في 6 يونيو 2025، كشفت أوكرانيا النقاب عن منظومة صواريخ باليستية محلية الصنع قادرة على استهداف مواقع على بعد 300 كيلومتر بدقة عالية، يأتي هذا الإعلان في خضم تصاعد التوترات واستمرار الهجمات الروسية على الأراضي الأوكرانية، وقد أثبت الصاروخ فاعليته في اختبارات قتالية حقيقية بعد أن استهدف مركز قيادة روسي في مايو 2025، مما يمثل تحولا استراتيجيا في قدرات أوكرانيا العسكرية.
ووفقا لفالنتين بدراك مدير مركز دراسات الجيش والتحويل ونزع السلاح في أوكرانيا، فإن دخول الصاروخ مرحلة الإنتاج التسلسلي يؤكد عزم كييف على تعزيز استقلاليتها العسكرية وتشكيل ساحة المعركة وفقا لشروطها.
مواصفات الصاروخ الباليستي الأوكراني
يعتقد أن الصاروخ الجديد هو من طراز "غريم-2"، وهو نتاج برنامج صاروخي أوكراني أعيد إحياؤه بسبب الضرورات الحربية، تم تطويره بواسطة مكتب "يوجنوي" للتصميم وتصنيعه في مصنع "يوجماش" في دنيبرو.
ويتميز الصاروخ بمدى يصل إلى 300 كيلومتر ورأس حربي تقليدي يزن حتى 400 كيلوجرام، أي ما يعادل خمسة أضعاف بعض الصواريخ الغربية، ومنصة إطلاق متنقلة تتيح نشر الصاروخ بسرعة وإخفائه بسهولة.
وتعود جذور تطوير هذا النظام إلى الحقبة السوفيتية، حيث استندت التصاميم على أنظمة مثل "آر-12" و"آر-16". وقد توقف المشروع في السابق بسبب عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي، لكن الغزو الروسي لأوكرانيا في 2022 أعطى دفعة قوية لاستئناف العمل عليه.
تأثير الصاروخ الجديد على الاستراتيجية العسكرية
مقارنة بالترسانة الحالية لأوكرانيا التي تتمثل ب صواريخ "أتاكمس" الأمريكية و"ستورم شادو/سكالب" الأنجلو-فرنسية، يقدم صاروخ "غريم-2" مزايا كبيرة:
- عدم وجود قيود سياسية على استخدامه داخل الأراضي الروسية خلافا للأنظمة الغربية.
- قدرة تدميرية أعلى بسبب وزنه الثقيل مقارنة بالصواريخ الغربية.
- إنتاج محلي يضمن استقلالية أوكرانيا وعدم اعتمادها على الموافقات الغربية.
من الناحية الاستراتيجية يعزز هذا الصاروخ قدرة أوكرانيا على الردع، حيث يمكنها الآن استهداف العمق الروسي والمناطق المحتلة دون قيود، كما يقلل الاعتماد على الأسلحة الغربية التي غالبا ما تكون مشروطة بمخاوف التصعيد.
وإن إنتاج أوكرانيا لصاروخ باليستي متقدم يمثل أكثر من مجرد تطور تكنولوجي، بل إنه إعلان استراتيجي عن نيتها تعزيز سيادتها الدفاعية، مع قدرة إنتاج تتراوح بين 40 إلى 50 صاروخا شهريا، تتحول أوكرانيا من مستوردة للأسلحة إلى مصنعة لقدرات ردع استراتيجية، في حرب تتسم بعدم التكافؤ يمثل هذا التطور نقطة تحول تعطي كييف ميزة كبيرة في تحديد مسار الصراع.