الأردن، قوله: "نقف اليوم لنغلق الطريق البري الذي ينقذ العدو الصهيوني من حصار المقاومة في البحر الأحمر، والذي عاد إلى السيادة العربية بأيدٍ عربية".

وأضاف: "نطالب بمنع تجار الخضار الأردنيين من تصدير الخضار إلى إسرائيل لإنقاذ اقتصادها الذي دمرته المقاومة وصمود أهل غزة".

الأردن ينفي وجود الجسر البري إلى إسرائيل

وأشار الموقع في تقريره إلى نفي رئيس الوزراء الأردني إضافة إلى وزارة النقل والصناعة والتجارة، لهذه التقارير التي تم وصفها بالأكاذيب، إضافة إلى اتهام رئيس نقابة أصحاب الشاحنات الأردنية، محمد الداود، إسرائيل ببث ما قال بأنه دعاية لتقويض الموقف الأردني القوي الرسمي والشعبي في دعم غزة، وتأكيده بأن جميع سائقي الشاحنات مع القضية الفلسطينية وفي خندق واحد مع أهل الضفة الغربية وغزة، ولن يكونوا ناقلين لإسرائيل ولن يدعموا الاحتلال بمساعدة إسرائيل.

لكن موقع "ميدل إيست آي"، لفت إلى الصور التي تم نشرها على وسائل التواصل الاجتماعي الإسرائيلية، والتي تُظهر خضروات ذات أصل أردني في الأسواق الإسرائيلية، وتحمل ملصقات لشركة أردنية تقع في العاصمة عمان ومنطقة الحدود في وادي الأردن، وأكد بأنه حاول الاتصال بالطرف الذي يظهر اسمه على الملصقات ولكنه لم يتلق ردا.

وفي أول تأكيد على وجود تصدير من الأردن إلى إسرائيل رغم أنه ينزع عنه الصفة الرسمية ويحيله إلى السماسرة، تحدث سليمان الهياري، رئيس الجمعية التعاونية الموحدة لمصدري المنتجات الزراعية الأردنية، إلى "ميدل إيست آي" قائلا: "أولئك الذين يصدرون إلى المحتلين هم سماسرة لا علاقة لهم بالجمعية التي ترفض هذا الأمر، هؤلاء هم الوسطاء الذين يشترون بضائع الفلاحين من السوق، ولا يعرف الفلاح أين يبيع هذا الوسيط بضائعه لاحقا".

ووفق الموقع فقد هاجم وزير الزراعة خالد الحنيفات، تجار الخضار الأردنيين الذين يصدرون منتجاتهم إلى إسرائيل قائلا: "لا توجد آلية قانونية تمنع تجار الخضار من التصدير إلى إسرائيل، لكن نقول لهم، 'في ظل هذه الظروف، عار عليكم'".

ولفت الموقع إلى ما أعلنته وزارة الزراعة الأردنية عن أن إجمالي صادرات الأردن من الخضار إلى إسرائيل يبلغ 1300 طن شهريا من إجمالي 12,500 طن من صادراتها من الخضار، مشيرا إلى محاولته الاتصال بالمتحدث باسم الحكومة الأردنية، مهند المبيضين، للتعليق، لكنه لم يتلق الرد.

مشروع الممر البري إلى إسرائيل مخطط له مسبقا

وبالرغم من ذلك فقد تحدثت العديد من التقارير عن مشروع الممر البري إلى إسرائيل مرورا بالبلدان العربية، ففي وقت سابق من العام الماضي، نقل موقع المونيتور عن مسؤول في وزارة الخارجية الإسرائيلية، تأكيده أن العمل قد بدأ في مشروع الممر التجاري الذي يربط إسرائيل بالمملكة العربية السعودية، وأنه سيعمل حتى لو لم يتم تطبيع العلاقات الدبلوماسية بينهما رسميا.

وفي تموز/ يوليو العام الماضي، ذكر موقع Ynet، بأن إسرائيل والولايات المتحدة تعملان على خطة لإنشاء جسر بري تجاري مستمر يربط الأردن وإسرائيل والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، ويؤدي من الخليج العربي مباشرة إلى الموانئ البحرية الإسرائيلية.

وبحسب الموقع ذاته فقد أكد حينها المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية ليئور حيات، أن الحكومة تعمل على المشروع الذي سيبدأ في الإمارات ويمر عبر السعودية وينتهي في موانئ إسرائيل البحرية، ومن المخطط أن تتوسع لاحقا إلى البحرين وعمان.

وبدورها كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العام الماضي، عن خطة سرية تعمل عليها إسرائيل والولايات المتحدة لإنشاء جسر بري تجاري يربط بين الإمارات العربية المتحدة، السعودية، الأردن، وإسرائيل، وسيتم تنفيذ هذا الجسر البري لنقل البضائع من دبي إلى الموانئ الإسرائيلية في حيفا، مما يقلل بشكل كبير من تكاليف النقل ووقت الشحن.