مريء باريت: اكتشاف جيني يفسر خطر التحول السرطاني

اكتشاف سر مريء باريت اكتشاف سر مريء باريت


كشفت دراسة حديثة أجراها باحثون من كلية بايلور للطب وجامعة واشنطن للطب عن آلية جديدة تقف وراء تطور حالة "مريء باريت"، وهي حالة تؤثر على بطانة المريء — الأنبوب الذي ينقل الطعام من الفم إلى المعدة — وتزيد من خطر الإصابة بسرطان غدي في المريء ، وهو من أنواع السرطان الخطيرة والصعبة العلاج.

نُشرت نتائج الدراسة في مجلة Journal of Clinical Investigation، وبيّنت أن الجينين الأساسيين SOX2 وCDX2، المسؤولين عن الحفاظ على هوية خلايا المريء والأمعاء على التوالي، يتعرضان لخلل في حالات مريء باريت. هذه النتائج تعمّق فهمنا لكيفية تطور هذا المرض، وتفتح المجال لتحديد الأشخاص الأكثر عرضة له، بل وربما منعه من التقدم نحو المرحلة السرطانية.

كشف سر مريء باريت

قال الدكتور رامون جين، المؤلف الأول والمشارك في قيادة البحث، وأستاذ مساعد في قسم الطب بجامعة واشنطن: "سرطان المريء الغدي هو أحد أسرع أنواع السرطانات الصلبة نموًا، ويصعب علاجه، كما لا توجد تقنيات فعالة حاليًا للكشف المبكر عنه، وغالبا ما يصلني المرضى بعد أن يكون السرطان في مراحل متقدمة، ويُقاس متوسط أعمارهم المتوقعة بالأشهر فقط."

ويُعرف أن مريء باريت عادةً ما يتطور نتيجة التعرض المزمن للارتجاع الحمضي والصفراء، مما يؤدي إلى تحويل خلايا بطانة المريء إلى خلايا تُشبه تلك الموجودة في المعدة أو الأمعاء.

كيف تتغير الخلايا؟

أوضح الدكتور جيسون ميلز، الأستاذ في قسم أمراض الجهاز الهضمي والكبد في كلية بايلور: "المريء، وهو عضو غير معتاد على بيئة حمضية، يتكيّف مع الارتجاع الحمضي عبر التحول إلى نمط أقرب إلى المعدة أو الأمعاء، لكن علاج الارتجاع بالأدوية لا يعكس هذه التغيرات الخلوية، ولا يعيد الخلايا إلى شكلها الطبيعي."

وأردف الدكتور جين: "عند فحص أنسجة مريء باريت بالمجهر، نلاحظ تكاثرا زائدا للخلايا ونسيجا غير منتظم، بخلايا تُشبه خلايا المعدة أو الأمعاء، بدلا من خلايا المريء الطبيعية، هذا الفقدان لهوية المريء يُمهّد غالبا لحدوث السرطان."

دور الجينات SOX2 وCDX2

للتعمق في سبب هذا التحول، ركز الباحثون على عاملين نسخيين (transcription factors):

SOX2، الذي يحافظ على هوية خلايا المريء.

CDX2، الذي يعزز هوية خلايا الأمعاء.

ابتكر الفريق مكتبة من الأورغانويدات — وهي نماذج صغيرة من أنسجة بشرية حقيقية تُزرع في المختبر — باستخدام عينات من مرضى مريء باريت. وتبين أن التوازن بين SOX2 وCDX2 هو المفتاح في تحديد ما إذا كانت الخلايا ستحافظ على هوية المريء أو تتحول إلى نمط معدي أو معوي.

نموذج حيواني لتأكيد النتائج

أنشأ الفريق نموذجا فأريا يمكن فيه تعطيل الجين Sox2 في المريء، فلاحظوا زيادة في نمو الخلايا، وتراجع في نضجها، وظهور تراكيب غير طبيعية في منطقة التقاء المريء والمعدة — وهي تغيرات تُشبه بدايات مريء باريت في البشر. وبدون Sox2، تصبح بطانة المريء أكثر هشاشة وعُرضة للتحول.

 آفاق جديدة للتشخيص والوقاية

تدعم هذه النتائج الفرضية القائلة بأن مريء باريت ينشأ عن إعادة برمجة خلايا المريء الطبيعية بفعل الارتجاع الحمضي والصفراوي، ما يغيّر التوازن بين SOX2 وCDX2. ويأمل الباحثون أن يؤدي هذا الفهم العميق إلى تطوير أساليب جديدة للكشف المبكر والتدخل الوقائي في مراحل ما قبل السرطان.