كيف يحتفظ نبات الأغاف بالماء لمقاومة الجفاف؟
يُعرف نبات الأغاف باستخدامه في صناعة التكيلا، لكنه أيضا من أكثر النباتات كفاءة في تخزين الماء، مما يسمح له بالازدهار في البيئات القاحلة، كشفت دراسة حديثة باستخدام تقنية التحليل الطيفي بتيراهيرتز، عن كيفية احتفاظ الأغاف بالماء داخل بنيته الورقية المتخصصة، حيث تعمل مركبات الفركتان كمخازن جزيئية للرطوبة، مما يعزز من مقاومته للجفاف.
ثورة علمية في الزراعة الذكية وحفظ الأغذية
يعد هذا الاكتشاف قفزة علمية مهمة في مجال الزراعة الذكية، حيث يمكن أن يسهم في تطوير محاصيل أقل استهلاكا للمياه، ما ينعكس إيجابيا على إنتاج الغذاء والأمن الغذائي العالمي، كما أن الخصائص الفريدة للفركتان في الاحتفاظ بالرطوبة يمكن أن تستخدم في صناعة مواد حافظة طبيعية للأغذية، مما يساعد على تحسين قوامها وإطالة مدة صلاحيتها.
فك شفرة تخزين الماء لدى نبات الأغاف
في دراسة أجراها باحثون من مركز الأبحاث البصرية في المكسيك (CIO)، تم استخدام التحليل الطيفي بتيراهيرتز لدراسة كيفية تكيّف نبات الأغاف مع البيئات الجافة، تقول الباحثة مونيكا أورتيز مارتينيز:
"فهم كيفية تكيّف النباتات مع الجفاف يمكن أن يساعد في تطوير تقنيات زراعية أكثر كفاءة، مما يؤدي إلى زيادة إنتاج المحاصيل مع استهلاك أقل للمياه."
كيف يحتفظ نبات الأغاف بالماء؟
أظهرت الدراسة أن أوراق الأغاف تحتوي على نواة داخلية تحافظ على نسبة عالية من الماء، في حين يعمل الغلاف الخارجي كحاجز واقٍ يقلل من فقدان الرطوبة.
موجات تيراهيرتز: أداة ثورية لتحليل رطوبة النباتات
تركزت الدراسة على موجات تيراهيرتز، التي تقع بين موجات الميكروويف والأشعة تحت الحمراء في الطيف الكهرومغناطيسي، ونظرا لأن الماء يمتص إشعاع تيراهيرتز بقوة، فقد استخدم الباحثون هذه التقنية لقياس مستويات الترطيب في أنسجة النباتات، ورسم خرائط توزيع المياه داخل الأوراق، وتحليل دور مركبات الفركتان في تخزين الرطوبة على المستوى الجزيئي.
أكد الباحث إنريكي كاسترو-كاموس أن نتائج الدراسة قد تُحدث ثورة في صناعة الأغذية، حيث يمكن استخدام الفركتان كمادة حافظة طبيعية تحافظ على نسيج ورطوبة الأطعمة المجففة والمُعالجة، مما يقلل الحاجة إلى المواد الحافظة الاصطناعية.
الجمع بين علم الأحياء وعلوم الغذاء
بدأ البحث كمشروع مشترك بين مجموعة علوم تيراهيرتز التطبيقية (CIO) ومركز البحوث المتقدمة (CINVESTAV) لدراسة توزيع الماء في أوراق الأغاف، كما تعاون الباحثون مع مركز أبحاث التكنولوجيا والتصميم في ولاية خاليسكو (CIATEJ) لدراسة تأثير الفركتان على حفظ الأطعمة المجمدة.
أظهرت النتائج أن الفركتان له بنية كيميائية متفرعة تشكل نوعًا من الإسفنج المسامي، مما يسمح بالاحتفاظ بجزيئات الماء حتى في درجات الحرارة المرتفعة.
آفاق جديدة لدراسة مقاومة النباتات للجفاف
يعتزم الباحثون توسيع نطاق أبحاثهم لاختبار تقنية تيراهيرتز على أنواع نباتية أخرى مقاومة للجفاف، مع التركيز على المحاصيل الأساسية للأمن الغذائي العالمي.
كما يهدفون إلى تطوير نظام محمول بتكلفة منخفضة يعتمد على هذه التقنية، ليستخدم في الحقول الزراعية والصوب الزجاجية لمراقبة مستوى ترطيب النباتات في الوقت الفعلي، مما يسهل التنبؤ بمؤشرات الجفاف وتحسين استراتيجيات الري.
نحو زراعة أكثر استدامة
تشير الدراسة إلى أن تحقيق نتائج ذات تأثير اقتصادي واجتماعي يتطلب تعاونا وثيقا بين خبراء البصريات، فيزيولوجيا النباتات، وعلوم الغذاء.
يقول الباحث كاسترو-كاموس:
"من خلال تطوير تقنيات غير جراحية لمراقبة النباتات، نضع الأساس لممارسات زراعية أكثر ذكاءً واستدامة، مما يفيد المزارعين والمستهلكين على حد سواء، ويساعد في الحفاظ على الموارد الطبيعية للأجيال القادمة."