جينوم المتة يكشف فوائدها المذهلة وسر قوتها كمشروب منشط طبيعي

تُعد  المتة إلى جانب الشاي والقهوة، واحدة من أكثر المشروبات المنشطة شعبية حول العالم، ويستهلكها الملايين في أمريكا الجنوبية، بالإضافة إلى انتشارها الواسع في سوريا ولبنان وبعض مناطق الأردن، تتميز هذه النبتة بغناها بالمركبات البيولوجية النشطة التي تساهم في العديد من الفوائد الصحية، مما يجعلها مشروبا مفضلا لكثيرين.

إنتاج المتة وانتشارها عالمياً

يُزرع هذا النوع النباتي، المعروف علمياً باسم البهشية البراغوانية (Ilex paraguariensis), في حوالي 300 ألف هكتار من الأراضي الزراعية، حيث تستحوذ الأرجنتين على 80% من الإنتاج العالمي، وتلعب زراعتها دوراً رئيسياً في اقتصاد المنطقة، نظراً للطلب المتزايد عليها محلياً وعالمياً.

الفوائد الصحية للمتة

أظهرت العديد من الدراسات أن مشروب المتة يتمتع بفوائد صحية عديدة، أبرزها:

مضاد قوي للأكسدة: يحارب الجذور الحرة، مما يساعد في الوقاية من الأمراض المزمنة.

منظم لمستوى السكر في الدم: يساهم في تقليل خطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني.

منشط للجهاز العصبي المركزي: يساعد على زيادة التركيز والانتباه بفضل احتوائه على الكافيين.

تحفيز عملية التمثيل الغذائي: مما يساهم في دعم فقدان الوزن.

السر وراء قوة المتة: دراسة الجينوم

على الرغم من أن خصائص المتة المنشطة تُعزى غالبا إلى محتوى الكافيين، فإن الآليات الجينية والبيوكيميائية التي تمكّن هذه النبتة من تصنيع الكافيين ومركباتها النشطة الأخرى لم تكن مفهومة بالكامل حتى وقت قريب.

كشف فريق بحثي بقيادة الدكتور فديريكو فينالي من مختبر البيولوجيا الجزيئية الأوروبي أن أسلاف المتة ضاعفت جينومها منذ نحو 50 مليون سنة، وأدى هذا التضاعف إلى تطور تعقيدها الأيضي، مما مكّنها من تصنيع مجموعة واسعة من المركبات النشطة، مثل:

التربين

الفلافونويدات

الفينولات

الزانثينات

تُعرف هذه المركبات بخصائصها القوية كمضادات أكسدة، ومضادات للسكري، ومنشطات للجهاز العصبي، مما يجعل المتة مشروباً فريداً بخصائص صحية متميزة.

جينوم المتة: خريطة وراثية دقيقة

تمكّن العلماء من تحديد أن جينوم المتة يبلغ طوله الإجمالي 1.06 مليار قاعدة جينية، ويحتوي على 53390 جينا مشفرا للبروتينات، كما نجحوا في فك شفرة الجينات والمسارات البيوكيميائية المسؤولة عن تصنيع الكافيين في هذه النبتة.

الكافيين في المتة والقهوة: تطور مستقل لنفس المركب

أوضح الباحثون أن الكافيين يُنتج في أنواع نباتية متعددة مثل المتة والقهوة عبر مسارات أيضية متشابهة، ومع ذلك اكتشف العلماء أن الجينات المسؤولة عن تصنيع الكافيين تطورت بشكل مستقل في كلا النباتين، وهو ما يُعرف بالتطور المتقارب (Convergent Evolution).

يقول الدكتور أدريان تورجانسكي من جامعة بوينس آيرس:

 "لقد فهمنا بشكل دقيق أن الجينات المسؤولة عن تصنيع الكافيين لا تمتلك سلفا مشتركا، بل نشأت من أصول منفصلة.د،وهذا يعني أن المتة والقهوة تطورتا بشكل مستقل للوصول إلى القدرة على إنتاج الكافيين."

لماذا تطورت المتة والقهوة لإنتاج الكافيين؟

يُعتقد أن تصنيع الكافيين قد يكون جزءا من آلية دفاعية للنباتات، حيث يساعد في:

حماية النبات من الحشرات والآفات

تحفيز نمو الجذور والبذور

جذب الملقحات مثل النحل

تكشف دراسة جينوم المتة عن أسرار مذهلة حول آليات تطورها وقدرتها على تصنيع مركباتها الحيوية، مما يعزز من مكانتها كمشروب غني بالفوائد الصحية، ويؤكد هذا الاكتشاف أن الطبيعة تحمل في طياتها العديد من الأسرار التي لا تزال في انتظار الكشف عنها، مما يفتح المجال أمام مزيد من الأبحاث حول تأثير هذه المركبات على صحة الإنسان.