دراسة جديدة توضح أسباب تطور سرطان المثانة وتقدم استراتيجيات علاج مبتكرة

كيفية بدء سرطان المثانة وانتشاره

في دراسة رائدة أجراها باحثون في كلية ويل كورنيل للطب ومركز نيويورك للجينوم، تم التوصل إلى فهم غير مسبوق حول كيفية بدء سرطان المثانة وتطوره. اكتشف الباحثون أن الإنزيمات المضادة للفيروسات، التي تغير الحمض النووي للخلايا العادية والسرطانية على حد سواء، تعد من المحفزات الرئيسية لتطور سرطان المثانة في مراحله المبكرة. كما تبين أن العلاج الكيميائي التقليدي يسهم بشكل كبير في زيادة الطفرات الجينية في هذه الخلايا.

المقاومة للعلاج ودور الحمض النووي الدائري غير الطبيعي

بالإضافة إلى الطفرات، وجد الباحثون أن الحمض النووي الدائري غير الطبيعي في الخلايا السرطانية يسهم بشكل كبير في مقاومة العلاج. هذه الهياكل الدائرية تحتوي على جينات مفرطة النشاط تعمل على تحفيز نمو الخلايا السرطانية وتجعل العلاج أكثر صعوبة. يشير هذا الاكتشاف إلى إمكانيات علاجية جديدة للتعامل مع سرطان المثانة، الذي يعد من أكثر أنواع السرطان صعوبة في العلاج.

دراسة تطور سرطان المثانة

ركزت الدراسة، التي نُشرت مؤخرا في مجلة Nature، على الشكل الرئيسي لسرطان المثانة وهو سرطان الخلايا الانتقالية. هذا النوع من السرطان ينشأ من الخلايا التي تبطن المثانة، الإحليل، والأنابيب التي تنقل البول من الكلى. قام الباحثون بتحليل خلايا سرطانية وما قبل سرطانية مأخوذة من نفس مجموعة المرضى في مراحل مختلفة من المرض، واستخدموا تقنيات تسلسل الجينوم بالكامل وطرق حسابية متقدمة لرصد الطفرات الشائعة والمتغيرات الهيكلية المعقدة وتوقيت ظهورها.

الطفرات المبكرة التي تحفز سرطان المثانة

وجد الباحثون أدلة قوية على أن إنزيمات APOBEC3 تسبب طفرات مبكرة تسهم في بدء هذا النوع من السرطان. تطورت هذه الإنزيمات لتعطيل الفيروسات الرجعية عبر تعديل حمضها النووي، ولكنها أحيانا تتسبب في حدوث طفرات في الحمض النووي للخلايا. "لم يكن دور الطفرات الناتجة عن إنزيمات APOBEC3 في بدء السرطان واضحا"، يقول الدكتور بيشوي فالتاس، المؤلف المشارك في الدراسة. "ولكننا اكتشفنا أن هذه الطفرات تظهر مبكرا في سرطان الخلايا الانتقالية حتى في الأنسجة ما قبل السرطانية".

العلاج الكيميائي والطفرات الجينية

وجد الباحثون أن العلاجات الكيميائية القائمة على البلاتين، مثل سيسبلاتين، تسبب دفعات إضافية من الطفرات التي قد تساهم في زيادة مقاومة الخلايا السرطانية للعلاج، مما يزيد من صعوبة الشفاء.

كانت النتيجة الثالثة الرئيسية أن أورام المثانة تحتوي غالبا على ترتيبات معقدة في الحمض النووي الخاص بها، مما يؤدي إلى تكوين أجزاء دائرية من الحمض النووي تُعرف باسم الحمض النووي خارج الكروموسومات (ecDNA). هذا الحمض النووي غير المتصل بالكروموسومات في نواة الخلية قد يحمل مئات النسخ من الجينات المسؤولة عن نمو السرطان. اكتشف الباحثون أن هذه الأحداث تستمر وتصبح أكثر تعقيدا بعد العلاج، مما يشير إلى أنها قد تسهم في مقاومة العلاج.

قام الباحثون بتجربة نموذج لجين CCND1، وهو منظم رئيسي لدورة الخلية في المختبر، ووجدوا أن هذا الجين في هيكله الدائري يعزز مقاومة العلاج.

استراتيجيات علاجية جديدة

تساعد هذه الاكتشافات في رسم صورة أوضح عن العوامل التي تؤدي إلى تطور وانتشار سرطان الخلايا الانتقالية. الباحثون يخططون لإجراء دراسات مستقبلية تهدف إلى تحليل الحمض النووي بالكامل إلى جانب نتائج نشاط الجينات على مستوى الخلايا الفردية، وهو ما سيكون ذا أهمية كبيرة في فهم تطور السرطان بشكل أعمق.

التطبيقات السريرية المحتملة

يأمل الباحثون أن يتم تطبيق هذه النتائج في العلاجات السريرية قريبًا. ومن المثير أن هناك دواءً جديدا تم الموافقة عليه من قبل FDA يستهدف بروتين HER2، والذي يظهر على الخلايا السرطانية في سرطان الثدي والمثانة. يعتقد الباحثون أن هذا الدواء سيكون فعالا بشكل خاص في المرضى الذين تظهر لديهم علامات قوية لوجود ecDNAs الخاصة بجين ERBB2.