دراسة تكشف عن دور الطب الشخصي في معالجة التهاب الدماغ المناعي الذاتي الذي يحاكي أعراض الفصام

مرض التهاب الدماغ المناعي الذاتي مرض التهاب الدماغ المناعي الذاتي

كشف البحث حول مرض التهاب الدماغ المناعي الذاتي المضاد لمستقبلات "NMDAR" عن أهمية الطب الشخصي في علاج هذا المرض المناعي الذاتي الذي يحاكي أعراض مرض الفصام. تمثل هذه الدراسة تقدماً مهماً في فهم كيفية تأثير الأجسام المضادة على مستقبلات الدماغ لدى مرضى التهاب الدماغ المناعي الذاتي ، وهو مرض نادر غالباً ما يُشخص خطأً على أنه فصام.

التشخيص المفاجئ لـ "سوزانا كاهالان"

تخيل أن تستيقظ في مستشفى دون أن تتذكر أحداث الشهر الماضي، ويخبرك الأطباء أنك مررت بنوبات عنف وهلاوس، حتى أنك بدأت تعتقد أنك تعاني من اضطراب ثنائي القطب، ثم تأتي نتائج اختبار محدد لتكشف عن التشخيص الحقيقي: التهاب الدماغ المناعي الذاتي المضاد لمستقبلات "NMDAR". هذا هو ما مرت به "سوزانا كاهالان"، صحفية في "نيويورك بوست"، والتي وثقت تجربتها في مذكراتها الشهيرة "الدماغ في حالة التهاب: شهري من الجنون".

يشير البروفيسور "هيرو فوروكاوا" من مختبر "كولد سبرينغ هاربور" إلى أن هذا المرض يمكن أن يسبب هلاوس، وفقدان للذاكرة، واضطرابات نفسية، ويصيب غالباً النساء في الفئة العمرية 25-35 عامًا، وهي نفس الفترة العمرية التي يظهر فيها مرض الفصام عادةً. لكن الفرق هنا يكمن في الآلية.

الأجسام المضادة وتأثيرها على مستقبلات NMDAR

يقوم مختبر "فوروكاوا" بدراسة مرض التهاب الدماغ المناعي الذاتي المضاد لمستقبلات "NMDAR" بالتعاون مع فريق البروفيسور "كريستيان جيس" من جامعة "يينا" ومركز "SYNABS" للأبحاث في ألمانيا. ويُظهر البحث كيف ترتبط الأجسام المضادة من مريض بشري بمستقبلات "NMDAR" في دماغ فأر، ما يؤدي إلى الالتهاب الدماغي. يتم قياس تأثير الأجسام المضادة على الذاكرة من خلال نظام تعاون فيه "فوروكاوا" وزملاؤه مع معهد "ماكس بلانك" لعلوم الأعصاب في فلوريدا.

رؤى جديدة حول التهاب الدماغ المناعي الذاتي المضاد لمستقبلات NMDAR

يوضح البروفيسور "فوروكاوا"، الخبير في مستقبلات "NMDAR"، أن هذه المستقبلات تلعب دوراً أساسياً في الذاكرة والإدراك. وفي حالات هذا المرض، تهاجم الأجسام المضادة المستقبلات وتمنعها من أداء وظيفتها، ما يؤدي إلى حدوث التهابات دماغية، ومن هنا جاء وصف "الدماغ في حالة التهاب".

تشير الأبحاث الجديدة إلى أن فعالية العلاجات قد تختلف بناءً على شدة الأعراض. ويعتبر هذا الاكتشاف خطوة هامة نحو فهم أعمق للمرض الذي تم تشخيصه لأول مرة في عام 2008، مما يعزز أهمية الطب الشخصي في علاجه.

نمط ارتباط الأجسام المضادة ومستقبلات NMDAR

يظهر الفحص المجهري الإلكتروني أنماطاً فريدة لارتباط الأجسام المضادة بمستقبلات "NMDAR"، وهو ما يوفر رؤية دقيقة حول كيفية اختلاف الارتباط بين المرضى وتأثيراته على الأنشطة العصبية. يقول "فوروكاوا" إن تحديد هذه الأنماط قد يساعد على تطوير استراتيجيات علاجية أكثر دقة، بحيث يتم تصميم أدوية تستهدف مواقع محددة على المستقبلات بناءً على النمط الفردي للأجسام المضادة لكل مريض.

الآثار المترتبة على التشخيص والابتكار العلاجي

يضيف "فوروكاوا": "الارتباطات المختلفة تعبر عن مستويات مختلفة من التنظيم الوظيفي في المستقبلات العصبية، مما يفسر تنوع الأعراض بين المرضى". وقد يساعد اكتشاف تلك الاختلافات في توجيه الطب نحو نهج أكثر دقة في تشخيص المرضى ومعالجتهم, على سبيل المثال، إذا استطاع العلماء تحديد عدة مواقع شائعة للارتباط لدى المرضى، يمكن حينها للصيادلة تصميم أدوية تستهدف تلك المواقع.

علاوة على ذلك، يمكن للطب الشخصي أن يسهم في تقديم تشخيصات أكثر دقة، حيث يمكن للأطباء التحقق مما إذا كان بعض مرضى الفصام قد يكونون مصابين فعلياً بهذا المرض المناعي.

تداعيات أوسع على الطب النفسي

يُعتقد حالياً أن المرض يصيب شخصاً واحداً من بين كل 1.5 مليون. ومع ذلك، قد يكون المرض أكثر شيوعاً مما كان يُعتقد سابقاً، مما قد يفسر عدم فعالية بعض العلاجات النفسية للمرضى الذين تم تشخيصهم باضطراب ثنائي القطب وحالات أخرى من الاضطرابات النفسية، وهو اكتشاف يمكن أن يحمل أملاً للمرضى وعائلاتهم ومقدمي الرعاية لهم.