كشفت دراسة جديدة أجريت على الفئران أن الدماغ يقوم بإنشاء نسخ متعددة من الذكريات ، وهو ما يمكن أن يساعده في تنظيم كيفية تغيرها بمرور الوقت.
وفقا للبحث، الذي نُشر في 16 أغسطس في مجلة Science، يخزن الدماغ ثلاث نسخ على الأقل من أي ذاكرة معينة. يتم تشفير هذه النسخ بواسطة مجموعات مختلفة من الخلايا العصبية في الحُصين وهي منطقة في الدماغ مسؤولة عن التعلم والذاكرة.
تطور الذاكرة
تتطور الذكريات على مدار حياتنا، حيث تتغير مع تعلمنا وتجاربنا الجديدة، ومع استدعائنا المتكرر للذكريات، ومع تقدمنا في العمر، تبدأ الذكريات بالتلاشي.
في السابق، كان العلماء يعتقدون أن هذا التغيير ناتج عن التحولات التي تحدث في الخلايا العصبية التي خزنت الذكريات الأصلية، وأن كل خلية عصبية كانت تخزن نسخة واحدة فقط من كل ذاكرة، لكن الدراسة الجديدة تشير إلى أن الأمر ليس كذلك، حيث يخزن الدماغ نسخا متعددة من كل ذاكرة في مناطق مختلفة.
كيف يخزن الدماغ الذكريات؟
أظهرت الدراسة أن هذه النسخ يتم تشفيرها بواسطة مجموعات مختلفة من الخلايا العصبية في الحُصين، وتختلف هذه النسخ في توقيت إنشائها ومدى قوتها واستمراريتها.
عندما يقوم الدماغ بتشفير ذكريات جديدة، يتم إنشاء الخلايا العصبية المبكرة، وهي مسؤولة عن تخزين نسخة طويلة الأمد من الذاكرة. تكون هذه النسخة ضعيفة في البداية ولكنها تقوى مع مرور الوقت.
تليها الخلايا العصبية "الوسطى"، التي تكون مستقرة نسبيا منذ البداية، ثم تأتي الخلايا العصبية "المتأخرة" التي تشفر نسخًا قوية من الذاكرة من البداية، لكنها تتلاشى بمرور الوقت.
إمكانيات علاجية مستقبلية
قال فلافيو دوناتو الأستاذ المساعد في علم الأعصاب بجامعة بازل في سويسرا وأحد مؤلفي الدراسة، إنه إذا تبين أن هذه الظاهرة تحدث لدى البشر أيضا، فقد تؤدي إلى تطوير علاجات جديدة لأمراض معينة مثل اضطراب ما بعد الصدمة أو فقدان الذاكرة الناتج عن الخرف.
على سبيل المثال، قد يتم تطوير عقاقير تستهدف الخلايا العصبية المتأخرة التي تكون أكثر مرونة، مما يجعل الذكريات أكثر استجابة للعلاج النفسي. وفي حالات فقدان الذاكرة، قد يتم تصميم عقاقير لتحفيز الخلايا العصبية المبكرة التي تخزن الذكريات بشكل أكثر صلابة.
يقول دوناتو: "أشعر أن لدينا الآن نقاط دخول بيولوجية تمكننا من تعديل مرونة الذاكرة بطريقة تسمح لنا بالحفاظ عليها أو إعادة كتابتها".