أعلنت وزارة الدفاع البريطانية (MoD) رسميا عن إطلاق القمر الصناعي المتقدم أوبيرون (Oberon)، المصمم لتوفير قدرات استخباراتية ومراقبة واستطلاع (ISR) متطورة من الفضاء، ومن المقرر نشره في عام 2026، حيث سيتمتع بقدرات تصوير عالية الدقة ليلا ونهارا، مما يعزز عمليات الدفاع والأمن البريطانية بشكل كبير.
برنامج "إيستاري" والانتقال نحو منظومة استخبارات فضائية متكاملة
يأتي هذا التطور بعد النجاح الكبير الذي حققه إطلاق القمر الصناعي "تيكي" (Tyche) في أغسطس 2024، وهو أول قمر ISR يتم نشره ضمن برنامج "إيستاري" (ISTARI)، وهي مبادرة استراتيجية تهدف إلى بناء كوكبة من الأقمار الصناعية ومراكز دعم أرضية بحلول عام 2031.
يعد أوبيرون إضافة رئيسية لهذا البرنامج، حيث تم تصميمه لتعزيز قدرة المملكة المتحدة على مراقبة الأنشطة العالمية من الفضاء، ودعم كل من التطبيقات العسكرية والمدنية. بفضل مستشعراته المتقدمة، سيوفر القمر الصناعي إمكانيات استطلاع محسّنة، مما يمكن الجيش البريطاني من رصد تحركات الخصوم، ومراقبة المواقع الاستراتيجية، والتعامل مع التهديدات المحتملة في جميع أنحاء العالم.
أوبيرون وتطوير تقنيات الاستخبارات الفضائية
يعتمد مشروع أوبيرون على التطورات التكنولوجية التي قدمها القمر الصناعي تيكي، الذي قام مؤخرا بالتقاط وإرسال أولى صوره إلى قيادة الفضاء البريطانية. وقد أثبت "تيكي" فعالية عمليات الاستخبارات الفضائية في الوقت الفعلي، مما يمهد الطريق لقدرات أكثر تقدمًا مع إطلاق "أوبيرون".
يمثل كل من أوبيرون و"تيكي" جزءًا من استراتيجية طويلة الأمد لتأسيس منظومة أقمار صناعية قوية مخصصة للدفاع والعمليات الاستخباراتية، وبحلول عام 2031، يهدف برنامج "إيستاري" إلى توفير نظام شبكي متكامل يجمع بين الأقمار الصناعية والمراكز الأرضية، مما يضمن جمع البيانات وتحليلها في الوقت الفعلي لدعم العمليات الدفاعية الحرجة.
دور كوكبة "إيستاري" في الأمن والاستجابة للأزمات
لن تقتصر كوكبة "إيستاري" على الأدوار العسكرية فقط، بل ستلعب دورا متعدد الأبعاد في العديد من المجالات الأخرى، بما في ذلك:
تعزيز القدرات العسكرية: تمكين القوات المسلحة من مراقبة تحركات الخصوم في الوقت الفعلي، واستطلاع الأراضي المعادية، وتحسين الوعي الميداني.
الاستجابة للكوارث الطبيعية: تقديم صور فضائية سريعة لتقييم الأضرار وتنسيق جهود الإغاثة في حالات الكوارث الطبيعية.
الاستخبارات الجغرافية ورسم الخرائط: تحسين دقة الخرائط الوطنية والعالمية عبر استخدام تقنيات الاستشعار الجغرافي.
مراقبة البيئة: تتبع التغيرات المناخية، وإزالة الغابات، والتأثيرات البيئية في مختلف أنحاء العالم.
تعزيز قدرات الفضاء العسكري البريطاني في مواجهة التهديدات الحديثة
يعكس إطلاق أوبيرون واستمرار تشغيل تيكي استثمارات المملكة المتحدة المتزايدة في القدرات الفضائية العسكرية، في وقت تزداد فيه تعقيدات التهديدات العالمية، ويلجأ الخصوم إلى التقنيات الفضائية لتعزيز قدراتهم. ومن خلال تطوير بنية تحتية فضائية متقدمة، تسعى بريطانيا إلى الحفاظ على موقعها في طليعة عمليات الدفاع والاستخبارات الفضائية.
يمثل إطلاق أوبيرون في عام 2026 خطوة كبيرة نحو تحقيق الإمكانات الكاملة لبرنامج "إيستاري"، مما يعزز قدرة المملكة المتحدة على تنفيذ مهام استخباراتية استراتيجية، والاستجابة للتهديدات الناشئة، والمساهمة في الأمن العالمي.
مع كشف قيادة الفضاء البريطانية عن أولى صور "تيكي" واقتراب موعد إطلاق أوبيرون، يواصل برنامج "إيستاري" التطور بسرعة، مما يؤكد التزام المملكة المتحدة باستخدام تكنولوجيا الفضاء لدعم الأمن القومي وجمع المعلومات الاستخباراتية.
استراتيجية المملكة المتحدة لتعزيز الهيمنة الفضائية الدفاعية
في ظل التحولات المستمرة في مجال الدفاع الفضائي، يتزايد التنافس بين الدول على تطوير تقنيات ISR لتعزيز الأمن القومي. ومن خلال هذا التوسع الاستراتيجي في القدرات الفضائية، تضع بريطانيا نفسها بين الدول الرائدة عالميا في عمليات الفضاء العسكري.
سيكون نجاح أوبيرون والأقمار الصناعية المستقبلية عاملاً حاسمًا في تشكيل مستقبل الاستراتيجية الدفاعية البريطانية خلال العقد القادم، مما يضمن التفوق التكنولوجي في مواجهة التحديات الأمنية المتزايدة.