أخبار لبنان

الصفدي وطبارة وأخيراً سمير الخطيب .. ضحايا الحريري على مذبح "السراي الحكومي"

فريق التحرير

9 كانون الأول 2019 18:06

انتهت مسرحية التوافق على المهندس سمير الخطيب لرئاسة الحكومة المرتقبة على نحوٍ مفضوح، وبدا واضحاً انطلاقاً من الشاكلة التي أعلن فيها "الخطيب" يوم أمس، اعتذاره عن تشكيل الحكومة، الطريقة التي يلعب بها "ا

انتهت مسرحية التوافق على المهندس سمير الخطيب لرئاسة الحكومة المرتقبة على نحوٍ مفضوح، وبدا واضحاً انطلاقاً من الشاكلة التي أعلن فيها "الخطيب" يوم أمس، اعتذاره عن تشكيل الحكومة، الطريقة التي يلعب بها "الحريري" بالمشهد السياسي اللبناني.
كانت الطريقة التي من المفترض أن يخرج فيها اللبنانيون من المأزق الحكومي الحالي، تتلخص في أن يسمي "الحريري" وكتلته البرلمانية، اسماً لتكليفه بتشكيل الحكومة، بناءً عليه، حدد الرئيس مشال عون موعد اليوم الاثنين، كموعدٍ للاستشارات النيابية الملزمة، لكن، المسرحية التي مثلتها الأطراف الثلاثة، الحريري والخطيب ودار الفتوى، من خلال حرق "الخطيب" قبيل موعد الاستشارات بيوم واحد، وبقرار من دار الفتوى، ثم ما أعلنه "الخطيب" نفسه، بأنه في طريقه لتبليغ الرئيس سعد الحريري، بقرار دار الفتوى التي قضت بأنها ترغب بتسمية "الحريري" رئيساً للحكومة المنتظرة، وكأن "الحريري" سيذهل ويتفاجأ بما سيسمع!

الأخطر في المشهدية التي رأيناها أمس، ليس الابتزاز الذي يمارسه الحريري، بحرقه كل الأسماء التي من الممكن أن يتم التوافق عليها – الصفدي، طبارة، والخطيب-  مع خصومه السياسيين، ما يفسح الطريق أمام شخصه فقط، وبالشروط التي يضعها وترفضها الكتل النيابية الأخرى، لاسيما حزب الله، الأخطر، هو حالة التزاوج بين ما هو طائفي كدار الفتوى، وما هو دستوري، كالاستشارات الملزمة، أي التفاهم الخارج من أطر الدستور إلى رحم الطائفة، وهو سلوك من الممكن أن يفضي إلى تقويض سلطة الدولة على مؤسساتها، إذا ما افترضنا، أن القرارات سيتفاهم عليها لاحقاً في الحوزة أو الكنيسة، ثم ستمرر على طاولة الرئيس كي يقدم إمضائه!، هذه المجازفة غير المحسوبة، عبّر عنها النائب فيصل كرامي في تغريدة عبر موقع (تويتر) قال فيها: إن "مصادرة الحياة السياسية من قبل المرجعيات الدينية ينهي دور المؤسسات الدستورية، وفي طليعتها المجلس النيابي" متسائلاً عن الدور الحكومي وسط سطوة دار الفتوى: "ما جدوى الاستشارات النيابية الملزمة إذا كانت الطائفة السنية أعلنتها من دار الفتوى مبايعة شاملة لسعد الحريري؟" كل ذلك، وجد فيه كرامي، حرقاً لاتفاق الطائف، وتبديداً للأسس التي بٌني عليها نظام الحكم في البلاد.


لكن ماذا بعد، وفي ظل كل هذا الانهيار المالي والسياسي والمجتمعي الذي تعيشه البلاد، أي "مقامرات" يمكن أن يقوم بها الحريري، حتى اليوم المقرر للاستشارات الملزمة الاثنين القادم؟ وهل سيتسنى له حرق مزيد من الأسماء كـ نواف سلام وفؤاد مخزومي، على طريق وصوله إلى السراي الحكومي؟

من المؤسف القول أن المساحة التي يمكن للحريري أن يناور فيها كبيرة، لأن الخيارات التي يمكن لخصومه اللجوء إليها – التيار الوطني الحر- ، لا يمكن أن يتحملها الشارع "السني" في لبنان، فإن قلنا، أنه وبالشكل الدستوري، يمكن لحزب الله والتيار الوطني الحر أن يشكلوا الحكومة، بعيداً عن "مقامرات" الحريري، فإنهم بهذه الطريقة، يقدمون الهدية التي كان "تيار المستقبل" يرجوها لشرعنة الفوضى، هذا هو الخيار الأسهل والأصعب في ذات الآن، أما الخيار المستحيل، فهو القبول بالابتزاز السياسي الذي يمارسه الحريري، وهو أن يشكل حكومة "تكنوقراط" لا "تكنوسياسية"، يكون حزب الله والوزير جبران باسيل، خارج مقاعدها السيادية؟ وهذه هي الرغبة الأوربية الفرنسية الأمريكية، وهي الشكل الأمثل والمرتجى للحكومة اللبنانية من وجهة نظرهم، ولأجل تعميم هذه الفكرة وتعويمها دولياً، سيعقد مؤتمر فرنسا الخاص بالشأن اللبناني في قادم الأيام.

ومعنى ما سبق، أن على حزب الله أن يقفز عشر خطوات للخلف، إلى ما قبل فوزه بالانتخابات البرلمانية السابقة، أو عليه أن يفتح ذراعيه مستقبلاً الفوضى؛ إن فكر باستخدام واحدة من أوراق قوته.