قصة الطائرة الجهنمية السوفيتية التي تدمر بلا قنابل أو صواريخ

الطائرة "الجهنمية" السوفيتية "إم – 25"

في حقبة الاتحاد السوفيتي ، كان الإبداع في تصميم الأسلحة والمعدات العسكرية يتجاوز حدود الخيال، حيث ابتكر المهندسون مشاريع متقدمة لعصرها، واحدة من هذه الابتكارات كانت الطائرة الهجومية "إم – 25"، التي تم الكشف عنها بعد سنوات من التعتيم، حيث ظهرت تفاصيلها للمرة الأولى في عام 2017 على يد سيرغي سميرنوف، المصمم الذي شارك في المشروع.

تصميم طائرة تعتمد على الموجات الصوتية

تميزت "إم – 25" بأسلوب غير تقليدي في تسليحها، إذ لم تعتمد على الصواريخ أو القنابل التقليدية، بدلاً من ذلك كانت الفكرة تقوم على استخدام موجة صوتية قوية أسرع من الصوت، يتم توليدها عبر محركات ضخمة مصممة خصيصًا لهذا الغرض، الهدف من هذه التقنية هو تدمير الأعداء دون الحاجة إلى الأسلحة النووية التكتيكية، مما يقلل من التلوث الإشعاعي والمخاطر البيئية.

بداية المشروع والاختبارات الأولية

بدأت الأبحاث حول الأسلحة الموجية في عام 1968، وفي العام التالي تم إطلاق مشروع "إم – 25" رسميا ,خضعت طائرات مثل "ميغ – 21" لاختبارات مبكرة لتقييم تأثير الموجات الصوتية على الأهداف البشرية, أظهرت التجارب أن الموجات الصوتية الفائقة يمكن أن تكون قاتلة، خاصة عند استخدامها في مناطق مفتوحة ومسطحة.

ومع ذلك، كشفت الاختبارات أن التضاريس المعقدة مثل الخنادق والمخابئ تقلل من فاعلية هذه التقنية، مما يحد من استخداماتها العسكرية.

مواصفات الطائرة "الجهنمية"

تعاونت عدة مؤسسات علمية سوفيتية لتطوير المشروع، وتم تحديد المواصفات الفنية للطائرة كما يلي:

1. أبعاد كبيرة ووزن ضخم: لتوفير استقرار أثناء الطيران على ارتفاع منخفض.

2. محركات فائقة الطاقة: عددها يصل إلى أربعة، مع إمكانية استخدام محركات صاروخية لتحقيق السرعة المطلوبة.

3. مولد موجة صادمة: صُمم لإطلاق موجات قوية تتجه للأسفل والجوانب.

4. ارتفاع طيران منخفض: لمهاجمة القوات البشرية بدقة على ارتفاع 50 مترًا فقط.

تحديات تقنية أوقفت المشروع

رغم الطموح الكبير وراء "إم – 25"، واجه المشروع مشكلات تقنية حالت دون تحقيقه:

عدم توفر محركات قادرة على الوصول إلى سرعة 1.4 ماخ، وهي الحد الأدنى لتفعيل السلاح الموجي.

صعوبة تطوير أنظمة التحكم للطيران على ارتفاع منخفض وسط تضاريس متغيرة.

تعقيد تصميم الهيكل الذي يدعم توليد الموجات الصوتية.

النهاية المبكرة لمشروع "إم – 25"

في عام 1972، وبعد سنوات من المحاولات، تقرر إغلاق المشروع بسبب استحالة التغلب على العقبات التقنية في ذلك الوقت. أودعت المخططات في الأرشيف، ولم يتم تصنيع أي نموذج تجريبي للطائرة.

هل يمكن تحقيق الفكرة اليوم؟

رغم التقدم التكنولوجي الحالي، لا يزال خبراء الأسلحة يشككون في إمكانية تنفيذ فكرة استخدام الموجات الصوتية كأسلحة فعالة. فالتحديات التقنية التي واجهها السوفييت في الستينيات ما زالت قائمة، مما يجعل تحقيق هذا النوع من السلاح أقرب إلى الخيال العلمي منه إلى الواقع.

"إم – 25" تبقى مثالا بارزا على التفكير الإبداعي غير التقليدي الذي ميز الحقبة السوفيتية، ولكنها أيضا تذكير بالتحديات التي تواجه تحويل الأفكار الثورية إلى واقع ملموس.