بعد زيارة ماكرون.. هل تساعد فرنسا لبنان أم تحاول إعادة احتلاله؟

أخبار لبنان

بعد زيارة ماكرون.. هل تساعد فرنسا لبنان أم تحاول إعادة احتلاله؟

8 آب 2020 15:23

رأت وكالة "أسوشيتيد برس" أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نسي على ما يبدو أن لبنان لم يعد محمية فرنسية، فأثناء زيارته للعاصمة اللبنانية بيروت، التي دمرها انفجار كارثي خلال الأسبوع السابق، أراح الزعيم الفرنسي الحشود الغاضبة ووعد بإعادة بناء المدينة مدعياً أن الانفجار قد أدمى قلب فرنسا.

رأت وكالة "أسوشيتيد برس" أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نسي على ما يبدو أن لبنان لم يعد محمية فرنسية، فأثناء زيارته للعاصمة اللبنانية بيروت، التي دمرها انفجار كارثي خلال الأسبوع السابق، أراح الزعيم الفرنسي الحشود الغاضبة ووعد بإعادة بناء المدينة مدعياً أن الانفجار قد أدمى قلب فرنسا.

وقال ماكرون مخاطبا الجماهير اللبنانية: " لن تترك فرنسا لبنان يرحل، فقلب الشعب الفرنسي لا يزال ينبض مع نبض بيروت".

وأضافت الوكالة أن منتقدي ماكرون نددوا بزيارته، ووصفوها بأنها محاولة استعمارية جديدة من قبل زعيم أوروبي يسعى لاستعادة السيطرة على أرض مضطربة في الشرق الأوسط، وذلك بصرف الانتباه عن المشاكل المتزايدة في الداخل. حيث وصفته إحدى منشورات التواصل الاجتماعي المتداولة على الإنترنت باسم ماكرون بونابرت، إمبراطور القرن الحادي والعشرين، وذلك كناية عن المستعمر الشهير والزعيم الفرنسي السابق نابليون بونابرت.

لكن حسب وكالة أسوشيتيد برس، من جانب آخر وصف مناصري ماكرون بما في ذلك سكان بيروت اليائسين بأن ماكرون " الأمل الوحيد"، وأشادوا بزيارته للأحياء المدمرة التي يخشى القادة اللبنانيين أن يدخلوها، بالإضافة إلى محاولته محاسبة السياسيين اللبنانيين على الفساد وسوء الإدارة و إلقاءه باللوم عليهم في الانفجار المميت.

الجدير بالذكر أن زيارة مكرون هذه قد كشفت عن التحدي المركزي الذي تواجهه فرنسا في الوقت الذي تستعد فيه لاستضافة مؤتمر دولي للمانحين من أجل لبنان يوم غد الأحد، وهو كيفية مساعدة بلد يمر بأزمة، ولديه علاقات اقتصادية عميقة مع فرنسا، دون التدخل في شؤونه الداخلية.

ومن جانبه قال الوزير السابق في الحكومة الفرنسية جاك لانغ ويرأس حاليا معهد العالم العربي في باريس: " إننا نسير على حافة الهاوية، فعلينا أن نقدم المساعدة والدعم والتشجيع اللازم للشعب اللبناني، ولكن يجب أن لا نعطي انطباعاً بأننا نريد أن ننشئ محمية فرنسية جديدة في نفس الوقت، فذلك سيكون غبياً تماماً. لذلك، يجب أن نجد حلولا ذكية جديدة لمساعدة اللبنانيين".

والجدير بالذكر أن علاقات فرنسا مع لبنان تعود إلى القرن السادس عشر على الأقل، عندما تفاوضت الملكية الفرنسية مع الحكام العثمانيين لحماية المسيحيين وتأمين نفوذهم في المنطقة.

وبحلول الانتداب الفرنسي للبنان، والذي استمر ما بين عامي 1920-1946، كان لدى لبنان بالفعل شبكة من المدارس الفرنسية والجالية المتحدثة باللغة الفرنسية، والتي لا تزال قائمة حتى يومنا هذا. ذلك إلى جانب علاقات فرنسا الحميمة مع سماسرة السلطة في لبنان، بما في ذلك بعض المتهمين بتأجيج الأزمة السياسية والاقتصادية في لبنان.

لكن تضيف وكالة "أسوشيتيد برس" أن ما لفت الانتباه حقا هو ظهور عريضة مفاجئة على الإنترنت هذا الأسبوع تطلب من فرنسا إعادة احتلال لبنان مؤقتا، قائلة أن قادة لبنان قد أظهروا فشلاً وعجزاً تاماً عن تأمين وإدارة البلاد.

وعلى الرغم من أنه ينظر إليها على نطاق واسع على أنها فكرة سخيفة، حسب "أسوشيتيد برس"، إلا أن ماكرون قد قال بنفسه لسكان بيروت يوم الأربعاء: "إن الأمر متروك لكم لكتابة تاريخكم"، بالإضافة إلى أن ما يصل إلى 60 ألف شخص قد وقعوا على تلك العريضة بالفعل بما في ذلك أعضاء من الجالية الفرنسي في لبنان، والتي يبلغ عددها 250 ألف شخص وأشخاص في لبنان قالوا أنها الوسيلة الوحيدة لهم للتعبير عن يأسهم وعدم ثقتهم في الطبقة السياسية الحاكمة.

وبصرف النظر عن استعراض الدعم الدولي الذي تشتد الحاجة إليه، اعتبر الكثيرون في لبنان زيارة ماكرون وسيلة لتأمين المساعدة المالية لبلد مثقل بالديون ويعاني من أزمة اقتصادية عميقة للغاية.

الإضافة إلى ذلك وحسب الوكالة، نجح الزعيم الفرنسي في توحيد الطبقة السياسية المنقسمة، ولو لفترة وجيزة، مشيرة إلى أنه في مشهد نادر، ظهر قادة الفصائل السياسية اللبنانية، على الرغم من أن بعضهم يعتبرون بعضهم البعض أعداء لدودين منذ الحرب الأهلية التي دارت في لبنان ما بين عامي 1975-1990، معا في قصر الصنوبر، مقر السفارة الفرنسية في بيروت، وقدموا طلباتهم بعد لقاء ماكرون.

لكن بالنسبة للكثيرين تضيف "أسوشيتيد برس"، كان ينظر إلى الزيارة على أنها تمهيد لإعادة فرض الوصاية الفرنسية للبلاد، بينما انتقد آخرون هذا الفرح والاحتفال الذي قام به أنصار ماكرون و مؤيدي زيارته بشدة.

وقال الكاتب سامر فرنجية: "لقد جمع ماكرون جميع السياسيين كتلاميذ المدرسة، وقام بتوبيخهم لعدم قيامهم بواجباتهم".

كما وكانت هناك ضربات أخرى أكثر دقة ضد استعراض النفوذ الفرنسي، فبينما كان ماكرون يتجول في الأحياء التي دمرها الانفجار، قام وزير الصحة في الحكومة المدعومة من حزب الله بجولة في المستشفيات الميدانية التي تبرعت بها كل من إيران وروسيا، اللاعبان الرئيسيان في المنطقة.

وفي باريس، حذر خصوم ماكرون السياسيون من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين الزعيم الوسطي من نوايا الاستعمار الجديد أو انتزاع تنازلات سياسية من لبنان مقابل المساعدة المقدمة من فرنسا .

ومن جانبه غرد جوليان بايو، رئيس حزب الخضر الشعبي المعارض في تغريدة له على منصة التواصل الاجتماعي تويتر صباح اليوم السبت: "إن التضامن مع لبنان والشعب اللبناني يجب أن يكون غير مشروط".

على الرغم من كل ما سبق، فإن ماكرون نفسه يرفض بشدة فكرة إعادة فرض الانتداب الفرنسي على لبنان، حيث قال مخاطبا الجماهير: "لا يمكنكم أن تطلبوا مني أن أحل مكان قادتكم، فلا يوجد ما يسمى بـ حل فرنسي". ولكنه أشار إلى أنه يخطط للعودة إلى لبنان للتحقق من تنفيذ الإصلاحات الموعودة بتاريخ 1 سبتمبر، والذي سيوافق الذكرى المئوية لإعلان الانتداب الفرنسي على لبنان.

النهضة نيوز