تقنية الذكر السام: ثورة في مكافحة الأمراض باستخدام الحشرات المعدلة وراثياً

تقنية الذكر السام

حل جديد لمكافحة الأمراض

ابتكر الباحثون تقنية جديدة تُعرف بـ"تقنية الذكر السام" (Toxic Male Technique)، تهدف إلى تقليل عمر الإناث من الحشرات الناقلة للأمراض عبر ذكور معدلة وراثياً، تُعد هذه الطريقة بديلاً مستداماً وفعّالاً للمبيدات الكيميائية، وتوفر وسيلة أسرع للحد من انتشار أمراض قاتلة مثل الملاريا وزيكا.

آلية عمل "تقنية الذكر السام"

تعمل التقنية من خلال تعديل ذكور الحشرات وراثياً لتنتج بروتينات سامة تُنقل إلى الإناث أثناء التزاوج، هذه البروتينات تؤدي إلى تقصير عمر الإناث بشكل كبير، مما يقلل من قدرتها على نقل الأمراض. نُشرت تفاصيل هذه الطريقة الثورية اليوم (7 يناير 2025) في مجلة Nature Communications بواسطة فريق من جامعة ماكواري ومركز التميز في البيولوجيا التركيبية.

التأثير العالمي على الصحة والزراعة

تشكل الحشرات الناقلة للأمراض، مثل البعوض، تهديداً كبيراً للصحة العامة والزراعة، حيث تسبب مئات الآلاف من الوفيات وملايين الإصابات سنوياً، فضلاً عن خسائر بمليارات الدولارات في المحاصيل والرعاية الصحية.

في بعوض مثل Aedes aegypti وAnopheles gambiae، تكون الإناث فقط هي التي تلدغ وتنقل أمراضاً مثل الملاريا، حمى الضنك، زيكا، والحمى الصفراء.

في ظل تراجع فعالية المبيدات الكيميائية بسبب مقاومة الحشرات لها وتأثيرها السلبي على البيئة، ظهرت التقنيات البيولوجية كبديل واعد.

مزايا "تقنية الذكر السام" مقارنة بالطرق الأخرى

تعتمد التقنيات الحالية مثل تقنية الحشرات العقيمة (SIT) أو الجينات القاتلة (RIDL) على إطلاق أعداد كبيرة من الذكور العقيمة أو المعدلة وراثياً للتزاوج مع الإناث البرية.

لكن هذه الطرق تستغرق وقتاً طويلاً لتقليل أعداد الإناث الناقلة للأمراض، إذ تستمر الإناث المزاوجة في لدغ البشر ونقل الأمراض حتى تموت طبيعياً.

بالمقابل، تعمل تقنية الذكر السام مباشرة على تقليل أعداد الإناث الناقلة من خلال تقصير عمرها بشكل فوري، مما يحقق استجابة أسرع للحد من انتقال الأمراض.

نتائج واعدة في الاختبارات المخبرية

في التجارب المخبرية التي أُجريت باستخدام ذباب الفاكهة (Drosophila melanogaster)، تبين أن الإناث التي تزاوجت مع ذكور معدلة وراثياً بتقنية TMT عاشت أعماراً أقصر بنسبة تتراوح بين 37-64% مقارنة بالإناث التي تزاوجت مع ذكور غير معدلة.

توقعت النماذج الحاسوبية أن تطبيق التقنية على بعوض Aedes aegypti قد يؤدي إلى تقليل معدلات لدغ الدم بنسبة 40-60% مقارنة بالطرق التقليدية.

السلامة البيئية والاختبارات المستقبلية

أكد الباحثون أن السلامة البيئية هي أولوية في تطوير هذه التقنية. البروتينات السامة المستخدمة في الذكر السام مختارة بعناية بحيث تستهدف فقط الحشرات اللافقارية، مما يجعلها غير سامة للثدييات. كما أن احتمالية تأثيرها على الحشرات المفيدة ضئيلة للغاية.

ومع ذلك، يشدد الباحثون على الحاجة إلى إجراء اختبارات سلامة شاملة على البعوض لضمان عدم وجود أي تأثيرات جانبية على البشر أو الكائنات غير المستهدفة.

التأثير المستقبلي على إدارة الآفات

يقول الباحثون إن "تقنية الذكر السام" قد تُحدث تحولاً كبيراً في كيفية إدارة الآفات، حيث تقدم حلاً مستداماً وصديقاً للبيئة.

يضيف البروفيسور المشارك ماسيلكو: "هذه التقنية تقدم أملاً لمجتمعات أكثر صحة ومستقبل أكثر استدامة."