كشفت دراسة أجرتها مؤسسة لودفيج لأبحاث السرطان عن وجود ثغرة جديدة في الأورام التي يسببها جين سرطاني شائع يعرف باسم "MYC"، ووجدت أن مثل هذه السرطانات تعتمد اعتمادًا كبيرًا على آلية الخلية في صنع الدهون .
وحددت الدراسة التي قام بها تشي فان دانغ، المدير العلمي لمعهد لودفيغ لأبحاث السرطان، والباحثين في جامعة ستانفورد فيشلر وريتشارد زاري، ثغرةً وراثية شحمية مرتبطة بالسرطان الذي يسببه " MYC".
أوضحت الدراسة أن ميل الخلية السرطانية لتصنيع الدهون بدلاً من استيرادها كعناصر مغذية قد يتم استغلاله لتطوير علاجات جديدة لمجموعة واسعة من الأورام الخبيثة .
ويوضح دانغ قائلاً: "هناك بعض الخلايا التي لا تنمو معتمدةً على استيرادها للعناصر الغذائية من الدم، وتصنع بعض الجزيئات الأيضية الأخرى التي تحتاجها بنفسها، لكن إذا كنت خلية سرطانية من هذا النوع، فهي ستتكاثر بسرعة، حيث تكون بحاجة إلى كمية أكبر من المكونات الأساسية للخلايا من أجل الاستمرار في الانتشار، فتقوم بالاعتماد على آلية الاكتفاء الذاتي في تصنيع وانتاج مكوناتها الأساسية".
واكتشف مختبر دانغ من قبل أن خلل تنظيم الخلايا العصبية السرطانية في السرطان يغير الأيض الخلوي ويوضح بالتفصيل كيف يعمل هذا المنظم الرئيسي للتغير الجيني على زيادة إنتاج اللبنات الجزيئية للخلايا، بما في ذلك مكونات البروتينات والحمض النووي. لكن كيفية قيام الجين (MYC) على وجه التحديد بالتغيير الجيني لدفع انتاج الدهون لم يتم معرفته بعد.
الدهون هي المكونات الحاسمة والأساسية للخلايا، فهي تبني أغشية الخلية وتلعب دورا هاما في وظيفة البروتين، وردود الفعل الأيضية والإشارات الجزيئية .
وفي الخلايا الطبيعية، يقوم بروتين مرتبط بالأغشية يسمى "SREBP1" بمراقبة إنتاج الدهون و التحكم فيه، وعندما يستشعر انخفاض مستويات الكوليسترول في أغشية الخلية، ينتقل البروتين "SREBP1" إلى النواة وينشط الجينات المشاركة في تخليق الدهون.
ووجد الباحث في رسالة الدكتوراه آرفين غو ، الذي كان يعمل سابقًا في مختبر دانغ، وزملاؤه أن جين ""MYC يعزز بروتين "SREBP1" في الخلايا السرطانية، وأن ما يقوم به "MYC" تحديداً هو تحفيز" SREBP" إلى درجة إفراط شديدة من إنتاج الدهون ".
يضيف دانغ : " لكننا وجدنا أيضًا أن "MYC" يرتبط بعد ذلك بنفس الجينات المرتبطة ببروتين "SREBP1"، ويتعاون الاثنان لإنتاج الدهون بمستويات كبيرة". و قد أظهر الباحثون أن ""MYC يتحكم في التعبير الجيني المطلوب في كل مرحلة تقريبًا من تخليق الدهون، بدءًا من توليد جزيئات السلائف و حتى وضع اللمسات الأخيرة على الدهون الكبيرة و المعقدة .
ولمزيد من البحث عن هذه الظاهرة، استخدمت الباحثة د. كاتي مارغوليس وزملاؤها تقنية " DESI-MSI "، وهي تقنية لتحديد ملامح الأيض في الأنسجة السليمة التي طورها مختبر زير ، لرسم خريطة جينية توضح كيفية تغيير "MYC" للمحتوى الدهني للأورام.
وكشفت تلك الدراسات أن هناك نوعًا من الدهون المعروفة باسم " الجلسرين الفوسفليسيولليس" المتواجد بكثرة بشكل خاص في الخلايا السرطانية التي يسببها ويحفزها الجين "MYC"، حتى أن الباحثين حددوا علامة جينية خاصة مرتبطة بمثل هذه الأورام والتي يمكن استخدامها كعلامة تشخيصية للورم.
وكشفت الدراسات التي أجريت على الفئران في مختبر فيلسر، لإنتاج سرطانات الدم والرئتين والكلى والكبد التي يحركها جين ""MYC بناء على الطلب، أن مثل هذه الأورام تعتمد اعتمادا كبيرا على إنتاج الأحماض الدهنية، وقد أدى تثبيط خطوة مبكرة من تلك العملية إلى تراجع الأورام المستحدثة والأورام البشرية التي يسببها "MYC" المزروعة في الفئران، جنبا إلى جنب مع تحديد انتاج الدهون والجينات التي يتم تنشيطها عن طريق جين MYC""، حيث توفر هذه البيانات معلومات ملموسة لتطوير عقاقير جديدة لعلاج مجموعة واسعة من أنواع السرطان.
ويلاحظ دانغ: " كانت الخبرة المتنوعة للغاية ضرورية لهذه الدراسة , إن الجمع بين هذه التقنيات المختلفة والمعرفة الفنية قد مكّننا من فهم عميق لشيء لم يكن لدينا الكثر من المعرفة عنه من قبل، وهو يوضح قوة التعاون بين التخصصات المختلفة ".
هذه النتائج ملحوظة بشكل خاص لأن جين "MYC"، هو ثالث أكثر الجينات تسبباً في سرطانات البشر، ويوضح الباحثون أنه حتى الأورام التي تحركها في المقام الأول جينات مسرطنة أخرى، تكون عرضة لتثبيط إنتاج الأحماض الدهنية إذا كانت تعتمد على تحفيز من قبل جين MYC"" بشكل غير مباشر.
ودعمت هذه الدراسة من قبل لودفيج لأبحاث السرطان والمعاهد الوطنية الأمريكية للصحة ومركز ستانفورد للتحليل والتصميم الجيني.