تموت أشجار الغابات المطيرة الاستوائية بوتيرة متسارعة، وقد كشفت دراسة حديثة أن السبب غير متوقع وهو العواصف الرعدية المفاجئة.
لطالما ألقى العلماء باللوم على الجفاف وارتفاع درجات الحرارة، لكن العواصف الحملية القوية، المحملة بالبرق والرياح المدمرة، قد تكون مسؤولة عن ما يصل إلى 60% من حالات موت الأشجار في بعض الغابات المطيرة.
هذه العواصف القصيرة، التي تزداد تكرارا مع تغير المناخ، يمكن أن تهدد استقرار الغابات وقدرتها على تخزين الكربون، أكثر مما كان يُعتقد سابقا.
أشجار تموت و غابات تتغير
تعد الغابات الاستوائية الرئة البيئية لكوكب الأرض، إلا أن الأشجار فيها تموت بمعدل أعلى من أي وقت مضى، حتى في المناطق البكر غير المتأثرة بإزالة الغابات.
قاد الدراسة الباحث البيئي إيفان غورا من معهد كاري، ونُشرت في مجلة Ecology Letters، تشير نتائج الدراسة إلى أن العواصف القصيرة والمفاجئة، التي تختلف تماما عن الأعاصير الممتدة، قد تكون المحرك الأساسي لتسارع موت الأشجار، مما يؤدي إلى فقدان كميات هائلة من الكربون المخزن وتغيير تركيبة الغطاء النباتي بشكل جذري.
يقول غورا: "الغابات المطيرة لها تأثير ضخم على المناخ العالمي. إن تغيّر تركيبتها وموت الأشجار فيها يمكن أن يؤثر على مستقبل الكوكب كله".
عواصف صامتة وقاتلة: التهديد الجديد
لم تكن هذه العواصف حتى وقت قريب تُعتبر عاملا رئيسيا في الموت النباتي، لكن عند إعادة تحليل بيانات سابقة لمخازن الكربون في الغابات الاستوائية، وجد الفريق أن العواصف كانت مؤثرة بقدر الجفاف والحرارة في تفسير معدلات الموت.
وقالت الباحثة فانيسا روبيو: "التواجد في الغابة أثناء عاصفة استوائية لا يُنسى، يتغير الجو فجأة، والرياح تقتلع الفروع، ويتساقط المطر بغزارة، والبرق يضرب الأشجار كالسيف."
العواصف تتجاوز الجفاف: النتائج المقلقة
السبب الخفي لارتفاع معدلات موت الأشجار في الغابات المطيرة
تشير تقديرات الفريق إلى أن العواصف مسؤولة عن 30 إلى 60% من الوفيات النباتية، والنسبة تزداد مع ارتفاع نشاط العواصف بنسبة 5 إلى 25% كل عقد.
عند إضافة العواصف إلى أكبر دراسة معتمدة على قطع أرضية لرصد الكربون في الغابات، اختفت العلاقة التي تربط بين درجات الحرارة المرتفعة وانخفاض مخزون الكربون، ما يعني أن العواصف يجب أن تُدرج كعامل رئيسي في النماذج المناخية.
التكنولوجيا لكشف العواصف المخفية
من الصعب رصد العواصف وتتبع أضرارها الموضعية باستخدام الأقمار الصناعية، لذا طور العلماء مشروعا يُدعى Gigante بقيادة غورا وباحثين من جامعة برمنغهام. يجمع المشروع بين أنظمة تتبع البرق، والطائرات المسيّرة، وخبراء ميدانيين لتحديد متى وأين ولماذا تموت الأشجار، وأي الأنواع الأكثر تضررا.
استراتيجيات تشجير مستدامة
فهم الأسباب الحقيقية لموت الأشجار أمر حاسم لتوجيه جهود الحفظ والتشجير المستقبلي، إذا اعتمدت القرارات على أسباب خاطئة، فقد تبوء جهود إعادة التشجير بالفشل بعد عقود.
قال غورا: "العواصف أكثر فتكا بالأشجار الناضجة، وإذا لم نأخذ هذا في الحسبان، فقد نغرس غابات لا تصل أبدا إلى إمكاناتها الكاملة في تخزين الكربون."
أحد المشاركين في الدراسة، إيان ماكغريغور، أشار إلى أن العواصف الصغيرة لم تكن مذكورة في النماذج المناخية أو حتى في الكتب الدراسية، مما يدل على نقص في المعرفة قد يؤدي إلى أخطاء في السياسات المناخية.
"من الواضح الآن أننا بحاجة إلى فهم أشمل لهذه العواصف لبناء نماذج مناخية دقيقة وسياسات بيئية أكثر فعالية."