زيادة كبيرة في ميزانية الدفاع الصينية
أعلنت الصين في الخامس من مارس 2025، عن زيادة بنسبة 7.2% في ميزانيتها الدفاعية لهذا العام، لترتفع إلى نحو 245 مليار دولار. وجاء هذا الإعلان عقب الجلسة الأولى للاجتماع السنوي لمجلس الشعب الوطني، وفقا لما نقلته وكالة "أسوشيتد برس"، وتعكس هذه الخطوة التزام بكين بتعزيز قدراتها العسكرية في ظل تصاعد التوترات مع الولايات المتحدة وقوى إقليمية أخرى.
ورغم أن الرقم الرسمي يعد مرتفعا فإن وزارة الدفاع الأمريكية تقدر أن الإنفاق العسكري الفعلي للصين قد يكون أعلى بنسبة 40% على الأقل، بسبب نفقات إضافية تُدرج تحت بنود ميزانية أخرى، وتؤكد بكين أن هذه الزيادة تهدف إلى تحسين التدريب العسكري، وصيانة المعدات، وتحسين ظروف المعيشة لنحو مليوني جندي في جيش التحرير الشعبي. إلا أن المحللين يشيرون إلى أن الإنفاق يتركز بشكل رئيسي على توسيع القوات البحرية، وتعزيز الوحدات الاستراتيجية، ودعم القوات البرية، خصوصا في ظل تصاعد التوترات مع الولايات المتحدة وأستراليا ودول مجاورة.
تعزيز الوجود العسكري في بحر الصين الجنوبي وتايوان
في السنوات الأخيرة، كثفت الصين وجودها العسكري في بحر الصين الجنوبي، حيث تؤكد مطالبها الإقليمية رغم المعارضة الإقليمية والدولية، كما نفذت سلسلة من المناورات العسكرية واسعة النطاق، شملت القوات الصاروخية والبحرية والجوية حول تايوان، في محاولة لتأكيد استعدادها العسكري ضد الجزيرة، التي تعتبرها جزءا لا يتجزأ من أراضيها.
ومن بين هذه المناورات، برزت مناورات "السيف المشترك 2024B"، والتي استعرضت قدرة الصين على تطويق وعزل تايوان في حال نشوب صراع، وتأتي هذه التحركات في ظل تصاعد المواجهات الدبلوماسية والعسكرية بين الصين وحلفاء تايوان، وعلى رأسهم الولايات المتحدة.
تحديث شامل للقوة النووية الصينية
بالتوازي مع هذه التحركات، تعمل الصين على تحديث قدراتها النووية بشكل مكثف، في إطار سعيها لتحقيق "جيش عالمي المستوى" بحلول منتصف القرن، وفق الرؤية الاستراتيجية للحزب الشيوعي الحاكم، يشمل هذا التحديث جميع مكونات الثالوث النووي، حيث يتم تطوير صواريخ DF-5 الباليستية العابرة للقارات القادرة على حمل رؤوس نووية متعددة، إلى جانب إنتاج غواصات صاروخية جديدة وقاذفات شبحية استراتيجية.
كما عززت الصين قوتها الجوية الاستراتيجية بإدخال قاذفة H-6N، التي تتميز بقدرتها على إعادة التزود بالوقود جوا وإطلاق صواريخ باليستية جو-أرض، وقد تم الكشف عنها في العرض العسكري الوطني عام 2019، مما يمثل نقلة نوعية في قدرات الصين على توجيه ضربات بعيدة المدى.
توسع سريع في قدرات الصواريخ الاستراتيجية
تشهد الصين نموا سريعا في قواتها الصاروخية الاستراتيجية، حيث قامت بتشييد نحو 300 صومعة صواريخ لطراز DF-31 وDF-41 الباليستية العابرة للقارات، كما يتم تعزيز الوحدات الصاروخية المتنقلة بصواريخ DF-26، القادرة على حمل رؤوس نووية وتقليدية بمدى يصل إلى 5,000 كيلومتر، مع تحسين دقة الاستهداف لتصل إلى 100 متر فقط.
وعلى المستوى البحري، أدخلت الصين غواصتين نوويتين جديدتين من طراز Type 094، مما يعزز قدرتها على دوريات الردع النووي في المياه المفتوحة، وتعد هذه الغواصات مسلحة بصواريخ JL-3 الباليستية، التي تتميز بمدى أطول ودقة أعلى، ما يعزز قدرة الردع النووي الصيني من البحر، وتشير تقديرات الاستخبارات إلى أن الترسانة النووية الصينية قد تتجاوز 1,000 رأس نووي بحلول عام 2030، مع التركيز على توسيع ترسانة الصواريخ الباليستية العابرة للقارات القادرة على الوصول إلى الولايات المتحدة.
تطوير أسلحة نووية تكتيكية لتعزيز المرونة العسكرية
إلى جانب توسيع ترسانتها النووية التقليدية، تعمل الصين على تطوير رؤوس نووية منخفضة القدرة، لتوفير خيارات أكثر مرونة في الاستجابة لأي تهديد محتمل، وتستند هذه الاستنتاجات إلى تحليلات عسكرية، ودراسات خبراء الدفاع، والتوجيهات الاستراتيجية التي أصدرها الرئيس الصيني شي جين بينغ.
دلالات التصعيد العسكري وأبعاده الاستراتيجية
في ظل التنافس الجيوسياسي المتصاعد، تعكس الزيادة الأخيرة في ميزانية الدفاع الصينية رغبة بكين في مواصلة تحديث جيشها وتعزيز قدراته القتالية. وبينما تؤكد الصين أن نهجها العسكري ذو طبيعة دفاعية، فإن حجم ونطاق هذه التطورات يثيران قلقا متزايدا لدى الولايات المتحدة وحلفائها، خاصة مع اتساع الفجوة العسكرية بين بكين وخصومها الإقليميين.
ومع استمرار السباق العسكري في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، يبقى السؤال مفتوحًا: هل ستؤدي هذه التوسعات إلى استقرار استراتيجي أم إلى تصعيد جديد في الصراع الدولي؟