تشير أحدث البيانات الصادرة عن الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة (IUCN) إلى وصول عدد الأنواع المصنفة ضمن الفئة الأكثر تهديدا بالانقراض (CR) إلى 10,443 نوعا، هذه الأرقام القياسية تمثل جرس إنذار للبشرية جمعاء، حيث تضم القائمة 5,877 نوعا نباتيا (59.7% من الإجمالي) و2,559 نوعا من الفقاريات (24.5%) و1,602 نوعا من اللافقاريات (15.3%).
النقاط الساخنة للتنوع البيولوجي تواجه أعلى معدل لانقراض الأنواع
وتتركز هذه الأنواع بشكل خاص في النقاط الساخنة للتنوع البيولوجي حول العالم، مع وجود تركيز كبير في جزر الكاريبي التي تحتوي على أعلى كثافة للأنواع المهددة، تليها مناطق جنوب شرق آسيا ومدغشقر التي تستضيف وحدها 670 نوعا مهددا، 98.7% منها متوطنة ولا توجد في أي مكان آخر على الكوكب، والأكثر إثارة للقلق أن 13.5% من هذه الأنواع قد انقرضت فعليا، بينما تشهد 55.7% منها انخفاضا مستمرا في أعدادها، مما يضعنا أمام سيناريو كارثي قد يؤدي إلى انهيار النظم البيئية.
أزمة انقراض الأنواع تشكل تهديد متسارع للتنوع البيولوجي العالميأزمة انقراض الأنواع تشكل تهديد متسارع للتنوع البيولوجي العالمي
تكشف التحليلات العلمية عن ثلاث فئات رئيسية من التهديدات التي تقف وراء هذه الأزمة البيئية غير المسبوقة، ويأتي في المقدمة تدمير الموائل الطبيعية بسبب الأنشطة البشرية، حيث تظهر البيانات أن 58.7% من النباتات المهددة تعاني من آثار التوسع الزراعي والتحضر، بينما يتأثر 33.7% منها بقطع الأشجار الجائر، والتهديد الثاني يتمثل في الغزو البيولوجي، حيث تؤثر الأنواع الدخيلة على 42.9% من الفقاريات المهددة خاصة في البيئات الجزرية الحساسة، أما التهديد الثالث الأكثر خطورة فهو التغير المناخي الذي يغير بشكل جذري ظروف عيش العديد من الأنواع، خاصة في المناطق الجافة حيث تتسارع وتيرة الانقراض، وفي البيئات البحرية يبرز الصيد الجائر كخطر رئيسي يهدد 72.1% من الأنواع المهددة.
والجدير بالذكر أن 40% من هذه الأنواع تحتاج إلى تدخلات عاجلة ومكثفة مثل برامج الإكثار في الأسر وإعادة التوطين، بينما يمكن إنقاذ 60% منها عبر حماية موائلها الطبيعية، لكن المفارقة الصادمة أن أقل من نصف هذه الأنواع لديها خطط حماية موثقة، مما يكشف عن فجوة هائلة في استجابة المجتمع الدولي لهذه الأزمة.
خطة عالمية عاجلة لمواجهة انقراض الأنواع
خطة عالمية عاجلة لمواجهة انقراض الأنواع
وفي مواجهة هذا التحدي الوجودي، يطرح الخبراء مجموعة متكاملة من الحلول العاجلة:
أولا يجب توسيع نطاق المناطق المحمية التي لا تغطي حاليا سوى 34% من الموائل الحرجة للأنواع المهددة، مع ضرورة تحسين إدارتها.
ثانيا يتطلب الأمر زيادة كبيرة في التمويل المخصص لحفظ التنوع البيولوجي، حيث تقدر التكلفة السنوية للحماية الفعالة بما بين 1-2 مليار دولار، وهو مبلغ ضئيل مقارنة بالخسائر الاقتصادية المتوقعة من انقراض هذه الأنواع.
ثالثا يجب تعزيز آليات التعاون الدولي عبر الحدود، خاصة لحماية الأنواع المهاجرة.
وتثبت دراسات الحالات الناجحة مثل تعافي حصان برزوالسكي (من الانقراض في البرية إلى التصنيف "المهدد") وثعلب الجزيرة (من "المهدد بشكل حرج" إلى "غير مهدد تقريبا")، وإن التدخلات البشرية الفعالة يمكن أن تعكس مسار الانقراض، كما يشدد الخبراء على ضرورة إشراك المجتمعات المحلية في جهود الحفظ، ووضع خطط عمل مخصصة لكل نوع، واعتماد أدوات تقييم جديدة مثل "مقياس الوضع الأخضر للأنواع" الذي طوره الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة لمتابعة عملية التعافي.
هذه الإجراءات مجتمعة تشكل خريطة طريق لا غنى عنها لتفادي كارثة انقراض جماعي قد تكون لها عواقب لا رجعة فيها على البشرية والنظم البيئية العالمية.