المادة الآكلة للضوء.. ماهي المادة الأكثر سواداً من صنع الإنسان ؟

المادة الآكلة للضوء.. ماهي المادة الأكثر سواداً من صنع الإنسان ؟
يعتبر اللون الأسود هو رمزٌ لليل وما يحمله من رعبٍ وخوف وفخامة، والآن، بفضل اثنين من المهندسين في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وجامعة شنغهاي جياو تونغ، فإن الأمر على وشك أن يصبح أكثر قتامة وسواداً، فقد

يعتبر اللون الأسود هو رمزٌ لليل وما يحمله من رعبٍ وخوف وفخامة، والآن، بفضل اثنين من المهندسين في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وجامعة شنغهاي جياو تونغ، فإن الأمر على وشك أن يصبح أكثر قتامة وسواداً، فقد اخترعوا مادةً تمتص الضوء المرئي بشكلٍ كامل باستثناء 0.005٪ منه، وهذا يجعلها المادة الأكثر سواداً التي يتم إنشاؤها بأيدي بشرية على الإطلاق.

ومن المثير للإعجاب، أن المهندسين الذين صنعوا هذه المادة الجديدة لا يعرفون تمامًا سبب قدرة المادة على امتصاص الكثير من الضوء في الاساس، وهي مصنوعة من "غابة" من أنابيب الكربون النانوية، والتي يبدو أن ترتيبها يمتص كل الضوء القريب منها تقريباً ويمنعه من الانعكاس إلى أعيننا.

وتذكرون مادة " فانتابلاك" ؟ عند ظهورها لأول مرة في عام 2014م، كانت في ذلك الوقت أكثر المواد الماصة للضوء على الإطلاق، حيث كانت تمتص كل الضوء ما عدا 0.035 ٪ منه، ومثل منافسه الجديد، كان أيضاً يعمل بخاصية الأنابيب النانوية الكربونية الدقيقة للغاية، التي لا يزيد سمكها عن المليار من المتر، متراصةً بشكلٍ قريب وكثيف إلى حدٍ يجعل الضوء الوارد محصوراً بينها ولا يخرج، يرتد ذهاباً وإياباً بينها في دائرة مغلقة، ويجري تحويله إلى حرارة كامنة خلال هذه العملية المعقدة ومتناهية الصغر.

ويصعب على الكثيرين تصور الأمر، وفقاً للمهندسين المخترعين لمادة الفانتابلاك، "من المفيد أن تتخيل أنك في غابة حيث يبلغ طول الأشجار ثلاثة كيلومترات، ومن السهل أن تتخيل مدى قلة وصول الضوء و قدرته على اختراق تلك الأشجار الكثيفة، أليس كذلك ؟ " وهم يقترحون بشكل مشؤوم بعض الشيء أن تتخيل نفسك مكروباً، كما لو كانوا يخططون ببهجة لتقليص حجمك إلى حجم الأنابيب النانوية الكربونية ليجعلوك تعرف كيف يعمل الأمر داخلها.

وعلى أي حال، يبدو أن هذه المادة الجديدة فائقة الأسود قد تفوقت على مادة الفانتابلاك في قسم الغنائم الخفيفة، ليس ذلك فحسب، بل كان للمادة الجديدة حظٌ كبير في الظهور الأول لها على المسرح العالمي في العرض الأكبر لتكنولوجيا النانو المتطورة .

واجتمع مركز معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا والفنون  والعلوم مع بورصة نيويورك والفنان ديموت ستريب يوم الجمعة الماضي، حيث حددوا سعر الماس الأصفر بمليوني دولار، وحين وضع المادة السوداء عليها، تحولت من شيء متألق ومكلف إلى فراغًٍ باطني ثنائي الأبعاد، وإذا كنت موجودًا في معرض"Big Apple"، فيمكنك رؤية الماس المختفي بنفسك، كجزء من المعرض ضمن عرض باسم "Redemption of Vanity".

كما تعتبر المادة الجديدة التي ليس لها اسم بعد، لذلك دعونا نعطيها لقب "الغابة الآكلة للضوء"، أو LEF""  تدين بوجودها إلى الصدفة، تلك الحكمة القوية للابتكار والاكتشاف العلمي.

وليست أنابيب الكربون النانوية خفيفة الوزن فحسب، فهي أقوى بكثير من الصلب، وموصلات رائعة للكهرباء والحرارة، فقد أراد بريان واردل، أستاذ علوم الطيران والفضاء في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وكيهانج تسوي، وهو طالب سابق في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، تحول إلى أستاذ بجامعة شنغهاي جياو تونغ، زيادة التوصيل الكهربائي لأنابيب الكربون النانونية من خلال تشكيلها بشكل كثيف مما أوصلهم لهذه المادة العجيبة.

ولا يزال المهندسون يأملون في أن يشرحوا في النهاية ما جعل هيكل مادة "LEF" أسوداً قاتماً في المقام الأول، وقد يكون الأمر مشابهاً لما يحدث مع مادة فانتابلاك، لكن في هذه المرحلة، ويقدم الباحثون إهمالاً شديد التواضع في البحث والتدقيق، وفي غضون ذلك، يوجد طلب براءة اختراع قيد التنفيذ.

ولاحظت صحيفة نيويورك تايمز أهمية هذه المادة عندما كانت مادة فانتابلاك رائجةً للغاية، فالموصلات فائقة الخفة هي دائماً موضع ترحيب في أي نوع من الدوائر الكهربائية، بدايةً من تلك الموجودة في هاتفك الذكي إلى تلك الموجودة داخل الأقمار الصناعية، وقد تم أيضاً مناقشة قدرات هذه المادة في امتصاص الضوء كطرق ممكنة لحماية التلسكوبات الفضائية من الضوء القريب بينما تركز على النجوم البعيدة عن الأرض.