متفرقات

تهديد سعودي لناشط فلسطيني في النرويج والـCIA تتدخل

محمد السكني

8 أيار 2019 21:21

علمت صحيفة The Guardian البريطانية أنَّ وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية حذَّرت النرويج من أنَّ ناشطاً عربياً بارزاً يعيش في البلاد تحت حمايةٍ بموجب اللجوء، يواجه تهديداً محتملاً من المملكة العربي

علمت صحيفة The Guardian البريطانية أنَّ وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية حذَّرت النرويج من أنَّ ناشطاً عربياً بارزاً يعيش في البلاد تحت حمايةٍ بموجب اللجوء، يواجه تهديداً محتملاً من المملكة العربية السعودية.

وأشارت الصحيفة البريطانية في تقرير، الثلاثاء 7 مايو/أيار 2019، إلى أن إياد البغدادي، كاتبٌ فلسطيني المولد نَشِط على تويتر، اكتسب شهرةً أثناء الربيع العربي، حين بدأ في كتابة تغريداتٍ عن الثورة المصرية. وهو ناشط مؤيد للديمقراطية، وناقد صريح للأمير محمد بن سلمان.

أُخطِر البغدادي بوجود تهديد سعودي في 25 أبريل/نيسان الماضي، حين ذهبت السلطات النرويجية إلى منزله، واقتادته إلى مكانٍ آمن، وحذرته من أنَّه في خطرٍ محتمل من تهديد غير مُحدَّد صادر من المملكة السعودية.

تهديد سعودي لناشط فلسطيني في النرويج

وقيل للناشط إنَّ وكالة استخباراتٍ أجنبية، علمت صحيفة The Guardian أنَّها وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، هي التي أخبرت السلطات النرويجية بذلك التهديد.

وقال البغدادي في مقابلةٍ عبر الهاتف مع الصحيفة: «حسبما فهمت، فالسعوديون يستهدفونني، لكن ليست هناك فكرة عمَّا سيفعلونه… لقد أكَّدت لي السلطات أنَّهم يأخذون الأمر على محمل الجد. وبالفعل جاءوا مستعدين»، مشيراً إلى أنَّهم وصلوا مع فريقين: أحدهما لينقله بعيداً، والآخر لضمان عدم متابعته.

الناشط الفلسطيني اللاجئ في النرويج، إياد البغدادي/ مواقع التواصل الاجتماعي
الناشط الفلسطيني اللاجئ في النرويج، إياد البغدادي/ مواقع التواصل الاجتماعي

من جانبها اتصلت الصحيفة البريطانية بالسفارة السعودية في واشنطن للتعليق، الإثنين 6 مايو/أيار 2019، لكنَّها لم تتلق رداً قبل النشر.

وقد أكسبته ترجماته الإنجليزية للتغريدات العربية وانتقاداته الساخرة للزعماء المستبدين عشرات الآلاف من المتابعين على تويتر. وحصل البغدادي على حق اللجوء السياسي في النرويج في عام 2015، بعد اعتقاله وطرده من الإمارات، مما أجبره على المغادرة دون أي تهم رسمية أو محاكمة.

بسبب انتقاده لسياسة ولي العهد السعودي

ومنذ ذلك الحين، كان محمد بن سلمان موضع انتقاداتٍ متكررة للبغدادي. ففي العام الماضي 2018، حذَّر البغدادي على تويتر من أنَّ الأمير محمد سيصبح أخطر إذا لم يحاسبه حلفاؤه الغربيون. وقال: «إذا أفلت من عقوبة الاختطاف ستكون الخطوة التالية هي تنفيذ اغتيالاتٍ في عواصمكم، أنا لا أمزح على الإطلاق».

وأشار البغدادي إلى أنَّ ذلك التهديد الواضح يعني أنَّه شخصٌ مؤثِّر وفعال، قائلاً: «إذا لم يريدوا قتلي، فهذا يعني أنَّني لا أؤدي وظيفتي».

بيد أنَّ تحرُّك وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية لتنبيه الاستخبارات النرويجية لا يعني بالضرورة أنَّ البغدادي في خطر وشيك.

فوفقاً لسياسة الولايات المتحدة المعروفة باسم توجيه أجهزة الاستخبارات رقم 191، يقع على عاتق الوكالة «واجب التحذير» من الناحية القانونية، مما يعني أنَّه يجب على وكالة الاستخبارات المركزية تنبيه الضحية المحتملة إذا جُمِعَت «معلومات موثوقة ومحددة تشير إلى تهديدٍ وشيك بقتل متعمد، أو إصابةٍ جسدية خطرة، أو الخطف الموجه ضد شخصٍ أو مجموعة من الأشخاص».

وصحيحٌ أنَّ هناك استثناءات قانونية محدودة لهذه السياسة، لكنَّها تدعو الوكالة إلى إبلاغ الضحية المحتملة بالتهديد حتى في الحالات غير المحسومة.

وقال البغدادي إنَّ احتمالية أنَّ الحكومة السعودية ما زالت تسعى إلى إسكات النشاط المُعارض خارج حدودها أو تقليصه، أكَّدت مشكلة متزايدة تواجه الأمير محمد، وهي الطفرة الهائلة في عدد السعوديين المتعلمين الذين يعيشون خارج المملكة ويصبحون ناشطين سياسياً.

وقال: «هذا يُشكِّل مشكلةً طويلة الأجل لمحمد بن سلمان».

وبعد عام على مقتل الصحفي جمال خاشقجي

من جانبها رفضت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية التعليق على الأمر.

فيما ذكر جهاز الاستخبارات النرويجية أنَّه ليس في وضعٍ يسمح له بالتعليق «على اتصالنا مع الأفراد، أو التقييمات التي نجريها بشأن أمن الأفراد».

جديرٌ بالذكر أنَّ ذلك الكشف يأتي بعد أقل من عامٍ على مقتل الصحفي السعودي المُعارض جمال خاشقجي، الذي قُتل داخل القنصلية السعودية في إسطنبول في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي 2018.

ويُذكَر أنَّ تلك الجريمة تسببت في غضبٍ دولي، وأثارت إداناتٍ ضد محمد بن سلمان، البالغ من العمر 33 عاماً.

وقد أفادت تقارير بأنَّ وكالة الاستخبارات الأمريكية أكَّدت بدرجة يقين تتراوح بين عاليةٍ ومتوسطة، أنَّ الأمير محمد كان وراء جريمة القتل، فيما اتَّهمت إدارة دونالد ترامب علانيةً أحد كبار مستشاريه، وهو سعود القحطاني، بالمشاركة في التخطيط للاغتيال.

في انتظار معاقبة المسؤولين عن جريمة القتل

يُذكَر أنَّ القحطاني كان من بين عدة متهمين تعرَّضوا لعقوباتٍ من جانب الولايات المتحدة. وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، قالت وزارة الخزانة الأمريكية إنَّ القحطاني كان «مشاركاً في التخطيط للعملية التي أدت إلى مقتل السيد خاشقجي وتنفيذها».

وذكرت أنَّ القحطاني كان أحد المسؤولين السعوديين الضالعين في «القتل البغيض» الذي تعرَّض له خاشقجي، في عمليةٍ وحشية مع سبق الإصرار والترصُّد.

وفي الشهر الماضي أبريل/نيسان، أدرجت وزارة الخارجية الأمريكية القحطاني في قائمةٍ تضم 16 شخصاً، مُنعوا من دخول الولايات المتحدة بسبب دورهم المزعوم في عملية القتل.

ويتفق بعض النقاد والناشطين على أنَّ دعم إدارة ترامب المستمر للأمير محمد، لاسيما من جانب ترامب ومستشاره الرئيسي وصهره جاريد كوشنر، قد بعث برسالةٍ مفادها أنَّه لا يمكن المساس به ولن يُحاسب على جريمة القتل.

وبينما أوقفت بنوك مثل جي بي مورغان التعامل مع المملكة في أعقاب القتل مباشرة، تعود الآن شركاتٌ أمريكية وعالمية كبرى إلى إبرام صفقاتٍ مع السعودية بقيمة مليارات الدولارات.

يُذكَر أنَّ الحكومة السعودية سبق أن رفضت تقارير تقييم وكالة الاستخبارات المركزية بشأن مقتل خاشقجي، ووصفتها بأنها «عارية تماماً عن الصحة، ونحن نرفضها رفضاً قاطعاً».