خلال العقود الأربعة الماضية، شهدت شبه جزيرة أنتاركتيكا زيادة هائلة في الغطاء النباتي، حيث توسعت المساحات الخضراء من أقل من كيلومتر مربع واحد في عام 1986 إلى ما يقارب 12 كيلومترًا مربعا بحلول عام 2021. تُعزى هذه الظاهرة بشكل رئيسي إلى الاحترار المناخي، مما يهدد بتحولات بيئية كبيرة واحتمالية دخول أنواع غازية نتيجة الأنشطة البشرية.
النمو السريع للغطاء النباتي في شبه جزيرة أنتاركتيكا
أظهرت أبحاث جديدة أن الغطاء النباتي في شبه جزيرة أنتاركتيكا توسع بأكثر من عشر مرات خلال الأربعين سنة الماضية. يُعزى هذا النمو إلى الاحترار المتسارع الذي يتجاوز المتوسط العالمي، بالإضافة إلى زيادة في موجات الحر المتطرفة.
وفقًا لدراسة أجرتها جامعتي إكستر وهيرتفوردشير، إلى جانب المسح البريطاني لأنتاركتيكا، فقد تم استخدام بيانات الأقمار الصناعية لتحديد مدى "اخضرار" المنطقة نتيجة التغير المناخي. وأظهرت النتائج أن الغطاء النباتي ازداد من أقل من كيلومتر مربع في عام 1986 إلى ما يقارب 12 كيلومترا مربعا في عام 2021.
تسارع نمو النباتات في الظروف القاسية
نُشرت الدراسة في مجلة Nature Geoscience في 4 أكتوبر 2024، وكشفت أن هذا الاتجاه المتزايد في نمو الغطاء النباتي تسارع بأكثر من 30% خلال الفترة من 2016 إلى 2021 مقارنة بالفترة الكاملة من 1986 إلى 2021. ويزداد الغطاء النباتي بأكثر من 400,000 متر مربع سنويا.
وفي دراسة سابقة، أظهرت العينات المأخوذة من الأنظمة البيئية المسيطرة على الطحالب في شبه جزيرة أنتاركتيكا أن معدلات نمو النباتات قد زادت بشكل كبير في العقود الأخيرة. هذه الدراسة الجديدة تؤكد باستخدام الصور الفضائية أن هناك اتجاها واسع النطاق نحو الاخضرار في المنطقة.
تأثيرات الزيادة في الغطاء النباتي ومستقبلها
يقول الدكتور توماس رولاند من جامعة إكستر: "النباتات التي نجدها في شبه جزيرة أنتاركتيكا – ومعظمها من الطحالب – تنمو في ظروف قاسية للغاية." وعلى الرغم من أن المشهد لا يزال يُهيمن عليه الثلج والجليد والصخور، إلا أن الجزء الصغير الذي احتلته النباتات قد نما بشكل كبير.
وأضاف الدكتور أولي بارتليت من جامعة هيرتفوردشير: "مع استمرار احترار المناخ، من المحتمل أن يزداد هذا الاتجاه نحو الاخضرار. قد يؤدي هذا إلى تكوين تربة جديدة، مما يُمهد الطريق لنمو نباتات أخرى."
يشير العلماء إلى أن زيادة النباتات يمكن أن تُسهِم في إدخال أنواع غازية جديدة، وربما تكون هذه الأنواع محمولة من قبل السياح البيئيين أو العلماء أو الزوار الآخرين إلى القارة.
يشدد الباحثون على الحاجة الماسة إلى مواصلة البحث لتحديد الآليات البيئية والمناخية الدقيقة التي تدفع هذا الاتجاه نحو الاخضرار. وخلص الدكتور رولاند إلى القول: "تُظهر نتائجنا أن التغيرات البيولوجية والمناظر الطبيعية في شبه جزيرة أنتاركتيكا قد تشهد تحولات جوهرية مع استمرار الاحترار المناخي، مما يثير مخاوف جدية بشأن مستقبل هذه المنطقة الأيقونية والضعيفة."