منذ أن تمكن العلماء من رسم خريطة الجينوم البشري عام 2003، أصبح من الواضح أن العوامل الوراثية تساهم بشكل كبير في تحديد المخاطر المرضية، ومن خلال الدراسات الجديدة تبين أن الجينات ليست هي المسؤول الوحيد عن الأمراض المزمنة بل تفاعل الجينات مع البيئة عن طريق نمط الحياة والنظام الغذائي وممارسة الرياضة هي ما يحدد الإصابة بالأمراض المزمنة، فالعوامل البيئية تلعب دورا كبيرا في تحديد الإصابة بالأمراض.
فهم التفاعل بين الجينات والبيئة
لكل مرض معقد عوامل خطر وراثية وبيئية وإن معظم الباحثين يدرسون هذه العوامل بشكل منفصل بسبب التحديات التقنية ونقص البيانات الشاملة، أما في بحثنا الأخير طورنا أدوات لتحليل مجموعات البيانات الجديدة لفهم التأثير المشترك للعوامل الوراثية والبيئية على الأمراض.
ففي عام 2001 اكتشف باحثون أن فعالية الأسبرين في الوقاية من سرطان القولون تعتمد على جينات المريض، فالمرضى الذين لديهم أيض بطيء للأسبرين استفادوا من تأثيره الوقائي، وهذا يوضح كيف يمكن أن يؤثر التفاعل بين الجينات والبيئة على فعالية العلاج.
أنواع التفاعلات بين الجينات والبيئة
و من خلال تحليل بيانات بنك المملكة المتحدة الحيوي UK Biobank، الذي يحتوي على معلومات صحية ووراثية لنصف مليون شخص تم تحديد ثلاثة أنواع رئيسية من التفاعلات وهي:
1. تأثيرات جينية مختلفة باختلاف البيئة: مثل تأثير التدخين على العلاقة بين الجينات وعدد خلايا الدم البيضاء.
2. تغير في قابلية التوريث: حيث تزداد أهمية العوامل الوراثية في بعض البيئات، على سبيل المثال تزداد أهمية الجينات في تحديد مؤشر كتلة الجسم مع زيادة النشاط البدني.
3. التضخيم المشترك: حيث تزداد التأثيرات الجينية والبيئية معا كما في حالة العلاقة بين مشاهدة التلفاز ونسبة الخصر إلى الورك.
إن هذه النتائج قد تقود إلى علاجات تشخيصية أكثر دقة قد تمكن الأطباء من تحديد أفضل استراتيجية وقائية لكل مريض بناء على تركيبته الجينية وبيئته، وإن دراسة التفاعل بين الجينات والبيئة لا تساعد فقط في فهم عوامل الخطر بل تساهم في الكشف عن الآليات البيولوجية الكامنة وراء الأمراض هذا الفهم العميق قد يفتح آفاقا جديدة للوقاية والعلاج الدقيق.